ارشيف من :نقاط على الحروف
أحمد قصير: اللحظات الأخيرة قبل العروج
كان صاحب الفكرة وحقق فرحته بقهر الصهاينة
ماذا فعل أحمد قبل التنفيذ؟ وما هي الظروف التي رافقت العملية؟
"هذه البناية لا تنفع معها الرشاشات والقذائف الصاروخية وإنما تحتاج إلى شيء يدمرها بالكامل".
هذه الكلمات أسرّها الشهيد أحمد قصير إلى احد أصدقائه أثناء مرورهما ذات مرة قرب بناية عزمي في منطقة جل البحر في صور، حيث كان مقر الحاكم العسكري الصهيوني، وهي كانت بمثابة فكرة تراوده منذ احتلال العدو الصهيوني لجنوب لبنان في حزيران/ يونيو 1982، ونضجت هذه الفكرة لتصبح طرحاً قدمه إلى مسؤولي المقاومة الإسلامية، ليفجر نفسه ببناية عزمي بالذات وليصبح فاتحاً لهذا العهد وأميراً للاستشهاديين.
ومن مواقفه أيضاً التي كان يطلقها كلما رأى طائرات العدو تستبيح سماء الجنوب " سيأتي يومكم قريباً إن شاء الله".
وهكذا بدأ أحمد يعد لهزيمة سينزلها باليهود، وكان يستعجل الأمور خوفاً من أن تفوته الفرصة، دون ان تبدو أي تغيرات في تصرفه ودون أن يتغير أي شيء يدل على انه ماض إلى الشهادة.
وبحسب ما يصفه مقربون فإنه كان فرحاً بشوشاً لا احد يتصور أن داخل هذ االشاب روح الاستشهاد، وفي الوقت نفسه كان يواظب على العبادات ولا سيما قراءة القرآن وصلاة الليل.
لم يعرفه احد الا وتحدث عن صبر وجلد، وكما يروي البعض فإنه مكث قبل أسبوعين من تنفيذ العملية في أحد المنازل وحده، ولظروف امنية كان لا يستطيع إشعال التدفئة أو حتى النور، ورغم ذلك فإنه تحمل البرد القارس والظلام القاتم، وهو يناجي ربه أن يحقق له النصر والشهادة.
وهكذا كان حتى آخر ليلة، حيث قضاها بالعبادة، ومع اقتراب الفحر اغتسل غسل الشهادة، ولضرورات التنفيذ لم يتمكن من صلاة الصبح إلا في السيارة التي سارت نحو الهدف يقودها عزم احمد وإيمانه.
ولأن لله رجالاً إذا ارادوا أراد، كان للعناية الإلهية الدور الاول في سقوط هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى الصهاينة، حيث تأجلت العملية يومين عن موعد تنفيذها لأسباب عدة، وليلة التنفيذ هطلت الامطار بغزارة كبيرة، ما دفع جميع الجنود الصهاينة الذين كانوا في الخيم المنتشرة في محيط بناية عزمي إلى الاحتماء من الامطار داخل البناية وباتوا ليلتهم فيها حيث لم يغادروها إلا جثثاً هامدة وأشلاء ممزقة.
ومن المصادفات التي كانت برعاية الله عز وجل انه قبل أيام من العملية عمد الصهاينة إلى نقل المعتقلين اللبنانيين إلى سطح المبنى بعد أن سيجوه بالأسلاك، واتخذوه سجناً بدل ذلك الذي كان في احد الطوابق، وعند الانفجار تهدمت البناية وأصبح السطح على مستوى الأرض حيث بقي المعتقلون اللبنانيون سالمين من أي أذى ولاذوا بالفرار إلى الحرية من جديد، باستثناء من كان منهم في غرف التحقيق فقد قضوا شهداء.
انطلق احمد قصير بسيارته على مهل وبثقة كاملة وجرأة كبيرة، وقبل لحظات من وصوله قام أحد الجنود الصهاينة بنقل آلية من نوع "كمنكار" كانت متوقفة قبالة المدخل الرئيسي الذي كان مقرراً أن يدخله الشهيد بسيارته، كما قام جندي آخر بقتح الباب الجرار، لتفتح الشهادة ابوابها لأحمد دون اي عثرة، وليمرغ أنف اليهود في الوحل بعد ان كانوا أسطورة لا تُقهر.
وهكذا تمت فرحة احمد التي كان يتمناها ويقول " فرحتي الكبيرة بأني إن شاء الله سألحق بهؤلاء اليهود الأذية كما ألحقوا بكرامتنا وشعبنا الأذى".
سمير علامة