ارشيف من :ترجمات ودراسات
خاص الانتقاد.نت: منشأة قم النووية تربك الكيان الإسرائيلي ورعاته
كما هو متوقع أحدث اعلان الجمهورية الاسلامية في ايران عن منشآة نووية جديدة بالقرب من مدينة قم صدمة لدى صناع القرار في العالم الغربي ولدى الكيان الإسرائيلي، لما انطوى عليه من ابعاد ومعادلات كشفتها وكرستها ايران في العلاقة مع الغرب، رغم ادعائه المعرفة المسبقة بها.
وعليه لم يكن مفاجئا، لكل من يحيط بحقيقة النظرة الإسرائيلية للبرنامج النووي الايراني، ان تعتبر "إسرائيل" الإعلان عن منشأة قم النووية الجديدة، دليلا على ان ايران تسعى للحصول على اسلحة نووية، هذا إلى جانب التبجح الاسرائيلي المعروف دائما في مثل هذه الحالات وهو ان الاستخبارات الإسرائيلية، فضلا عن بعض الغربية الاخرى، كانت تعلم بهذه المنشأة سابقا.
بخصوص المواقف الإسرائيلية، لا بد من التذكير بأن اصل امتلاك ايران للطاقة النووية امر مرفوض اسرائيليا بغض النظر عن كونه عسكريا او سلميا، وانه مع او بدون الاعلان عن المنشأة الجديدة كانت "إسرائيل" تكرر دائما بأن ايران تعمل على انتاج اسلحة نووية، في محاولة لتحريض العالم عليها.
لذلك لم يكن امرا مستجدا اعتبار "إسرائيل" للمنشأة دليلا على عسكرة البرنامج النووي الايراني. اضف إلى ان دعوة ايران للوكالة الدولية لمراقبة المنشأة يؤكد ان ما ينطبق عليها ينطبق على منشأة "نتانز" وبالتالي ليس هناك من جديد.
لذلك ان مقولة ان ايران اخطأت او قدرت بشكل خاطئ الاعلان عن هذه المنشأة او حتى انها لم تتمكن من توظيفها كما كانت تسعى، هي مقولة واهية لا تستند إلى حد ادنى من المعرفة بخلفيات الموقف من البرنامج النووي الايراني.
اما بخصوص التركيز على المعرفة المسبقة بالمنشأة، سواء من قبل الاستخبارات الإسرائيلية او بعض الغربية، فهو ادعاء طبيعي في مثل هذه الحالة، لما ينطوي عليه الاقرار بالمفاجأة، من معان وابعاد تمس هيبة ومصداقية وقدرات هذه الاجهزة. كما انه ينسجم مع حالة التبجح والنفخ التي تعيشها الاستخبارات الإسرائيلية في هذا المجال، من دون ان يعني اننا نوهن من قدراتها وخبراتها. لكن بالنسبة لهذه القضية بالذات يبدو جليا ان هذه الادعاءات لا تنسجم مع مجريات الاحداث السابقة واللاحقة.
ولا يخفى بأن الاعتراف بأن ايران اعلنت عن هذه المنشأة رغم عدم معرفة أي من الاجهزة والمؤسسات والدول بها، يشكل تسليما واقرارا بشفافية ايران في هذا المجال، لذلك فإن رفض التسليم بحقيقة ان ايران دولة نووية يفرض على هذه الدولة انكار هذه الحقيقة والادعاء بأن الاعلان عن هذه المنشأة كان محاولة استباقية من قبل ايران قبل ان يعلن الغرب عنها.
في كل الأحوال اتى إعلان إيران عن منشأة قم النووية ليقول للعالم ولكيان العدو:
أن كل التهديدات والطروحات الغربية والإسرائيلية لم تكن لتدفع القيادة الإيرانية إلى أدنى تردد في المجال النووي. وانه في الوقت الذي يتواصل فيه الحديث عن المفاوضات والحوار والعقوبات فإن إيران تواصل دفع برنامجها النووي كما لو انه لا عقوبات ولا مفاوضات ولا أخطار بضربات عسكرية وحروب.
ومن جهة أخرى تواصل إعداد نفسها على كافة المستويات لمواجهة أية أخطار من هذا النوع، بعيدا عن تقديراتها السياسية حول استبعاد إقدام الأطراف المعادية على أي خطوات.
شكل اعلان ايران عن المنشأة دليلا اضافيا للعالم بأن الجمهورية الاسلامية لن تساوم او تتنازل في هذا المجال ايا كانت الظروف والمواقف الدولية.
اما بخصوص توقيت الاعلان فيبدو ان ايران ارادت فرض حقائق على الارض تريد من العالم ان يتعامل معها. خاصة وانه يأتي قبل عدة ايام على بدء الحوار بينها وبين الاعضاء في مجلس الامن فضلا عن انه أتى في الاسبوع الذي عقدت فيه الجمعية العمومية للامم المتحدة وبعد مدة قصيرة من المؤتمر السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وعليه رغم كل الضجيج والتقارير الإعلامية والمواقف التي اتخذت، فقد نزل الاعلان عن منشأة قم النووية، على رