ارشيف من :أخبار لبنانية
لا حكومة في الأفق.. والحل بانتظار نتائج مساعي باسيل
الأزمة الحكومية مستمرة، لكن بوجه جديد.. هذا ما تمخض عنه المؤتمر الصحفي للرئيس المكلف سعد الحريري بالأمس، حيث حاول الرد على المواقف الأخيرة للأمين العام لحزب الله مصعّدًا، دون اقفال الباب نهائيا أمام حلول قد تكون مفاتيحها بيد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، ومدى تسارع تحركاته على أكثر من جبهة للوصول إلى تسوية تؤدي لولادة التشكيلة الحكومية العتيدة.
"الأخبار": حزب الله ينتظر مسعى باسيل
اعتبرت صحيفة "ألأخبار" أن رد الرئيس سعد الحريري على خطاب الأمين العام لحزب الله لم يكن بالقدر المتوقع من التصعيد. على العكس من ذلك، لم يقفل الحريري الباب أمام حل الأزمة الحكومية. وفيما استمرت الولايات المتحدة بمسارها التصعيدي في العقوبات ضد حزب الله، ينتظر الأخير مسعى الوزير جبران باسيل لحل عقدة توزير حلفائه.
دخلت الأزمة الحكومية مرحلة جديدة من التعقيد، مع إصرار الأطراف السياسية على مواقفها، ولا سيّما بعد تأكيد الرئيس المكلف سعد الحريري أمس رفضه توزير النواب السُّنة المستقلين، ورغم أنه ترك الباب مفتوحاً أمام الحل من خلال عدم رفعه مستوى التصعيد إلى حيث كانت «تبشّر» وسائل إعلامه منذ خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم السبت الفائت. لكن النقطة السلبية في كلام الحريري ظهرت من خلال «سوء فهمه» (المتعمّد؟) لخطاب نصرالله، وتحديداً، حين قال الأمين العام لحزب الله «ما بتعرفونا»، في إشارة منه إلى وفاء الحزب لحلفائه، بينما أخذ الرئيس المكلّف هذه العبارة على محمل التهديد. ولا يتوقع من الحزب الذي تعامل بإيجابية مع مسار تأليف الحكومة، وسبق أن أصرّ طوال خمسة أشهر على عدم إحراج الحريري، أن يكون معنياً بالرد على خطاب رئيس تيار المستقبل، ولا على أخذ النقاش السياسي نحو التصعيد، معوّلاً على مسعى وزير الخارجية جبران باسيل.
الأخير، استمر لليوم الثاني على التوالي بجولته على القوى السياسية، فزار أمس النائب السابق وليد جنبلاط، واكتفى بالقول بعد اللقاء: «صحيح أن النبرة كانت عالية، ولكن المضمون إيجابي في مسيرة تأليف الحكومة». إلّا أن مصادر للتيار الوطني الحرّ، مطلعة على جولة باسيل، قالت لـ«الأخبار» إن «السقوف عالية، ولكن الأبواب ليست مغلقة». وأكدت المصادر أن باسيل سيلتقي اليوم مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وبعدها سيلتقي البطريرك الماروني بشارة الراعي، إضافة إلى لقاءات أخرى بعيداً من الإعلام.
على المقلب الآخر، دخل الرئيس فؤاد السنيورة على خطّ التوتير، وعاد إلى نغمة الخطابات التوتيرية القديمة، رافعاً السقف ضد حزب الله، في محاولة أيضاً للتصويب على خلاف بين الحزب والرئيس ميشال عون، من خلفية التقارب بين عون والحريري في وجهات النظر. وفي حديث لتلفزيون «العربية» السعودي، قال السنيورة إن «تنازلات الحريري استغلها البعض لبسط سلطته وزيادة عنفوانه وتمدده في لبنان وسيطرته على الدولة، وبالتالي صار بحكم الأمر الواقع هناك دولتان ضمن دولة»، مضيفاً: «لم يعد بإمكان اللبنانيين أن يقبلوا بما يسمى وجود دولة داخل دولة». وقال إن «هذه الشروط المفتعلة الجديدة التي يتقدم بها حزب الله لإيقاف وتعطيل عملية تأليف الحكومة ليست فقط موجهة ضد الرئيس المكلف، بل أيضاً ضد رئيس الجمهورية».
