ارشيف من :نقاط على الحروف

فلسطين إلى دائرة الضوء.. بدماء الشهداء

فلسطين إلى دائرة الضوء.. بدماء الشهداء

تستقطب غزة اليوم انتباه العالم من خلال مسيرات العودة الأسبوعية في كل جمعة، والتي استطاعت أن تتجاوز المغريات التي ظن العدو الصهيوني أنه بإغراء أهلها في الأشهر الماضية بتوسيع مجال الصيد البحري أمام الصيادين أو من خلال الإفراج عن المخصصات المالية التي تحتجزها سلطات الاحتلال، يمكن خداع الفلسطينيين ويستطيع شراء صمتهم، ولكن ذلك لم ينجح.

ولكن ما الذي يحدث اليوم في غزة؟ ولماذا الآن؟

التوقيت جاء بحس الحاجة الإستخبارية الصهيونية وهو لا يخضع في الحقيقة لأي معايير سياسية، ولكن من الواضح أن جمعات العودة وسقوط المزيد من الشهداء المدنيين جراء الإجراءات القمعية الإسرائيلية، التي لم يعد الصهيوني قادراً على تبريرها أمام الرأي العام العالمي، وبات اليوم يقف ضد الإجراءات العنصرية التي ينتهجها الإحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. والأمر الثاني، عندما خطب الرئيس الأميركي أمام "زعماء اليهود" منذ شهرين وصرح بأنه منح جميع التسهيلات لـ"إسرائيل" من أجل إعلان الدولة اليهودية وعاصمتها القدس ومن خلال إعلانه أن اللاجئين هم من خرجوا في العام 1948 وليس أبناؤهم أو أحفادهم، والدفع نحو توطين الفلسطينيين في بلاد اللجوء، وإيقاف مساعدات الأونروا.. ما شكل الضوء الاخضر لقوات الاحتلال لمحاولة تنفيذ عملية خطف القيادي في القسام مروان عيسى وتنفيذ جريمة اغتيال الشهداء السبعة في خان يونس.
اليوم عندما تدوي صفارات الإنذار الإسرائيلية في باقي المدن الفلسطينية وفي المستوطنات الإسرائيلية وتفتح الملاجئ فيها، وهذا مؤداه أن "إسرائيل" باتت تخاف من توسع نطاق الحرب على أراضيها وهو ما تهدد به الفصائل الفلسطينية: تكثيف عمق وكثافة الرد على العدوان الإسرائيلي. حيث أطلقت المقاومة الفلسطينية غرفة عمليات مشتركة، وهو أمر يبشر بتماسك المقاومة في فلسطين واعلان بحد ذاته أن استباحة العدوان لغزة لم تعد أمراً وارداً. هذه الحقائق ستتأكد في كل يوم تصمد فيه المقاومة وسينعكس في الحقيقة على مقدرة الحكام العرب في الإصطفاف من أجل التطبيع مع "اسرائيل"، ومن يؤكد ثبات هذه المعادلات هو الميدان، المكان الذي تكتب فيه المواقف السياسية. وهذا الدرس، الذي تعلمه الإسرائيليون ومن خلفهم في لبنان وسوريا واليوم سيتعلمونه في فلسطين، التي يحاولون فيها تعويض خيباتهم المتلاحقة، وهذا الكلام أثبتته التجارب.

 ترافق تسلل القوة الاسرائيلية الخاصة إلى قلب القطاع مع تهديدات رئيس وزراء العدو نتنياهو بقصف لبنان. وقد رد الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في يوم شهيد حزب الله عليه بتأكيد حتمية الرد بالثلاثة على أي هجوم. ويبدو أن الإسرائيليين يحاولون جاهدين إثبات أنهم ما يزالون قادرين على القيام بعمليات ناجحة. إن الفشل الإسرائيلي المستمر في إحراز نتائج على الأرض سيكون له دلالات مبشرة على مسيرة الصراع مع هذا العدو. هذا مع العلم أن الحقائق التي تكشفت تشير إلى أن "إسرائيل" في مختلف الحروب التي شنتها على العرب لم تكن يوماً وحدها، لقد ترافقت دائماً مع دعم أمريكي وبريطاني وفرنسي مباشر. واليوم والسؤال المطروح هنا هو: كم سيبقى هذا الثلاثي متفرجاً قبل أن يتدخل من أجل إنقاذ الإسرائيلي من الورطة الجديدة التي أدخل نفسه بها؟ وهل سيسمح الثلاثي، الذي لا بد أن كلاً من الأميركيين والبريطانيين كانوا يعلمون بالنيات الإسرائيلية المبيته في غزة، السماح لموسكو بالتدخل من أجل التهدئة؟ لأن أياً من الثلاثة لم يعد يتمتع بأي مصداقية عند الفلسطيني!

استمرار المواجهات في غزة وصمودها كما صمدت في عدوان العام 2008- 2009 وفي العام 2012 ومن ثم في 2014، وكما تصمد اليوم بمواجهة الحصار أدخل كلاً من بنيامين نتنياهو والقيادتين العسكرية والسياسية الصهيونية في خندق لا نهاية له، حفروه بأيديهم، والذي سيؤدي إلى احدى النتائج التالية: إما السعي وراء مخرج يعتقدون من خلاله أنه تم حفظ ماء الوجه، وهذا ما يمكن لمصر وقطر أن تؤمناه لهم. والخيار الثاني، مواصلة القتال حتى تنهك غزة اذا استطاعوا.. وهذا لن يكون، وإما الإستسلام كما في المرات السابقة. ولكن هذه المرة كما المرات السابقة غزة ليست وحدها، وهذا الكلام يؤكده أصدقاء فلسطين في كل مرة. وهذه المرة غزة تحارب الصهيونية على طريقتها، تقصف مستعمراتهم وتقض مضاجع مستوطناتهم. وبالتالي ستعلمهم أنه لن يكون بإمكان "اسرائيل" الإستمرار أمام صمودها الإسطوري كما في كل مرة.

2018-11-13