ارشيف من :أخبار لبنانية
لا حكومة في المدى المنظور.. ومساعي باسيل متواصلة
يستمر الوضع الحكومي على حاله دون أي تحرك في عجلات الحل، وبموازاة ذلك يتابع الوزير جبران باسيل مساعيه للوصول إلى تسوية ما.
وكان لافتا التصعيد من جانب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير الذي دعا للمضي بحكومة دون حزب الله، وهو الذي عطّل ولادتها خمسة أشهر.
باسيل يستأنف مبادرته الحكومية... من عين التينة
لا تُبدي الأوساط المُتابعة لمسار تأليف الحكومة تفاؤلاً بإمكانية ولادتها قريباً. بل إنها ترجّح دخول البلاد عاماً جديداً من دون حكومة. فبين إصرار النواب السنّة المستقلين على تمثيلهم في الحكومة ودعم حزب الله لهم، في مقابل رفض الرئيس سعد الحريري التسليم بأحقية مطلبهم ومحاولة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تحييد نفسه، تراوح الأزمة مكانها. مع ذلك لم يقفَل الأسبوع الماضي على «لا شيء»، أقله على صعيد تصريحات عون واستحضاره سليمان الحكيم وحكاية «أمّ الصبي»، والحريري الذي رفض التحدث عن «مسألة التعطيل علّنا نتمكّن مع الأيام من أن نجد حلاً لها».
وقد ترك كلامهما انطباعاً إيجابياً لدى الأطراف المعنيين ولو أنه «لا شيء ملموساً حتى الآن» كما تقول مصادر سياسية رفيعة المستوى. أما هذا الأسبوع فسيفتتحه وزير الخارجية جبران باسيل من عين التينة، إذ علمت «الأخبار» بأنه طلبَ موعداً من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، لاستئناف جولته، وهو الذي بدأها من المكان نفسه. مصادر عين التينة تؤكّد أن «لا علمَ لها بما يحمله باسيل، ولا إذا كان لديه أي مبادرة جديدة. هو طلبَ موعداً وسيزور الرئيس برّي اليوم». وقد لمّحت المصادر الى «كلام سمعناه يقول إن رئيس الجمهورية يعيد النظر في مسألة توزير السنّة من حصّته»، علماً بأنه «يسأل لماذا يريد حزب الله محاصرته بعقدة السنّة المستقلين».
من جهتها، قالت مصادر في تكتّل «لبنان القوي» إن «باسيل يحمل أفكاراً يمكن أن تؤسس لحل»، مشيرة إلى أن «الوزير باسيل هو الوحيد الموثوق والقادر على التواصل مع جميع الجهات في هذه الفترة». وفيما اعتبرت المصادر أن «السؤال اليوم يتركّز حول استقبال الحريري للنواب السنّة أو عدم استقبالهم»، رأت أن «عدم استقبالهم أمر مستهجن وغير مبرّر».
من جهتها، رأت مصادر قريبة من حزب الله في كلام كلّ من عون والحريري «شيئاً من التقدم»، مؤكدة أن «الحزب لن يتدخل ولن يفاوض أحداً». وفيما لا يزال رئيس الحكومة على رأيه برفضه استقبال اللقاء التشاوري ككتلة، علمت «الأخبار» أن ثمة رأيين مختلفين في محيط رئيس الحكومة، إذ بدأ البعض السعي لإقناعه بأن «لا ضيرَ من استقبال النواب السنّة، فربما كان بإمكانه الوصول الى حلّ وسطي معهم». لكن رئيس الحكومة يرفض بالمطلق هذا الطرح، وبات يردّد في مجالسه أن «مسألة العرقلة هي أبعد من توزير هؤلاء السنّة، وأنه بات يشك في أن العرقلة سببها ضغوطات خارجية». وفي هذا الإطار، قالت مصادر مطلعة إن «الحريري تحدّث الى الفرنسيين، وحاول إقناعهم بأن إيران هي من تعرقل تشكيل الحكومة ويجب التحدّث معها»!
