ارشيف من :مقالات
تعديل وزاري في تونس ’يحشر’ الرئيس في الزاوية
رأى خبراء ومحللون متخصصون في الشأن التونسي أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد بإعلانه عن تركيبة حكومته بشكلها الجديد، أي بعد التحوير الكبير الذي طالها، يكون قد وجه رصاصة الرحمة لساكن قرطاج رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي. فالأخير يرغب منذ مدة في إزاحة الأول لكن كتلة حركة "نداء تونس" النيابية التي كان يعتمد عليها قائد السبسي تشتتت، وحليفته "حركة النهضة" انفضت من حوله وتخندقت في صف الشاهد.
وقد علق البعض على ما حصل في تونس بالقول إن الخضراء تعيش حالة فريدة من نوعها تتمثل في أن رئيس جمهورية منتخب بالإقتراع المباشر من قبل الشعب وعلى دورتين أصبح في صف المعارضة بمعية الشق الموالي له من أبناء حزبه. ويبدو أن الحال سيستمر إلى حين إجراء الإنتخابات الرئاسية والتشريعية العام القادم لأن البرلمان وحده من يمتلك صلاحية إجهاض هذه التعديلات في الحكومة وليس رئيس الجمهورية.
تزكية مضمونة
يبدو أن الشاهد يسير بخطى ثابتة نحو نيل تزكية مجلس النواب لتركيبته الحكومية الجديدة باعتبار أنه باتت لديه كتلة مشكلة من الغاضبين من أبناء حركة "نداء تونس" من نجل رئيس الجمهورية ونواب كانوا ينتمون إلى أحزاب أخرى. كما أن كتلة "حركة النهضة" مساندة ليوسف الشاهد وستصوت لصالح منح الثقة للوزراء الجدد غير عابئة بحليف الأمس القريب رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي يبدو أن هناك رغبة في حشره في الزاوية.
وللإشارة، فإن أحد مستشاري رئاسة الجمهورية علق على التركيبة الحكومية الجديدة بالقول بأنها حكومة حركة النهضة وهو الإنطباع السائد لدى غالبية التونسيين باعتبار تشكلها من عدد معتبر من "أصدقاء الحركة" بالإضافة إلى أبنائها. في المقابل يرى البعض أن صاحب القصبة ورغم صغر سنه، داهية سياسية وهو ما جعل "حركة النهضة" تنساق وراءه بحثا عن شريك خاصة أنه تمكن من تشكيل كتلة نيابية هامة وسار على دربه عدد هام من أبناء حزبه.
تقاعد مبكر
في هذا الإطار، يرى الناشط السياسي والحقوقي التونسي عادل الدغاري في حديثه لموقع "العهد" الإخباري أن "ما حصل من تعديل وزاري دون موافقة رئيس الجمهورية هو صفعة حقيقية للمتربع على عرش قرطاج ورغبة في إحالته مبكرا على التقاعد رغم أن ولايته لم تنته بعد". لكن ذلك لا يمنع من القول، و بحسب محدثنا، أن "هناك أوراقا أخرى يمكن أن يلعبها الباجي ويضغط من خلالها على حركة النهضة وحلفائها على غرار ملف التنظيم السري للحركة الذي يتم الخوض فيه إعلاميا بدفع على ما يبدو من القصر".
يضيف الدغاري "المشكلة ليست في من يحسم هذا الصراع في هذه الأزمة السياسية المفتعلة، المشكلة هي هذه الدولة التونسية التي تستهدف في الصميم وسيتضرر أمنها واقتصادها من هذه الخلافات"، داعياً الجميع الى "البحث عن التوافق من خلال التوفيق بين مختلف الفرقاء السياسيين لأن تونس لم تعد تحتمل وحالها يزداد سوءًا".