ارشيف من :أخبار لبنانية
مفاوضات باسيل الحكومية.. إعادة الكرة لملعب الحريري
أجمعت الصحف الصادرة صباح اليوم على ذهاب العقدة السنية إلى مزيد من التعقيد في ملف تشكيل الحكومة، حيث لم تتمخض مساعي وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل عن أي بصيص أمل، بعد جولاته ومبادرته المدعومة من رئيس الجمهورية، لا سيما بعد اللقاء مع نواب "اللقاء التشاوري" أمس في منزل النائب عبد الرحيم مراد.
وفي الوقت الذي أصر فيه النواب الستة على حقهم في التمثل بالوزارة، رفضت "كتلة المستقبل" عرض باسيل بمقايضة الوزير السني من حصة رئيس الجمهورية بالمسيحي الذي سمّاه الحريري في الحكومة.
"الأخبار": العقدة السنّية... تزداد تعقيداً
قالت صحيفة "الأخبار".. «لا مانع من أن يعود الوزير المسيحي عندَ رئيس الجمهورية والسنّي عند رئيس الحكومة»، عبارة قالها وزير الخارجية بعد اجتماعه بأعضاء اللقاء التشاوري أمس في منزل الوزير السابق عبد الرحيم مراد، فثبّت بها موقفه الرافض لاقتراح توزير سنّة 8 آذار من حصة الرئيس ميشال عون.
هكذا بات واضحاً أن عقدة «السنّة المستقلين» تتعقّد، وأن التسوية تبدو صعبة المنال. الرئيس المكلف سعد الحريري ثابت على رفض تمثيلهم من «كيسه». والوزير جبران باسيل، المكلّف من رئيس الجمهورية بالتفاوض، فتَح باباً جديداً في مأزق تشكيل الحكومة، معيداً الكرة الى ملعب الرئيس المكلّف. وقد حملَ كلامه إشارة تشدّد تجاه من يقول بأن الحلّ يجب أن يأتي من جانب الرئيس عون. فقبول الأخير بمنح المقعد السنّي من حصته إلى سنّة 8 آذار، في مقابل «استعادة المقعد المسيحي الذي بادله مع الرئيس الحريري»، يعني عملياً أن الأخير سيكون قد منح مقعداً من «حصته» للنواب السنّة المستقلين. وبذلك، تنخفض حصته إلى 4 وزراء، بالإضافة الى وزير للرئيس نجيب ميقاتي. إذاً، نقلَ وزير الخارجية العقدة من كونها عقدة بين الحريري والسنّة المستقلين، الى عقدة بين رئيسي الجمهورية والحكومة.
وتحت هذا العنوان يمكن القول إن جولة المشاورات التي بدأها باسيل من عين التينة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي لم تفضِ الى حلّ. فالمعطيات المتقاطعة تشير الى أن ما قاله باسيل بعد اللقاء، طرح «غير قابل للحياة»، خصوصاً أن مصادر في تيار المستقبل أكدت أن «الحريري لن يقبل حصة ليسَ فيها تنوّع طائفي من جهة، ومن جهة أخرى فإن استرجاع وزير سنّي من رئيس الجمهورية يعني التراجع عن الإتفاق مع الرئيس ميقاتي، ونحن لسنا في هذا الوارد». واعتبرت المصادر أن ما قاله باسيل يعني «رسالة مباشرة الى الحريري تقول إن المشكلة عنده وعليه هو أن يدبّر نفسه».
وفيما لم تحمل الساعات الماضية أيّ تراجع في موقف اللقاء التشاوري الذي يصرّ على توزير أحد أعضائه مباشرة، قالت مصادره لـ«الأخبار» إن «باسيل لم يعرض وساطة بيننا وبين الحريري لحصول لقاء، بل قال إن علينا الاجتماع به». ولفتت المصادر إلى أن «النواب السنّة لم يقرروا بعد ما إذا كانوا يريدون الاجتماع بالرئيس المكلف، وأن هذا القرار يتوقّف على حصول تطوّر سياسي ما، وليس لمجرّد اللقاء».
مصادر المستقبل: طرح باسيل رسالة للحريري بأن «يدبّر رأسه»!
وكشفت المصادر أن «باسيل طلب الى الأعضاء الاتفاق حول شخصية سنّية وسطية، لكننا رفضنا، وأكدنا أن الحلّ الوحيد هو اختيار نائب من الستة المستقلّين».
