ارشيف من :ترجمات ودراسات
خاص الانتقاد.نت: القمة الثلاثية في نيويورك تعزز نتنياهو وتذل عرب التسوية
كتب المحرر العبري
بعد تسعة أشهر من تعيينه جورج ميتشل مبعوثا خاصا للمسيرة السلمية، وما قام به من جولات مكوكية ولقاءات عقدها طوال الفترة الماضية، لم يتمكن الرئيس الاميركي باراك اوباما من "إقناع" رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرورة تجميد البناء في المستوطنات ولو لبضعة اشهر تمهيدا للقمة الثلاثية في نيويورك. بل ان ما حصل هو ان نتنياهو اصر على موقفه الرافض لأن يشمل التجميد القدس الشرقية والمباني العامة والوحدات السكنية التي هي في طور البناء في الضفة الغربية، وفي الوقت نفسه عقدت القمة الثلاثية حيث لم يحاول اوباما ولو بشكل استعراضي الضغط على "إسرائيل" لتجميد البناء في المستوطنات بل استبدل كلمة "تجميد" بكلمة "ضبط" كما لم يتم خلالها تحديد مرجعية أو إطار عام للمفاوضات الأمر الذي شكل تراجعا له إمام العناد الإسرائيلي.
واذا ما اردنا ان نستشرف آفاق المفاوضات حول القضايا الاساسية المتمثلة بالقدس واللاجئين، وإزالة المستوطنات والحدود من خلال ما جرى يمكن الجزم انه لن يقدم للطرف الفلسطيني في أي مفاوضات مستقبلية ما يمكنه من تسويقه كإنجاز للشعب الفلسطيني. وبعبارة مبسطة، إن من كان عاجزا، او ممتنعا، عن الضغط على "إسرائيل" لتجميد مؤقت في البناء الاستيطاني كيف سيضغط على الطرف الإسرائيلي لإزالة هذه المستوطنات، او لتقسيم القدس ناهيك عن عودة اللاجئين الفلسطينيين. وعليه يمكن القول ان المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من العناد الإسرائيلي والضغط الاميركي على الطرف الفلسطيني للتأقلم والقبول بما يعرضه الإسرائيلي تحت حجج مختلفة مثل تمكين نتنياهو من مواجهة اليمين المتطرف وحتى لا تتفكك حكومته او حتى لا ينشق الليكود... .
وعليه لم يكن غريبا ان يبادر نتنياهو واتباعه بالتهليل لنتائج القمة واعتبارها انجازا سياسيا لمعسكر اليمين حتى ان المستوطنين فككوا خيمة الاحتجاج التي نصبوها امام مكتب رئيس وزراء العدو ظنا منهم ان نتنياهو كان سيجمد البناء في المستوطنات بشكل مؤقت.
ولعل من ابرز ما انطوت عليه القمة من أبعاد امران: الاول مرتبط بالطرف العربي والثاني بالوضع الداخلي الإسرائيلي.
بالنسبة للأول عكس انعقاد القمة الثلاثية والمواقف التي تضمنتها هشاشة الطرف العربي والفلسطيني (التسووي) في المعادلة السياسية القائمة بين الاطراف الثلاثة (الولايات المتحدة و"إسرائيل" والطرف الفلسطيني والعربي (المعتدل).
أما بخصوص البعد الثاني، يمكن القول ان موقع نتنياهو تعزز داخل حزبه وفي حكومته التي اصبحت الان أكثر استقرارا. ولعل الابرز في هذا المجال هو ان نتنياهو حظي بتأييد ودعم اليمين المتطرف في الحكومة، وفي الوقت نفسه بدعم رئيس حزب العمل ايهود باراك ورئيس الكيان شمعون بيريس، بما يمثلانه من رمز تسووي ويساري.
ويمكن القول ايضا ان اداء معسكر التسوية (العربي والفلسطيني) ساهم ويساهم في تعزيز معسكر اليمين الإسرائيلي عبر تمكين الاخير من اثبات صحة مقولته أنه يمكن لـ"إسرائيل" ان تثبت على مواقعها ومواقفها من دون تقديم تنازلات جوهرية، وفي نهاية المطاف فإن الطرف العربي هو من سيتنازل ويتأقلم مع الواقع. وهكذا يصدق على عرب التسوية مقولة انهم يعززون بأدائهم معسكر اليمين فيما الاخير يمعن في اذلالهم.