من جهة ثانية، وفي سياق استمرارها بسياسة الضغوط والعقوبات على فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية واستهدافها حزب الله، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أمس تصنيف ابن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، جواد نصرالله، «إرهابياً عالمياً». ووصف بيان الوزارة نصرالله بأنه «القائد الصاعد» للحزب، مشيرةً إلى أنه خلال السنوات الأخيرة جنّد أشخاصاً لشنّ هجمات على إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة. كذلك أضافت الخارجية الأميركية تنظيم «كتائب المجاهدين في الأراضي الفلسطينية» إلى قائمة «المنظمات الإرهابية العالمية»، مدعية ارتباطه بحزب الله.
"البناء": الحريري يتلاعب بالأرقام النيابية ليحمّل حزب الله مسؤولية تعطيل الحكومة
من جهتها، قالت "البناء" إن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري حاول تبرير تشكيلته الحكومية، ووصف طلب تمثيل سنة الثامن من آذار بوزير في الحكومة افتعالاً لمشكلة، متهماَ حزب الله بتعطيل تشكيل الحكومة، وقد ردّ مصدر في الثامن من آذار على كلام الحريري بالقول، لقد تلاعب الحريري بالأرقام حول تمثيل الكتل النيابية في الحكومة، وبالرغم من أننا نستطيع ويحق لنا أن نضع 14 آذار التي نالت 12 وزيراً مقابل 8 آذار التي نالت 7 وزراء فقط، وكل منهما تملك تمثيلاً نيابياً بحجم متساوٍ 44 لـ 14 آذار و45 لـ 8 آذار إلا أننا سنسير مع معادلات الحريري نفسها ونقبل رفضه تمثيل نواب موجودين في كتل تمثّلت في الحكومة، لنطلب المساواة بين معيار تمثيل القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل من جهة، وكل من تحالف حركة أمل وحزب الله وتيار المردة من جهة أخرى.
وقال المصدر إذا اعتبرنا أن الحريري حجز مقعداً وزارياً لوزير يسمّيه كرئيس حكومة أو اعتبر رئاسته للحكومة خارج الاحتساب للحصص فيكون مقابل كل 4 نواب نالت القوات 4 وزراء ونال الاشتراكي وزيرين ونال المستقبل 5 وزراء، وإذا تابعنا قواعد الحريري ذاتها، يصير حق كتلة النائب السابق سليمان فرنجية الممثلة بـ7 نواب يرفض الحريري احتساب السنة من بينهم ضمن كتلة اللقاء التشاوري، كي لا يتمثل النائب مرتين كما قال، أن تتمثل بوزيرين وهي منحت مقعداً وزارياً مسيحياً ويبقى لها الحق بمقعد وزاري سني، وكذلك حصة حركة أمل وحزب الله مقابل 30 نائباً هي 7 وزراء ولم تنل منهم إلا ستة، ويبقى لها وزير سابع سني، مقابل حضورها بنواب سنّة رفض الحريري أن يتمثلوا مرتين طالما كتلهم ممثلة.
ختم المصدر في 8 آذار إذا أراد الحريري عدم الاعتراف باللقاء التشاوري لا مشكلة، فليمنح تحالف أمل وحزب الله حق تسمية وزير سني إضافة لوزرائه الشيعة الستة وليمنح التكتل الوطني الذي يضمّ تيار المردة والنائب فريد الخازن والنائب مصطفى الحسيني والنائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد، وزيرين مسيحي وسني مقابل 7 نواب لا يحق تمثيلهم مرتين كما قال الحريري، ورفض التمثيل مرتين يستدعي أن يمثلهم الحريري مرة أولى وهو لم يفعل بعد، فليفعل وتسقط المطالبة بتمثيلهم مرة أخرى بالتأكيد.
جهد أمس، الرئيس المكلّف سعد الحريري بالشكل ليضع نفسه في موقع المدافع عن حقوق طائفته وإن كان قد بالغ بذلك. حاول الحريري ممارسة الندية وربط النزاع مع حزب الله بعيداً عن الاستفزاز، فهو لم يكن قاسياً بالتعرّض له، وإن كان حاول أن يكون في موقع الذي يردّ على الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من دون أن يسمّيه في ما خصّ مسار التفاوض بشأن توزير سنة 8 آذار.