بدوره، قال النائب مراد إن «المطلوب تنازلات. فخامة الرئيس قام بتنازل والمطلوب منا التنازل. لكننا ستة، ولنا وزير واحد، فهل نتنازل عن هذا الحق؟ نحن قلنا لن نتنازل عن توزير أحدنا، وسنجلس معاً ونرى الحلول المطروحة. وقد أبلغنا الوزير باسيل أننا مصرّون على توزير واحد من النواب الستة». من جهتها، أعلنت كتلة «المستقبل» أن «التشكيلة الحكومية جاهزة بإرادة جميع الكتل باستثناء الجهة التي تريد تمثيل النواب الستة». وفي بيان عقب اجتماعها الدوري، أوضحت الكتلة أن «بعض المحاولات للالتفاف على الصلاحيات والأعراف غير ممكن لتحجيم الدور الذي يضطلع فيه رئيس الحكومة المكلف»، مشيرةً الى أن «المساعي التي يرعاها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تجدد الدعوة الى الوعي لتحديات المرحلة والتوقف عند سياسات استنزاف الوقت».
"الجمهورية": بعبدا تُحيل العقدة الى الحريري
وبحسب "الجمهورية" فقد دارت عقدة تمثيل «سنّة 8 آذار» دورتها الرئاسية، وانتهت مشاورات الوزير جبران باسيل الى الاعلان عن خروج الرئاسة الأولى، ومعها «التيار الوطني الحر» من موقع الطرف فيها، وإلقائها في اتجاه «بيت الوسط»، وحصر مسؤولية إيجاد حلّ لها بالرئيس المكلّف سعد الحريري ونواب «اللقاء التشاوري». وهو أمر يضع ملف تأليف الحكومة برمّته في دائرة الاحتمالات السلبية، ليس أقلها التجميد لفترة طويلة غير مضبوطة بسقف زمني محدد.
هذا المُستجد، لا يلقي فقط مزيداً من الضباب الداكن حيال هذه العقدة، بل يلقي مزيداً من علامات الاستفهام على طريق العلاقة بين الرئاستين الأولى والثالثة، خصوصاً انّ نأي الرئاسة الاولى بنفسها عن هذه العقدة، أكدت مصادر مطبخ التأليف لـ«الجمهورية» أنّ صَداه لم يكن مريحاً في «بيت الوسط»، خصوصاً انّ هذا النأي مناقض لموقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال إطلالته التلفزيونية الاخيرة، والتي عبّر فيها عن تبنّيه الكامل لموقف الرئيس المكلف.
وفيما ذهب مرجع سياسي بعيداً في تشاؤمه، حيث قال لـ«الجمهورية» إنه قرأ في المستجدات التي طرأت في الساعات الماضية على حلبة العقدة السنية، ليس عودة الى نقطة الصفر، التي نحن فيها أصلاً، بل ورقة نعوة للحكومة، تتداول أوساط سياسية انّ تعقيدات العقدة السنية تضاعفت اكثر ممّا هو متوقع، ومن شأن هذا الأمر ان يضع الحريري أمام خيارات صعبة:
- أوّلها، ان يفاجىء الجميع بتَلقّف خروج رئيس الجمهورية والتيار من هذه العقدة إيجاباً، ويبادر الى القبول بتوزير احد نواب «سنّة 8 آذار»، من حساب تيار «المستقبل». وهذا أمر اكثر من مستحيل بالنسبة اليه وغير قابل للنقاش لا من قريب او من بعيد.
- الثاني، ان يعتبر استعادة رئيس الجمهورية للوزير المسيحي الى الحصة الرئاسية، مفتاحاً للحل، إذ انّ الحريري في هذه الحالة لا يخسر وزيراً من تمثيل تيار «المستقبل»، ذلك انّ الوزير المسيحي الذي قايَض به مع رئيس الجمهورية كان في الاساس إرضاء للوزير السابق محمد الصفدي عبر تسمية زوجته فيوليت الصفدي لتوَلّي حقيبة وزارية. وبالتالي، هنا لا يدفع الحريري من حساب تيار «المستقبل». الّا انّ هذا الخيار مرفوض بشكل قاطع من قبل الرئيس المكلف.
