ارشيف من :مقالات
تمثيل ’اللقاء التشاوري’ بين بركة عون وحركة باسيل
لا يُمانع نواب "اللقاء التشاوري" في الذهاب بعيداً للدفاع عن حقهم بالتمثل في الحكومة. يؤمن هؤلاء وبقناعة تامة أنّ الدخول الى الحكومة "حق مكتسب" لا يتسولونه. هو ليس منة من أحد ولا يمكن السكوت على سلبه لأنّ "الساكت عن الحق شيطان أخرس". المسألة بنظرهم واضحة وضوح الشمس ولا تحتاج الى دراسة. القاعدة التي بنوا عليها إصرارهم بسيطة وتكمن في دليل الأرقام الانتخابية. يتحدّث هؤلاء بواقعية، فيُشددون على أنهم ليسوا أصحاب نظرية "التمثل في الحكومة". مبتكر هذه النظرية هو الشعب صاحب السلطات، وصاحب الكلمة الأولى والأخيرة. الشعب الذي يصم رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري أذنيه حياله، ولا يعير أي اهتمام لأصواته التي أوصلت "اللقاء التشاوري" الى البرلمان.
لا مبالاة الحريري وعناده، لم تزد "اللقاء التشاوري" سوى إصراراً على التمسك بحقه. اللقاء الأخير الذي عقد الأربعاء الماضي في دارة رئيس حزب "الاتحاد" النائب عبدالرحيم مراد مهّد للانتقال الى مرحلة التحرك السياسي الفعال، فكان قرار بالقيام بجولة لقاءات تجمعهم بسياسيين ورجال دين، تُعرض خلالها وجهة نظر اللقاء من ألفها الى يائها. البداية لا بد أن تكون من بعبدا. سارع "اللقاء التشاوري" للاتصال نهار الخميس بدوائر القصر الجمهوري للاتفاق على موعد يجمعهم برئيس الجمهورية العماد ميشال عون. الاجابة أتت على وجه السرعة. الرئيس عون يُرحب بكم، والموعد عند الثالثة من يوم الجمعة. فكيف كانت أجواء اللقاء، وهل ساهمت في كسر الجليد الحكومي؟.
سرعة في التلبية ولقاء ودي
يصف رئيس حزب "الاتحاد" النائب عبدالرحيم مراد اللقاء بالودي للغاية. يُعلّق على السرعة في تلبية الطلب، فيضعها في خانة الايجابية المعتادة من الرئيس عون. يلفت مراد الى أنّ اللقاء وضع فخامة الرئيس في وجهة نظره، معوّلاً على حكمته، انطلاقاً من الاتفاق الذي جرى بينه وبين الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة وفقاً لنتائج الانتخابات النيابية، ومعيار "كل أربعة نواب وزير". في الاجتماع، كرّر "اللقاء التشاوري" ما قاله سابقاً لجهة فوز 10 نواب سنة مستقلين من أصل 27 نائباً في البرلمان، فسأل: كيف يمكن منع هؤلاء من التمثل في الحكومة، وهم يشكلون حوالى 37 بالمئة من نسبة السنة في البرلمان؟.
اللقاء الذي استمر حوالى 45 دقيقة، قال الحاضرون للرئيس عون: أنت سيد نظرية الميثاقية التي تُحرّم تمثيل الطائفة عبر فريق واحد أو حزب واحد، وما جرى مع النائب طلال ارسلان خير دليل على ذلك. وهذه الميثاقية سرت على جميع الطوائف باستثناء الطائفة السنية التي لا يزال يحتكرها "تيار المستقبل". الرئيس عون كان متفهماً جداً، وفق ما يؤكد مراد، وعبّر عن فرحته بالخطاب الهادئ الذي يمثله "اللقاء التشاوري" بعيداً عن التصعيد، وأكّد لهم أنه كلّف وزير الخارجية جبران باسيل -كما بات معلوماً- بحل قضية تمثيل النواب المستقلين في الحكومة. وهي المسألة التي شكّلت مدار بحث خلال اللقاء الذي جمع ليل السبت الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله برئيس "التيار الوطني الحر"، والتي من المفترض أن تسير نحو الحل، وفق ما تؤكد أوساط بعبدا للعهد.
لا للاستئثار
عضو "اللقاء التشاوري" النائب عدنان الطرابلسي يجد أنه كان من الضروري جداً إيصال وجهة نظرنا الى فخامة الرئيس، لإطلاعه على جوهر الأمور. يؤكّد أنّ اللقاء في بعبدا كان ممتازاً. الرئيس عون كان مستمعاً جيداً وأبدى تفهمه الواضح لمطلبنا، وسط أجواء مريحة جداً. يوضح الطرابلسي أن كل نائب عرض وجهة نظره انطلاقاً من كلام رئيس الجمهورية بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها كل القوى السياسية. الحاضرون لم يجدوا من الرئيس عون سوى كل تفهم بضرورة أن يكون لهؤلاء المستقلين السنة وزيراً في الحكومة. تماماً كما كرّر مواقفه الرافضة لأي استئثار أو احتكار، والداعية الى ضرورة تمثيل الجميع تبعاً لنتائج الانتخابات النيابية.
كما نوّه الحاضرون بالتطور المهم الذي جرى في عهد الرئيس عون والذي تمثل في انتخابات نيابية على أساس النسبية بعد عقود من المعاناة إثر احتكار بعض القوى السياسية السلطة، ما عبّد الطريق أمام تمثيل المبعدين قصراً في كل المناطق، وخصوصاً بيروت، مركز القرار. وهنا شرح الطرابلسي أمام عون كيف كانت بيروت مقيّدة لسنوات، وفُكّ أسرها إبان القانون الجديد، مستعيناً بتجربته الشخصية التي أضحى فيها نائباً، وفاز بالمرتبة الثانية بعد الرئيس المكلف من حيث الأصوات التفضيلية السنية، والمرتبة الأولى على كل الطوائف على مستوى المغتربين. وهنا يسأل، ألا يحق لهذه الأصوات أن ننظر اليها باهتمام؟. يُكرّر الطرابلسي أحقية مطلب "اللقاء التشاوري"، ويُشدّد على أنه يمثل الخط العربي الداعم للمقاومة التي رفعت رأس الأمة، مشيراً الى أن اللقاء لا يريد سوى مصلحة لبنان ونجاح العهد للنظر في الملفات الاقتصادية والمالية والاجتماعيةالداهمة.
بدوره، عضو "اللقاء التشاوري" النائب قاسم هاشم يؤكّد ما قاله زملاؤه لجهة إيجابية وودية اللقاء الذي يصفه بالواقعي. يتمسّك برفض الرئيس عون لأي استئثار أو احتكار داخل السلطة، ليؤكّد أحقية مطلب "اللقاء التشاوري"، مستنداً الى نتائج الانتخابات النيابية التي جرت لأول مرة على أساس النسبية.