ارشيف من :آراء وتحليلات
ورطة نتنياهو.. وأبعاد التحرك الاسرائيلي عند الحدود مع لبنان
استنادا لما تداولته بعض الاوساط الاعلامية وغيرها صباح اليوم، حول بدء العدو الاسرائيلي بعملية اسماها (درع الشمال)، تهدف للبحث عن أنفاق مزعومة على الحدود الشمالية مع فلسطين المحتلة، والتي هي عمليا على الحدود المتاخمة مباشرة للاراضي اللبنانية في الجنوب، لا شك أن هذا الموضوع يحمل الكثير من الحاجة أو الضرورة للمتابعة الجدية، لما يمكن أن يشكله من حساسية دقيقة تميز الوضع الحالي في المنطقة بشكل عام، أو الوضع بين العدو الاسرائيلي ونقاط الاشتباك الثلاثية بمواجهته، بين غزة أو الجنوب السوري أو الجنوب اللبناني بوضع خاص.
في الواقع من الناحية العملية، لا يمكن اعتبار العملية العدوة اليوم حدثا جديدا بخطورته أو حدثا طارئا من الناحية العسكرية أو الامنية، لان الاجراءآت الاسرائيلية العسكرية والهندسية لم تتوقف أساسا على كامل خطوط المواجهة على حدود تواجدها داخل الاراضي التي تحتلها، حيث كانت دائما في غزة تنفذ مناورات هندسية لكشف وتحديد الانفاق، وفي الجنوب السوري المواجه للجولان المحتل ايضا لم توقف تلك المناورات والاجراءآت الهندسية، كما أن نمط أعمالها ومناورتها الهندسية على الحدود مع لبنان لم يتوقف بتاتا، وكان دائما ناشطا، من خلال المراقبة الحثيثة والمتواصلة بوسائل الرصد والمراقبة المتطورة، أو من خلال الأعمال الهندسية في حفر الانفاق ورفع السواتر و متابعة حركة الارض بطريقة علمية متطورة .
ما يعطي عملية العدو هذه الحساسية التي تستدعي المتابعة والتساؤل هي عدة نقاط، تتعلق بالوضع الداخلي الاسرائيلي أكثر ما تتعلق بعناصرالمواجهة مع لبنان ومع حزب الله، ويمكن تحديدها بالتالي:
- وضع نتنياهو الداخلي المتأزم في اتجاهين، الأول بعد المواجهة الأخيرة مع غزة وتداعياتها لناحية تغيير قواعد الاشتباك ووضع الحكومة بعد استقالة وزير الحرب السابق، والاتجاه الثاني لناحية الاتهامات الموجهة له ولزوحته بالفساد وباستغلال السلطة وما شابه واحتمال خضوعه للمحاكمة حول ذلك.
- الوضع الاقليمي والدولي حول ما أثبتته ايران من قدرة على الافلات من العقوبات وبالتالي حول الحاجة لخلق نقاط حساسة للاشتباك الاقليمي، تُخرج الاستراتيحية الاميركية - الاسرائيلية من حالة الركود وفقدان المبادرة.
- خطورة تغيير قواعد الاشتباك مع المقاومة في غزة وربطها بلبنان وسوريا، مع اقتناع العدو بحتمية هذا الارتباط الثلاثي عند اية مواجهة ضده.
- خطورة ما نشره حزب الله وينشره دائما عن جهوزيته للرد على أي اعتداء اسرائيلي، لناحية القرار الحتمي بالرد، أم لناحية امتلاكه القدرات الاستراتيجية التي أكملت معادلة الردع وتوازن الردع بمواجهة العدو، أو لناحية خطورة ما نشره الحزب مؤخراً عن نقاط وأهداف استراتيجية داخل كيان العدو، هي موضع رصد ومراقبة ومتابعة دائمة.
- حاجة العدو لتنفيذ عمل ما (ليس بالضرورة ابدا ان يكون اعتداء عسكريا)، والهدف جذب الرأي العام الداخلي والدولي حول قراره بالرد، والايحاء بانه استعاد المبادرة، والتي فقدها بعد انتصار سوريا وتحريرها لجنوبها بالكامل، وبعد التغيير الاستراتيجي الذي فرضته الدولة السورية بدعم من الروس لناحية قواعد الاشتباك، وبعد أن برهنت المقاومة في غزة عن امكانيات وقدرات فاجأته، وبعد ثبات ايران وحزب الله في الحرب الاقتصادية الامريكية والخليجية التي شُنت ضدهم.
- محاولة خلق حراك معين يقتل الغموض في ما يملك حزب الله، وخاصة للرد أولمحاولة الرد (اعلاميا) على ما نشره مؤخرا حزب الله عبر الإعلام الحربي في الفيلم القصير عن أهداف استراتيجية اسرائيلية مرتقبة هي بمتناول يد وصواريخ المقاومة.
- الايحاء للجميع، داخل الكيان وخارجه، وخاصة لحزب الله، أنهم متنبهون لما يمكن أن تكون المقاومة في صدد تنفيذه لناحية كشف وتدمير الانفاق على المناطق الحدودية، والتي ستكون حتما (الانفاق) الوسيلة الميدانية التي تسمح لتدفق عناصر النخبة في المقاومة الى داخل المستوطنات عند اية مواجهة مقبلة.
في هذا الاطار جاءت العملية الهندسية لوحدات العدو على حدود فلسطين الشمالية ، والتي لا يمكن اعتبارها مرحلة تمهيدية من مراحل التحضير او الاستعداد لعمل عسكري عدواني ، لان الذرائع لهذا الاعتداء المرتقب هي موجودة اصلا ، لو قررت " اسرائيل " الاعتداء المباشر ، والانفاق كعنصر ممكن ان يستدعي العدوان ( بمعزل عن وجودها او عدم وجودها ) ،لا تختلف كثيرا عن العناصر الاخرى من امتلاك القدرات الاستراتيجية والصاروخية ، والتي لا ينكر امتلاكه لها حزب الله .