ارشيف من :آراء وتحليلات

توقيت التصعيد الصهيوني في سوريا واحتمالاته المختلفة

توقيت التصعيد الصهيوني في سوريا واحتمالاته المختلفة

غارات اسرائيلية مكثفة على منطقة الكسوة والتي تدعي "اسرائيل" دوما ان فيها مراكز ايرانية وقواعد للمقاومة، بالتزامن مع افشال مؤتمر آستانا، واستباق ذلك بتقارير تركية على وكالة الانباء الرسمية "الاناضول" تتهم ايران بافشال المفاوضات لاصرارها على التواجد بسوريا، ويتزامن ذلك ايضا مع محاولات لخنق روسيا واشغالها بمحيطها الحيوي في اوكرانيا وغلق باب التفاهمات السياسية.

هذا التصعيد يقوم على محورين:

الاول إغلاق باب التفاهمات السياسية كما يتجلى في اليمن وافشال القرارات الاممية بضغوط سعودية وامريكية، وكذلك مع الروس وايران وسوريا في آستانا والملف الاوكراني في بحر أزوف .

والثاني المتمثل في تصعيد عسكري بعودة القصف على مواقع سورية وكذلك التصعيد العسكري في أوكرانيا والذي كان كرد فعل على استفزازات وتجاوزت اوكرانية، وفي اليمن باستمرار الغارات والقصف.

ويبدو ان العدو الصهيوني استمع لنصائح رئيس الموساد السابق "داني ياتوم" الذي شغل المنصب بين عامي 1996 – 1998، والذي تحدث مؤخرا بلغة الصقور، وقال انه "يجب على "إسرائيل" مهاجمة المواقع الايرانية في محيط "اسرائيل". ولا يجب بالضرورة أن تعترف "إسرائيل" علناً بأنها من قصفت وهاجمت، فسيكون معلوما أنها هي من فعلت ولكن من دون اعلان. أعتقد أنه سيكون من الخطأ أن تغادر الولايات المتحدة المنطقة، سوريا والشرق الأوسط ككل، وخلق فراغ يمكن لروسيا أن تدخل فيه إلى الشرق الأوسط، كما هي الحال اليوم".

وبالتالي هناك اقتران بين التصعيد بالاقليم والتصعيد بسقف الصراع الدولي.

ويمكن فهم التصعيد على مستويين:

الاول: مستوى عسكري يهدف الى الاستنزاف والمشاغلة، وجس النبض العسكري واستكشاف ما وصلت اليه الدفاعات من خلال اختبار النيران.

والثاني وهو الاهم: صراع الارادات، حيث تبينت صحة توصيف المقاومة، ان الصراع هو صراع ارادات، وان الحرب النفسية تقوم على التصعيد غير المبني على اسس واقعية بالميادين، حيث يقوم المعسكر الصهيو امريكي بخطوات على الارض لا تعكس حقيقة التوازنات بالميادين والجبهات، وهو نوع معروف من حرب الارادات.

ويبدو معسكر العدوان وان نحسبهم جميعا فإن قلوبهم شتى، حيث التناقضات تكاد تفجر هذا المعسكر، فالتناقض الامريكي التركي المتمثل في ملف الاكراد يمكن ان يفجر هذا التحالف، رغم ان اطماع تركيا في سوريا تجعلها تميل نحو المعسكر الامريكي الهادف الى تقسيم الاخيرة واضعافها، مع علمها ان المقاومة ستحفظ سوريا موحدة وقوية، وهو ما يتنافى مع احلام اردوغان "الاتاتوركية"، وهي تريد حصة من الغنائم المقسمة سلفا للغرب وللنفوذ الخليجي!


استمرار الوضع الراهن بشكله الحالي لن يؤدي الا الى صدام واسع، تقترب معه الحرب المؤجلة، وخاصة مع اصرار امريكي على ابتزاز السعودية والامارات، مما يجعل هناك تماشيا امريكيا مع احقاد العروش الملكية واهوائها، لمزيد من الصفقات، كما تبدو امريكا ايضا مدافعة عن وجودها بالمنطقة وهيبتها والدفاع عن حليفها الاسرائيلي والذي يواجه خطرا وجوديا غير مسبوق.

الروس لهم سقف في صبرهم الاستراتيجي، وهناك خطوط حمر، لا يستطيع الروس السماح بتجاوزها لانها تشكل تهديدا وجوديا وفقا لعقيدة بوتين الاوراسية.

هذه الاوضاع ترجح كفة حرب بدت احتمالاتها اقرب من اي وقت مضى، لانها تجاوزت المراحل الضبابية والتي تختلط بها المناورات والخدع بالنوايا الحقيقية.

فبعد حماية ولي العهد السعودي تجاوزا للقانون والاعراف الدولية، وبعد التصريحات العلنية بتغليب المصالح على المبادئ دون التستر باية ذرائع واقنعة، فإن اعلان الحرب هو الخطوة اللاحقة، لان انتفاء القانون يعني انتفاء التفاهم، يعني الحرب.

ويشكل مشهد قمة العشرين ملخصا لوضع عالمي معقد تفشل السياسة في تجاوزه، وتبدو تناقضات المعسكر الغربي بحاجة لغنائم موعودة لتوحيده، ويبدو مجلس الحرب العالمي هو صاحب الصوت الاعلى من مجلس التفاهمات.

للتغلب على هذا الوضع العالمي البائس الذي خرج كليا عن القانون الدولي.

لكن هل يضمن متخذو القرار استمرار محدودية الحرب؟ وهل هناك جهوزية لحرب واسعة يحققون بها انتصارات أو أسهماً أعلى في التفاوض؟

2018-12-01