وكانت لافتة أمس دعوة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كلاً من عون والحريري «اللذين يتحمّلان المسؤولية الدستورية في تشكيل الحكومة العتيدة ويمسكان القلم وصلاحيات التوقيع في يديهما، الى اتخاذ قرار حاسم؛ فإما يقولان لحزب الله نريدك في الحكومة، أعطنا أسماء وزرائك، فإذا سلّمهما إياها كان به، وإلا يشكلان حكومة بمن حضر». جعجع الذي عطّل الحكومة لنحو خمسة أشهر متسلّحاً بدعم سعودي للحصول على مطلبه من الحصص والحقائب، تحدث عن «قواعد لتأليف الحكومات معمول بها في لبنان منذ 75 عاماً. وفي اتفاق الطائف، رئيس الجمهورية والرئيس المكلف يتشاوران ويقرران الأنسب حكومياً، ويتحملان وزر التشكيلة التي يضعان، سلباً أو إيجاباً في المجلس النيابي. ولكن لا يمكن لأحد منعهما من التأليف وفق الطريقة التي يريانها مناسبة».
"البناء": الحريري رفض حكومة بلا حزب الله
بعد دعوة رئيس حزب القوات سمير جعجع رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف الى توقيع مرسوم تأليف حكومة بمَن حضر، علمت «البناء» أن «هناك محاولات جرت لدى الرئيس سعد الحريري لتشكيل حكومة من دون حزب الله وسنة 8 آذار، إلا أن المعلومات تشير الى أن الحريري رفض هذا الخيار الذي اعتبر أنه لن يصبّ في مصلحته على الإطلاق، أولاً لأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري لن يشارك بحكومة من دون حزب الله، وثانياً أن الرئيس ميشال عون لن يوقع مرسوم أي حكومة تخالف قواعد العيش المشترك والميثاقية والوحدة الوطنية وبالتالي أي حكومة من هذا القبيل ستولد ميتة الأمر الذي يشكل خطراً على إعادة تكليف الحريري من جديد إن أقدم على ذلك».
كلام جعجع يدعو للتساؤل: هل ثمة مخطط خارجي لتفجير الساحة اللبنانية بعد فشل المشاريع الأميركية السعودية في الساحات الأخرى، وذلك عبر دفع الفريق السعودي الأميركي في لبنان الى مواجهة مع حزب الله يعبر عنه جعجع في كلامه؟ ولماذا عطل «الحكيم» الحكومة مع النائب وليد جنبلاط أربعة أشهر عبر وضعهما الشروط على الرئيس المكلف؟ هل كانا ليقبلا بتأليف حكومة من دون القوات والحزب الاشتراكي تحت شعار الحاجة الاقتصادية للحكومة؟
ووصفت مصادر سياسية كلام جعجع بـ«اللاواقعي ودونه موانع دستورية وسياسية لا سيما لجهة نيل الحكومة الثقة في المجلس النيابي، خصوصاً أن الرئيس عون و8 آذار يملكان الأكثرية النيابية، واضعة كلامه في إطار الحرب الإعلامية والنفسية المضادة لتوتير الأجواء والضغط على رئيس الجمهورية وحزب الله واحراج الحريري في الوقت عينه».
وتقول المعلومات إن «الحريري لم يُقفل الباب على استقبال نواب اللقاء التشاوري، لكن بشرط أن ينحصر التفاوض على توزير شخصية سنية من خارج اللقاء التشاوري تحظى بقبول الحريري واللقاء إذا نجحت مساعي الوزير جبران باسيل بإلغاء المقايضة بين عون والحريري»، إلا أن هذا الخيار غير مقبول من «اللقاء» الذي أكدت أوساطه لـ«البناء» تمسكه بتوزير أحد نواب اللقاء الستة ولم يُطرح عليه أصلاً اي طرح جديد ولم يتم التواصل معهم من بيت الوسط». وتنقل مصادر مقربة من رئيس الجمهورية عنه لـ«البناء» أنه لا يرى بأن العقدة خارجية بل داخلية تتعلق بالنفوذ داخل كل طائفة لا سيما الطائفة السنية، مؤكداً أن «العقدة ليست مفتعلة لكن بالوقت نفسه معقدة»، كما عُلِم بأن الوزير باسيل فتح باباً للتشاور بين طرفي العقدة الحريري – اللقاء وهو مستمر بمساعيه، لكن على نار هادئة وبعيداً عن الاضواء. ولفت باسيل أمس، رداً على سؤال عما اذا كانت وساطته توقّفت: «طبعاً لم تتوقف».
