ارشيف من :مقالات

أكثر من 17 ألف إصابة جديدة في 2018..حان الوقت لنكافح ’السرطان’ معاً

أكثر من 17 ألف إصابة جديدة في 2018..حان الوقت لنكافح ’السرطان’ معاً

نحيلٌ جسدُها، وشعرها لم يعد كما كان ينسدلُ على كتفيها. وحدها تتألم في صورةٍ تفاعل معها المتصفحون على مواقع التواصل الاجتماعي، دون أن يخفف من حدة وجعها أحد. أطفالٌ كثر مثلها يعانون مما يسمّى "السرطان" أو "هيداك المرض". يبكون بصمت، أو يصرخون. كبارٌ أيضًا يكابدون. يحاولون انتشال أنفسهم من قبضة ذاك "المرض الخبيث."

 

ارتفاعٌ ملحوظٌ في عدد المصابين سُجّل عام 2018. 17 ألف مصابًا جديدًا وتسعة آلاف حالة وفاة من المرضى بحسب تقارير منظمة الصحة العالمية؛ التي أظهرت كذلك وجود 242 مصابًا بين كل 100 ألف لبناني. الأرقام تبدو صادمة، والحالات لازالت تتفاقم.

 

أسباب انتشار المرض بهذا الشكل في لبنان

ارتفاع عدد مرضى السرطان في لبنان يبدو ملموسًا بالنسبة لدكتور أمراض الدم والأورام معين فوعاني. فبناءً على تجربته، هناك إقبال أعلى للمرضى في عيادات أمراض الدم والأورام لاسيّما لحالات بأعمار صغيرة. ويبرر فوعاني ذلك باعتبار أنّ الأطفال باتوا أكثرعرضة للاصابة من البالغين أو كبار السن "فالخلايا التي في طور نموها تتعرض لكميات كبيرة من المسرطانات اليوم حيثُ تنشأ في بيئة ملوثة."

بعض الأمور تساهم في الحد من انتشار السرطان

إذًا فهذه البيئة الملوّثة من مياه وتربة وهواء، وتراكم النفايات العضوية وغير العضوية دون وجود مشاريع للحد من هذا التلوث، يعد سببًا مهمًا لانتشار السرطان "كذلك يشكّل التدخين الإرادي والسلبي، بالاضافة إلى نمط الحياة غير الصحي أهم الاسباب التي تساهم في انتشار المرض أيضًا"، يؤكد د.فوعاني.

مراكز وجمعيات للتوعية حول المرض

الواقع الملوث في لبنان يفرض نفسه بحسب فوعاني الذي يصف هذا الواقع "بالمرير". وهذا ما جعل العديد من المراكز والجمعيات تفعّل أساليب المعالجة والتوعية.

مركز سرطان الأطفال (CCCL) مثلاً، عالج حتى الآن أكثر من 1500 طفل مصاب بالسرطان وقدّم أكثر من 4500 استشارة طبية للمرضى في لبنان والمنطقة. المركز الذي يجهد منذ 16 عامًا من أجل الاهتمام بعلاج الأطفال المصابة يعتمد على التبرعات بدون أي تكلفة على والديهم. وهو يعالج حوالي 300 مريض كل عام في حين أن العلاج يستمر عادة لمدة 3 سنوات بتكلفة تبلغ في المتوسط 55,000 دولار أمريكي لكل مريض. ويقبل المركز أكثر من 120 حالة جديدة كل عام.

ولدى مركز سرطان الأطفال في لبنان (CCCL) مجموعة متنوعة من البرامج التوعوية، والأنشطة والمشاريع التي تُعنى بجمع التبرعات في سبيل علاج الأطفال المرضى. كما ويساهم في تأمين أفضل الطرق لمكافحة السرطان على المستويين الإقليمي والعالمي. كذلك يعطي المركز بالتعاون مع مستشفى سان جود والمركز الطبي في الجامعة الأمريكية في بيروت (AUBMC) أملاً للأطفال المصابين حيثُ يصل المعدل المتوسط للشفاء إلى حوالي 80%.

الوهم نصف الداء والاطمئنان نصف الدواء

تشارك جمعية مؤسسة الرباب عمل مركز سرطان الأطفال في لبنان بهدفها التوعوي. وهذا ما يشدد عليه رئيس المؤسسة الحاج حسن الحاج في حديثه لموقع "العهد". حيثُ تعمد الجمعية التي تأسست عام 2015 وباشرت عملها منذ عام واحد، إلى "تثقيف المريض بمرضه وأنواع العلاجات وكيفية الوقاية ما يساهم بشكل كبير في زيادة فرص الحياة لديه." كما وتسعى الجمعية إلى نشر التوعية في المدارس للتأثير في الجيل القادم كي يعتمدوا نمط حياة صحي. كذلك تقيم الجمعية عدة نشاطات بمشاركة الطلاب لنفس الغاية. وتهدف الأخيرة إلى خلق تأثير إيجابي في كل شخص يعاني من "السرطان" لتحفيز قدرته على التحدي وشعوره بالاطمئنان حتى الانتصار على المرض. إضافةً إلى أنّها تقوم بتوجيه عائلته ومحيطه وتعليمهم كيفية التعامل مع المصاب ودفعه للمواجهة بدلا من الاستسلام. ويشير الحاج إلى أنّه يتم التحضير لمشروع جديد تابع للمؤسسة في النبطية لدعم المرضى نفسيًا، بالتعاون مع اختصاصيين نفسيين وذوي الخبرة.

أساليب الوقاية

لا بدّ من الاشارة إلى بعض أساليب الوقاية تفاديًا للمرض، مع العلم أنّ مفهوم الفرار بالمطلق من السرطان ليس سهلاً في لبنان نظرًا لغياب المعالجة الفعلية للتلوث البيئي توازيًا مع اجتياح المرض دون رادع. ومع ذلك فإن ضرورة وجود مبادرات فردية تشكّل خطوة أساسية للبدء بمرحلة أفضل. وهنا يعدد الدكتور معين فوعاني "للعهد" بعضًا من الأمور التي تساهم في الحد من انتشار السرطان، مثل فرز النفايات لتخفيف التلوث، الامتناع عن التدخين وممارسة الرياضة بشكل منتظم، تغيير عاداتنا ومأكولاتنا إلى ما هو طبيعي بدلًا من المأكولات السريعة، التخلي عن استخدام البلاستيك و"النايلون"، والتوجه مرة أو مرتين في الشهر خارج المدينة إلى المناطق الجبلية حيث المناخ أنظف وأقل تلوثًا من بيروت. ولا ننسى القيام بفحوصات دورية لاكتشاف المرض في مراحله الأولى قبل فوات الآوان.

ختامًا، لابدّ أن تسأل نفسك ماذا تعرف عن مرض "السرطان".. إنّه ليس فقط فقدان شعر، وجسم هزيل، ووجع مبرّح، هو دافعٌ لتختبر إرادتك في تغيير نمط حياتك غير الصحي وتتمسك بالحياة. إن كنت حقًا تعي خطورة الموقف إبدأ من نفسك. قد تكون أنت الضحية التالية. لا تستهتر!

2018-11-15