ارشيف من :أخبار عالمية
الان كورفيس في حديث مع "الانتقاد.نت" حول قرار (أوباما) إلغاء نشر الدرع الصاروخية في أوروبا
باريس ـ خاص الانتقاد.نت
أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما إلغاء نشر الدرع الصاروخية الأميركية في كل من تشيكيا وبولونيا. ومن المعلوم أن هذه الدرع كانت استراتيجية غالية على قلب الرئيس السابق جورج بوش الذي كان يتذرع بخطر الصواريخ الإيرانية على أوروبا. وقد ترك قرار اوباما هذا تساؤلات كثيرة حول الأسباب الحقيقة لهذا القرار وماهية الأهداف المرجوة من خلاله أو المقايضات التي يمكن أن تكون سببا من أسباب الإلغاء خصوصا بعد كلام المستشارة الألمانية ميركيل عن مقايضة مع الملف النووي الإيراني.
"الانتقاد.نت" وفي متابعة لهذا الموضوع المهم أجرت لقاء مع العقيد الركن المتقاعد في الجيش الفرنسي (آلان كورفيس) الذي أجاب على أسئلتنا حول الموضوع:
ـ لماذا ألغى الرئيس الأميركي باراك أوباما نشر الدرع الصاروخية في تشيكيا وبولندا؟
هذا العمل يتماشى كليا مع السياسة الأميركية الجديدة التي أعلنها باراك اوباما، والقاضية بالقطيعة مع مخلفات عهد جورج بوش الكارثة على العالم وعلى أميركا نفسه. هذا من ناحية ومن جهة أخرى، لم يعد باستطاعة أميركا تحمل الأعباء الناتجة عن هذا المشروع من النواحي السياسية والاستراتيجية، خصوصا أن المضي في هذا المشروع يعني قطع خيوط التواصل الضعيفة مع روسيا . لذلك فإن إلغاء هذا المشروع كان لابد منه لإثبات نية الولايات المتحدة في إحداث تغيير جدي في سياستها عبر العالم.
ـ نفهم من كلامك أن أميركا تبحث عن تقارب مع روسيا؟
نعم ، هناك عودة قوية لروسيا إلى الساحة الدولية، وقد ظهر ذلك بوضوح في آب/ أغسطس عام 2008 عند الهجوم الروسي على جورجيا. كلنا نعلم بعد ثورة غورباتشوف سيطرت الولايات المتحدة على روسيا في عهد يلتسين، الذي أرادت أميركا من خلاله القضاء على قوة روسيا، غير أن الأمر اختلف مع وصول بوتين للحكم في الكرملين، حيث اتخذت روسيا منحى هجوميا أكثر في العالم.
ـ تكلمت عن مرحلة مفصلية هي الهجوم الروسي على جورجيا؟
نعم ، هذه الحرب هي البلاغ الرسمي عن عودة الروس للعب دورهم في العالم،. بوتين عبر هذا الهجوم قال لأميركا هذه هي حدود الصبر الروسي ولن نسمح أبدا بتخطينا بعد اليوم. لا تنسى ان ساكاشفيلي هو الحليف الأقرب لأميركا والغرب وضربه كان رسالة موجهة لهما. خصوصا أن ما عرف فيما بعد كشف عن تحريض أميركي لساكشفيلي للتحرش بروسيا عبر الهجوم على أبخازيا. لقد أوهم نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني الرئيس الجورجي ساكاشفيلي أن روسيا لن تتجرأ على معاقبته وأن الأساطيل الأميركية سوف تتدخل لحمايته من أي هجوم روسي، وهذا ما لم يحصل لأنه ببساطة ليس باستطاعة أميركا خوض حرب ضد روسيا من اجل ساكاشفيلي وجورجيا.
ـ هناك من يقول أن إلغاء مشروع الدرع الصاروخية جاء مقايضة مع الروس حول النووي الإيراني؟
لا، هذا الأمر ليس صحيحا ولا يستقيم إذا ما نظرنا للخريطة الاستراتيجية ولميزان القوى الحالي. من ناحية روسيا فهي كانت أشارت إلى عزمها نشر منظومة صواريخ اسكندر بالقرب من بولونيا، فضلا عن رسائل وجهتها لمن يهمه الأمر حول إمكانية نشر هذه المنظومة في الشرق الأوسط وتحديدا في سوريا، فضلا عن ذلك أن الضغط الروسي على إيران حاليا لن يفيد شيئا لأن النووي الإيراني دخل مرحلة اللاعودة وهذا معروف لدى دوائر القرار العالمي، من اجل هذا نجد روسيا تدعو دوما للحوار مع طهران وتعارض العقوبات عليها، كما أن هناك الصين التي تعتمد أكثر فأكثر على النفط والغاز الآتي من إيران.
ـ ماذا عن أميركا ومطالبها مقابل إلغاء هذا المشروع؟
أميركا ألغت المشروع لأنها غير قادرة على تنفيذه، هناك الأزمة الاقتصادية وهناك الآن في داخل الولايات المتحدة التعديل في نظام الضمان الاجتماعي والصحي الذي سوف تظهر آثاره الكبيرة على الميزانية الأميركية في السنوات المقبلة. أما بالنسبة لإيران فالولايات المتحدة لديها سياسة واحدة اتجاه هذا البلد تتلخص في توصيات (بيكر ـ هاملتون) التي دعت للتفاوض مع طهران. أميركا تريد التفاوض مع طهران لأنها دخلت النفق المظلم في كل من العراق وأفغانستان، وهي تعلم أن إيران هي الطرف الوحيد القادر على إنقاذها من ورطتها هذه. الملف النووي لن يكون على قائمة المحادثات. ما يهم أميركا هو الخروج بسلامة من العراق ومن أفغانستان. ويمكن لروسيا أن تلعب هنا دور الوسيط والمحفز لطهران على قبولها بإنقاذ ماء وجه أميركا عبر ترتيبات مشرفة للخروج من البلدين دون أن يكون لهذا الخروج انعكاسات على صورة الولايات المتحدة في العالم. كما وأذكرك بالصين ودورها المحوري أيضا. أميركا ليست وحدها وروسيا أيضا.
ـ تحدثت مرتين عن الصين ودورها ؟
الصين تلعب دورا كبيرا في ما تعانيه أميركا في جبال أفغانستان. في قمة شانغهاي الماضية كان وزير الخارجية الصيني واضحا تماما عندما قال أمام المجتمعين : (يجب أن نعدم أميركا في أفغانستان) . هناك رفض صيني قاطع للتواجد الأميركي في هذه المنطقة والصين في مجلس الأمن أكثر تشددا من روسيا في معارضة العقوبات على إيران.
ـ كيف تنظر فرنسا إلى خطوة أوباما هذه؟
فرنسا ليست منزعجة أبدا من هذا القرار، بل العكس هو الصحيح، لأن بولونيا وتشيكيا أرادتا عبر جلب أميركا لعب دور اكبر في الاتحاد الأوروبي وهذا ما لن يحصل، فضلا عن أن سياسة الرئيس ساركوزي الأوروبية عمادها إنشاء قوة أوروبية مشتركة للردع والتدخل وهذا احد أحد عناوين حملته الانتخابية وقد أدى منذ سنتين إلى توتر مع ألمانيا. نحن نذكر كلام شيراك أثناء أزمة العراق عندما رفض مواقف بولونيا من التجاذب الذي حصل بين فرنسا وأميركا في مجلس الأمن حول العراق وقال كلمته الشهيرة ( كان على هذه الدول الجديدة أن تقفل فمها).