"الجمهورية": العقدة السنِّية تؤجّج الصراع السياسي.. وعون يرفض المَس بالحصة الرئاسية
ورأت "الجمهورية" أن الجو العام المحيط بالتأليف حالياً، يؤكد ان لا حلّ في الأفق، بل هناك مزيد من التوجّه نحو التعقيد والتصعيد، خصوصاً بعدما أكدت مصادر معنية بهذا الملف لـ»الجمهورية» أنّ المسألة لم تعد مسألة رفض الرئيس المكلف سعد الحريري توزير «سنّة 8 آذار» في الحكومة على حساب تيار «المستقبل»، بل انّ الحريري يرفض أصل ومبدأ توزير هؤلاء النواب في الحكومة، على اعتبار انه يرفض ان يشكّل سابقة تمثيل كتلة مُفتعلة يريد من خلالها «حزب الله» اقتناص مقعد وزاري بطريقة التحايُل.
وهو الأمر الذي دفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري مجدداً الى توسّل الدعاء، لعلّ الآفاق المقفلة تنفتح ويتبلور المخرج. لكن لا يبدو في أوساط المعنيين بهذه العقدة أيّ بارقة نزول عن سقوفهم العالية.
بري لـ«الجمهورية»
وقال بري لـ»الجمهورية»، رداً على سؤال حول حل هذه العقدة: «وفق المنطق، أعتقد انّ الحل عند رئيس الجمهورية».
وكان بري قد أبلغ الى المعنيين انّه و»حزب الله» و»اللقاء التشاوري» ليسوا في وارد التراجع عن مطلب تمثيل السنّة المستقلّين، ولا الرئيس سعد الحريري يبدو انّه في وارد التنازل، بعد الذي سمعه من الطرف الآخر. وبالتالي، فإنّ الرئيس ميشال عون قد يكون الأقدر على المبادرة في اتجاه معالجة العقدة السنّية.
وعمّا إذا كان بري يشجّع الحريري على استقبال «اللقاء التشاوري»؟ قال بري: لم يسألني الرئيس الحريري رأيي، ويبدو انّ بعض المحيطين به قد تكفّلوا بالأمر»... أضاف: «ليس المهم اللقاء في حد ذاته، بل النتيجة. وسواء انعقد أم لا، أنا أدعو رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف الى ان «يحلّوها»، بحيث يتمّ اختيار وزير من بين النواب الستة، حتى ننتهي من هذه المراوحة، لأننا لم نعد نملك ترف الانتظار».
عون
وفيما لم يصدر عن أجواء القصر الجمهوري ما يوحي بأنّ رئيس الجمهورية قد يبادر الى تَلقّف كرة الحل، خصوصاً بعد موقفه الأخير الذي أشار فيه الى مَثل سليمان الحكيم، وسأل فيه عن أم الصبي، أبلَغ زوّار عون «الجمهورية» انّ «ما قصده الرئيس عون يمكن فهمه على انه هو من يلعب دور سليمان الحكيم وقد عرضت عليه قضية «ام الصبي». ولذلك، فإنه وضعَ طرفي الأزمة في مواجهة متكافئة بينهما أمام «سليمان الحكيم» الذي عليه ان يفصل بينهما، وتحديد «ام الصبي». فكل منهما يقول إنه ام الصبي، وعليهما إثبات من سيكون منهما الام الحقيقية، فليس لأيّ صبي في العالم «أمّان اثنتان».
ولفت الزوّار الى «انّ ما ظهر واضحاً من التوصيف الجديد لرئيس الجمهورية، انّ التنازلات مطلوبة من الطرفين، وليس من الرئيس عون وحده. وانّ الحل الذي يمكن التوَصّل إليه لا يمكن ان يكون على حساب رئيس الجمهورية، وبالتالي فهو ليس على استعداد لمزيد من التنازلات، وبالتالي فإنّ حصته الحكومية غير معرّضة لأيّ تعديل».
وانتهى زوّار عون الى القول: «انّ الحل المطلوب سيكون على حساب الطرفين اللذين يدّعيان انّ كلّاً منهما هو «أم الصبي».