"الجمهورية": لا حكومة قريبة
ومن وجهة نظر صحيفة "الجمهورية".. بَدا أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري ما زال يأمل في حصول اختراقات حكومية في اي لحظة، خصوصاً انّ الابواب مفتوحة على التواصل الهادئ بين الجهات المعنية بالتأليف. الّا انّ مصادر معنية قالت لـ«الجمهورية» انّ «الحكومة عالقة بين منطقين متناقضين، عَبّر عنهما السيّد نصرالله والرئيس المكلف، اللذين التقيا على أمر واحد، وهو أن لا حكومة في المدى المنظور، الا اذا حدثت معجزة حملتهما معاً الى التراجع والتنازل، او حملت أيّاً منهما على التسليم بمنطق الطرف الآخر».
وإذ استبعدت المصادر وجود هذه المعجزة او حتى ما يشبهها، ولو من بعيد، أكدت انّ الاتصالات التي ساهمت في تبريد نبرة التخاطب السياسي شاركَ بري في جانب أساسي منها، الّا انها لم تنجح في تضييق الفوارق الواسعة التي تحكم الازمة، والتي من الصعب التكهّن بالمدى السلبي الذي يمكن ان تبلغه فيما لو استعصى إيجاد حل قريب لها، خصوصاً انّ أجراس الخطر الاقتصادي تقرع بشدة اكثر من اي وقت مضى.
«حزب الله»
ولم يعلّق «حزب الله» على ما أورده الحريري، مؤكداً عبر مصادره انّ موقفه عبّر عنه أمينه العام، وانّ كرة المعالجة هي في يد الرئيس المكلف. وإذ نَفت هذه المصادر علمها بمخارج يجري طرحها لفتح الباب امام التأليف، إكتفت بالقول: «لقد أكد السيّد نصرالله اننا لسنا الجهة المعنية بمحاورتها حول مطالب نواب اللقاء التشاوري، فهم الجهة الصالحة والمعنية وحدها بهذا الموضوع، ونحن من جهتنا ندعم موقفهم، وما يوافقون عليه ويقررونه، نحن معهم فيه».
وفيما رفض الحريري توزير «سنّة 8 آذار»، مؤكداً أنه توافَقَ وميقاتي على توزير شخصية مشتركة بينهما، أكدت مصادر النواب السنّة الستة أنهم «ليسوا معنيين بهذه الشراكة بين الحريري وميقاتي».
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: «الامور حتى الآن لا تدعو الى الارتياح، فالوضع السياسي والحكومي في ذروة التأزم، والوضع الاقتصادي شهد اهتزازاً خطيراً في الايام الاخيرة، ونخشى ان يكون البلد قد دخل مرحلة العد التنازلي للسقوط الكبير».
وفيما يحرص باسيل على إحاطة تحرّكه بكتمان شديد، قالت مصادر مشاركة في مطبخ التأليف لـ«الجمهورية»: «إنّ حل العقدة المستجدة يتأتى من 3 مصادر، الاول ان يقبل الرئيس المكلف بتوزير احد نواب «سنّة 8 آذار»، وهو أمر محسوم لناحية رفض الحريري لهذا الامر. والثاني ان يرفع «حزب الله» يده عن هذه المسألة، وهو ايضاً أمر محسوم لناحية تأكيده أنه سيقف مع مطلب توزيرهم الى الابد. ويبقى المصدر الثالث، وهو رئيس الجمهورية، بحيث يأتي الحل على نحو يقبل فيه رئيس الجمهورية بتوزير أحد نواب «سنّة 8 آذار» من ضمن الحصة الرئاسية».
وعمّا اذا كان رئيس الجمهورية قد يوافق على هذا المخرج، قالت المصادر: «لو كان ثمّة قبول بهذا المخرج، لأعلن عنه منذ أن اشتدت الازمة، فضلاً عن أنه لم يبدر عن الرئاسة الاولى ما يوحي بأنها في هذا الوارد».
«التيّار الوطني الحر»
وكان باسيل قد زار أمس رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، على أن يزور مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان اليوم.
وفيما اكتفى باسيل بالقول بعد اللقاء: «صحيح ان ّالنبرة كانت عالية، لكنّ المضمون إيجابي في مسيرة تأليف الحكومة».
أوضحت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» انّ زيارة باسيل لجنبلاط جاءت في إطار متابعته المَسعى الذي يقوم به لتأليف الحكومة ودفعه الى الامام. وتمّ خلال اللقاء تبادل الأفكار في شأن الحلول الممكنة لحل العقدة الحكومية، في اعتبار انها ذات بُعد وطني، وجرى عرض الحلول الممكنة، وأكد الطرفان تثبيت العلاقة الثنائية بما يعزّز الاستقرار، خصوصاً في الجبل.