ارشيف من :مقالات

تونس.. الحرب المعلنة بين الرئيس وحركة النهضة

تونس.. الحرب المعلنة بين الرئيس وحركة النهضة

تزداد الهوة اتساعا في تونس بين رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي من جهة وحركة النهضة الإخوانية من جهة أخرى، ويتجلى ذلك من خلال التصريحات والأفعال الصادرة عن كلا الطرفين. فالنهضة كما يعلم القاصي والداني دعمت رئيس الحكومة يوسف الشاهد على البقاء في الحكم بعد أن رغب رئيس الجمهورية في إزاحته، بالمقابل فإن حاكم قرطاج غير الوجهة خارجيا باتجاه المحاور المعادية للحركات الإخوانية.

 

ولعل استقبال الرئيس لولي العهد السعودي محمد بن سلمان تأتي في هذا الإطار، إذ رأي فيها البعض ارتماءة من قائد السبسي في أحضان المحور السعودي الإماراتي الذي كان يبحث منذ سنة 2014 على طرف تونسي يزيح النهضة من المشهد، ورفض الباجي قائد السبسي أن يكون ذلك الطرف. كم أن هناك حديثا عن زيارة قادمة لوزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى تونس وربما حتى للرئيس السوري بشار الأسد بعض أن كان قائد السبسي متحفظا في العلاقة مع سوريا إرضاء لحلفائه الإخوان الذين ناصبوا دمشق العداء واحتضنوا حين كانوا يستأثرون بالحكم قبل وصول قائد السبسي مؤتمرا للتآمر على سوريا تحت مسمى أصدقاءها وقطعوا العلاقات الديبلوماسية معها.

الجهاز السري

كما حرك قائد السبسي ما يعرف بملف الجهاز السري لحركة النهضة وهو الذي كان يغض عليه الطرف وعلى التحقيق في جريمتي اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي طيلة السنوات الماضية رغم أن الأمر يتعلق بوعد انتخابي قطعه الباجي على نفسه خلال حملته في 2014. والجهاز السري للحركة بحسب المتهمين لها يتعلق بجهاز أمني مواز تقوم من خلاله الحركة باختراق أجهزة الدولة وبالتنصت على مكالمات السياسيين ونشطاء المجتمع المدني والقضاة والمحامين وغيرهم ويذهب البعض بعيدا باتجاه اتهامه بالتورط في اغتيال بلعيد والبراهمي.

وفي هذا الإطار يرى المحامي والناشط السياسي التونسي باديس الكوباكجي في حديثه لموقع "العهد" الإخباري أنه إلى حد الآن لم تثبت أية علاقة بين ما يسمى التنظيم السري للحركة الإسلامية التونسية وبين الإغتيالات السياسية التي حصلت في تونس خلال فترة حكم الترويكا وبعده، لكن هناك قرائن عديدة تشير، بحسب الكوباكجي، إلى وجود هذا الجهاز الموازي لأجهزة الدولة وهي عديدة في الحقيقة وتتطلب التحقيق ومتابعة الملف قضائيا من أجل غلقه إما بالإدانة أو بالبراءة.

مرحلة اللاعودة

ويضيف محدثنا قائلا: " لقد كتب الوزير والقيادي النهضاوي السابق المرحوم المنصف بن سالم كتابا صدر في دولة الكويت اعترف فيه بوجود جهاز سري للحركة سمي "المجموعة الأمنية" وكان مكلفا بمهام عديدة منها الإنقلاب على نظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وفشل الجهاز في مهمته بعد أن سبقه زين العابدين بن علي إلى ذلك وقام لاحقا بملاحقة عناصره وأودعوا السجون وتم تعذيبهم. واعترف بن سالم الذي أصبح وزيرا للتعليم العالي بعد "الثورة" أنه من كان يشرف على هذا الجهاز لكن لم يثبت إلى حد الآن أن ذلك الجهاز قد بقي متواجداً بعد أن أصبحت الحركة تعمل في العلن ونالت تأشيرتها القانونية واعترفت الدولة بوجودها وصارت شريكة في الحكم".

و يعتبر الناشط السياسي التونسي أن إحتضان الرئيس لمن يحركون ملف الجهاز السري لحركة النهضة وإحالته للملف على مجلس الأمن القومي الذي يرأسه هو، وتهديد لمن يعطلون سير التحقيقات بشأنه بلهجة حادة، يؤشر على أن القطيعة بينه وبين حركة النهضة وصلت إلى مرحلة اللاعودة.

ويخشى الكوباكجي من أن تتحول تونس في قادم الأيام إلى ساحة لصراع المحورين القطري ـ التركي الداعم لحركة النهضة من جهة والسعودي ـ الإماراتي الذي يسعى لاستمالة رئيس الجمهورية من خلال الوعود الإقتصادية المغرية التي قدمها السعوديون.

2018-12-05