ارشيف من :نقاط على الحروف
’مطار الحريري’ يسدّ الفراغ الحكومي
بطريقة احتفالية، تناولت بعض وسائل الإعلام العربية خبر امتناع مطار بيروت الدولي عن تزويد الطائرات السورية والإيرانية بالوقود، التزماً بالعقوبات الأميركية. الخبر الذي انتشر كالنار في الهشيم، أمس الأحد، تعود وقائعه في الحقيقة إلى مطلع شهر تشرين الثاني الجاري، تاريخ سريان العقوبات الأميركية الجديدة – القديمة على الشركات والكيانات والأشخاص الإيرانيين المدرجين على لائحة وزارة الخزانة الأميركية للعقوبات.
بعد 24 ساعة على خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في مناسبة يوم الشهيد 11/11، خرجت بعض وسائل الإعلام الأميركية الناطقة بالعربية، للحديث عن سريان مفاعيل العقوبات الأميركية في مطار بيروت. لكن مثل تلك الأخبار تأخذ زخمها في لبنان إذا كان مصدرها الإعلام السعودي، تماماً كما حصل مع "تسريبة" صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية بالأمس، والتي أتت متأخرة ومكررة، وهي وفقاً للتصنيف المهني: "خبر بايت".
مصادر في مطار بيروت تقول إنه مع دخول حزمة العقوبات الأميركية الجديدة على إيران حيّز التنفيذ في الرابع من تشرين الثاني الجاري، أُدرجت شركات الطيران الإيرانية في الخامس منه، إلى جانب نحو 17 شركة طيران أخرى تعود ملكيتها لنحو لدول عديدة حول العالم معظمها لا يحطّ في لبنان، على لائحة "الممنوعات" الخاصة بالشركات العالمية التي تزوّد بالوقود كل الطائرات التي تحطّ في مطار بيروت وتُقلع منه. علماً أن هذه الشركات هي فروع من شركتَي "توتال" الفرنسية التي انسحبت من السوق الإيرانية مع عودة العقوبات الأميركية، وشركة "بريتيش بتروليوم" البريطانية، التي أجّلت بعض الأعمال في حقل غاز "الرام" في بحر الشمال في اسكتلندا، التي تمتلك شركة النفط الإيرانية (IOC) 50% منه، بفعل العقوبات أيضاً.
لبنانياً، تقول مصار سياسية متابعة، إن حكومة تصريف الأعمال لا تملك حالياً تصوراً واضحاً للتعامل مع الشق المتعلق بلبنان من العقوبات المفروضة على إيران. وبالتالي، فإن الأمر متروك حالياً للشركات التي تلتزم عادة بقرارات دولة المنشأ في مسألة العقوبات. تلفت المصادر إلى أن هذا الملف يُشبه إلى حدّ كبير ملف المصارف اللبنانية كانت سارعت إلى الالتزام بالقوانين والعقوبات الأميركية، تحت عنوان أن "لبنان مضطر لتنفيذها".
وفيما تؤكد المصادر أن
في شقها الأميركي، تقوم العقوبات على فلسفة "مواجهة نفوذ حزب الله في المطار، والحدّ من سيطرة الحزب على المطار والاستفادة من الإمكانيات التي يوفّرها". ومن هذه الزاوية قرأت وسائل الإعلام الخليجية والأميركية خبر امتناع مطار بيروت عن تزويد الطائرات الإيرانية بالوقود. بل ذهب إلى أبعد من ذلك، قائلة عن منع تزويد الطائرات الإيرانية بالوقود يهدف إلى "منع هذه الطائرات من نقل الأموال إلى حزب الله".
بعيداً عن الاحتفال الخليجي بالخبر، وبعيداً أيضاً عن استغلال إعلامه، تقول مصادر إيرانية إن الإجراءات التي بدأ المطار تطبيقها بالفعل، لن تؤثر على حركة الملاحة الجوية الإيرانية إلى لبنان. تتحدّث المصادر عن خيارات وبدائل يمكن للطيران الإيراني اللجوء إليها، ومنها التزوّد بوقود كافٍ في إيران قبل التوجّه إلى لبنان، أو التوجّه إلى مطار دمشق للتزوّد بالوقود قبل استكمال مسار الرحلات.
وفي حين يجري الحديث عن أن هذه الإجراءات إشارة إلى الجدية في تطبيق العقوبات، و
في هذه الأثناء، يصل وزير الخارجية البريطاني جرمي هانت، إلى طهران، على رأس وفد سياسي. المُعلن من الزيارة أن الوفد سيجري محادثات مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، ومسؤولين ايرانيين آخرين منهم أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، حول العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية ومنها الأوضاع في اليمن والشؤون الدولية والاتفاق النووي. أما المصادر فتقول إن تعزيز الآلية الإيرانية ـ الأوروبية للالتفاف على العقوبات الأميركية، حفاظاً على العلاقات الاقتصادية مع الجمهورية الإسلامية، ستكون الطبق الرئيسي للوزير البريطاني على موائد طهران.
على العموم، يلخّص وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الوضع بتصريح سابق له قال فيه: "لدى إيران القدرة على تصدير نفطها، والسوق العالمية تحتاجه (...) لدينا العديد من السبل لكي تستمر رحلاتنا الجوية وسنستخدمها، وهي التي جربناها سابقاً وسنكررها، وسنلجأ لأساليب كثيرة، وليس فقط الالتفاف".