- الثالث، ان يبادر الى قلب الطاولة والذهاب الى رمي الكرة في ملعب الجميع عبر تسليمه رئيس الجمهورية تشكيلة حكومة أمر واقع، بالصيغة التي أعدّها فيها. الّا انّ هذه الخطوة دونها إشكالات وإرباكات كبرى، فهي أولاً ناقصة خصوصاً انّ اطرافاً أساسية لم تقدّم اسماء وزرائها، مثل «حزب الله» والرئيس نبيه بري، وهي ثانياً ستبدو لعبة تَحَدّ من شأنها أن تفتح الداخل على امور غير محسوبة او متوقعة وعلى تَبِعات سياسية. وهي ثالثاً ستجعله كمَن يغرّد وحيداً، إذ قد لا يشترك معه في هذا الخيار مختلف القوى السياسية الكبرى، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية.
- الرابع، ان يبادر الى إلقاء الجمرة في أيدي الجميع، عبر الذهاب الى الاعتكاف الجدي، مع التلويح بالاعتذار. الّا انّ هذا الخيار له ثمنه الكبير، والخسارة عليه قد تكون اكثر من اي طرف آخر.
"البناء": باسيل يُنهي وساطته بدعوة الحريري لاسترداد الوزير السني ومنحه لـ«التشاوري»
وتحدثت صحيفة "البناء" عن سقوط مبادرة وزير الخارجية جبران باسيل بإعادة الوزير السني الذي كان رئيس الحكومة يرغب بمبادلته بوزير ماروني مع رئيس الجمهورية، ليتم منحه للقاء التشاوري، بعدما أعلنت مصادر رئيس الحكومة أن الصيغة مرفوضة شكلاً ومضموناً، لأن الرئيس الحريري لن يقبل بتوزير اللقاء التشاوري من الأصل، ولن يتنازل عن وزير من حصته، مضيفة أن الحل هو بتمثيل اللقاء بوزير من خارجه يرضى به رئيس الجمهورية ويحتسب من حصته.
بينما تتجه الأنظار في الساعات والأيام المقبلة الى بيت الوسط، لرصدِ ردِّ فعل الرئيس المكلف سعد الحريري حيال حراك وزير الخارجية جبران باسيل، جاء لقاء باسيل باللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين في دارة الوزير عبد الرحيم مراد تتويجاً للمساعي التي يقوم بها رئيس التيار الوطني الحر بتكليف من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيث زار باسيل أول امس، الرئيس المكلف سعد الحريري بعيداً عن الإعلام كما التقى النائب وائل أبو فاعور في إطار البحث في حل العقدة المتبقية بهدف الإسراع في تأليف الحكومة. وبينما أشارت مصادر اللقاء التشاوري لـ»البناء» إلى أن اللقاء مع الوزير باسيل كان إيجابياً مثمّنة مساعي الرئيس عون الرامية لحل العقدة السنية، لفتت المصادر إلى أن باسيل أقرّ بأحقيّة اللقاء في التمثيل، حتى ولو كان البعض يعتبر أن هناك اعتلالاً في الشكل. أكدت المصادر لـ»البناء» ان باسيل أشار الى ان حل العقدة يتطلب تنازل الجميع من دون استثناء، وتحدثت عن أن طرح باسيل يستند إلى:
تقديم الرئيس ميشال عون تنازلاً لجهة أن يتخلى عن الوزير السني على أن يستعيد الوزير الماروني من الرئيس المكلّف.
تسليم الرئيس الحريري بمنح المقعد الوزاري السني إلى اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين.
على النواب السنة الستة التنازل بدورهم وتسمية شخصية تحظى بموافقة الرئيس المكلّف.
وتشير المصادر إلى أن اللقاء التشاوري أبدى اصراراً على أن يمثل اللقاء التشاوري بشخصية من النواب الستة، وأبدوا استغرابهم لكل هذا الرفض من الرئيس سعد الحريري، فكان جواب باسيل أن عليهم الجلوس مع الرئيس المكلف والنقاش في هذا الأمر في حين طلب نواب اللقاء التشاوري من باسيل استكمال مساعيه مع الرئيس المكلف، مشيرة الى أن أجواء إيجابية حيال تأليف الحكومة وتمثيل السنة المستقلين هو رهن الرئيس المكلف.
وشدّد باسيل من جهته على أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «ليس طرفاً في هذه الإشكالية التمثيلية، وهو ليس لديه مشكلة، بوزير سني من «اللقاء التشاوري» أو بوزير من «المستقبل».