ارشيف من :مقالات
حلم الكهرباء في لبنان: ابحثوا عن الطاقة المتجددة
لبنان بلد مهدد بالعتمة في وقت تتنافس فيه بعض البلدان على نسبة الطاقة المتجددة ومصدرها الكهرباء.
تتربع آيسلاند على عرش المركز الأول فهي تولد أكثر الكهرباء نظافة لكل شخص على وجه الأرض، فما يقرب 100 ٪ من طاقتها مصدره الطاقة المتجددة محققة بذلك أقصى استفادة من المصادر الطبيعية. تليها السويد فكوستريكا. ولعل أبرز ما يمكن ملاحظته هو محاولة المغرب الانضمام الى هذه البلاد من خلال استثمارها بانتاج الطاقة النظيفة عبر بناء أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم والتي افتتحت مؤخرًا في البلاد بالتعاون مع منشآتها لإنتاج الرياح والطاقة المائية. ومن المتوقع أن ينتج البلد العربي طاقة تكفي لأكثر من مليون أسرة مغربية.
وعلى ضفة بلدنا، يعاني اللبنانيون غيابا شبه دائم للكهرباء ما يشكل مصدراً رئيسيا للاضطراب الاجتماعي والمالي. ففشل شركة كهرباء لبنان في توفير الطاقة الكافية منذ التسعينات وعدم قدرة الحكومات المتتالية على حل هذه الازمة ان على صعيد إعادة التأهيل أو المضي في خطة الخصخصة أدى الى حلول السوق على شكل المولدات الخاصة، توليد الكهرباء الموحّد، أوالاستثمار في طاقات بديلة.
فقدرة شركة كهرباء لبنان لتوليد الكهرباء تبلغ 1800 ميجاواط، مما يترك فجوة مع الطلب الفعلي بحوالي 1600 ميغاواط، والذي يتم تعبئته حاليًا بواسطة مولدات خاصة غير منظمة.
وبالغوص بأهمية الكهرباء، فإن صناعة الطاقة تساهم في النمو الاقتصادي بطريقتين.
أولاً، الطاقة هي قطاع هام من الاقتصاد يخلق الوظائف والعوائد من خلال استخراج وتحويل وتوزيع سلع وخدمات الطاقة في جميع أنحاء الاقتصاد.
ثانيا: تدعم الطاقة بقية الاقتصاد. فهي مدخلات لجميع السلع والخدمات تقريبًا. في كثير من البلدان، عادة ما يكون تدفق الطاقة أمرًا مفروغًا منه. لكن صدمات الأسعار وانقطاع الإمدادات يمكن أن يهز اقتصادات بأكملها. بالنسبة للبلدان التي تواجه نقصًا مزمنًا في الكهرباء مثل لبنان، فإن الاضطرابات المستمرة تسبب خسائر ثقيلة ومستمرة.
وبالنظر الى حصة تمويل الكهرباء من الدين العام فنراها خيالية، اذ انه رغم الفشل بتغطية الفجوة بين العرض والطلب لصالح الطلب تحتل الكهرباء النسبة الاعلى من النفقات الحكومية التي تستدين الدولة لاجل تغطيتها لتحتل نسبة 19% من ميزانية الدولة بقيمة 1.4 مليار دولار في عام 2015 وقد وصلت الى 1.8 مليار دولار عام 2016 .
علاوة على ذلك، ان الكلفة الباهظة للكهرباء في لبنان نظراً لاضطرار المنتجين لدفع أكثر من فاتورة يقف في وجه الاستثمار الصناعي او الخدماتي. فالكهرباء تشكل عائق أمام النمو الاقتصادي إن على حساب دراسة الجدوى الاقتصادية لكل مشروع، المبنية على القدرة التنافسية في السوق الخارجية أو تلك المبنية على الكلفة والربح في السوق الداخلية. اضافة الى ذلك، فإن المستهلك اللبناني يعاني من بذل كبير من عوائده على فاتورة الكهرباء مما يقف عائقا أمام استهلاكه خدمات أو سلعاً أخرى.
فالطلب على الكهرباء من الصناعات اللبنانية خلال السنوات القليلة الماضية مستقر ويقدر استخدام القطاع الصناعي للكهرباء بحوالي 60٪ من إجمالي الاستهلاك. وهذا لا ينفي اعتماد المصنعين الكبار على المولدات الخاصة بهم لضمان وجود تيار مستمر. فالخسائر من الكهرباء المتقطعة، وهيكل التعريفات للمولدات الخاصة، ومشروعات الاكتفاء الذاتي، جميعها تشدد هوامش الربح، وتسهم في فقدان القدرة التنافسية في التسعير والصادرات.
وبدلاً من العمل على حل مشاكل الكهرباء، تقوم الحكومة باستنزاف التمويل السنوي غير المحدود لأكثر من 90٪ من مشتريات شركة الكهرباء للوقود مقابل فاتورة تبلغ 1.8 مليار دولار. المواطنون اللبنانيون يعانون على كل الأصعدة وهذا مرتبط بشكل أو بآخر بالعجز الحاصل في قطاع الكهرباء.
وفي ظل هذا الاستنزاف لأموال الدولة وغياب الكهرباء المؤثر سلبا على كل القطاعات تعمد الدولة على المزيد من الاستنزاف والدين بدلا من اللجوء إلى الطاقة المتجددة والتي تتنافس عليها الدول. الأزمة موجودة والحل واضح: إنه الطاقة المتجددة لتستمد الدولة كل طاقتها من الكهرباء والتدفئة المنزلية من محطات الطاقة الحرارية الأرضية والطاقة الكهرومائية. ومحطات الطاقة المتجددة تحتاج الى دراسة علمية تليها دراسة جدوى لكل اقتراح لتنتهي أزمة الكهرباء بكوننا بلداً منتجاً للكهرباء النظيفة.
وإذا ما استطاعت نيوزيلاندا أن تحقق نسبة 100% فلنعمل على تحقيق سدّ العجز مبدئيا من خلال الطاقة النظيفة لتكون حجر الأساس لبنية تحتية ملائمة للنمو الاقتصادي.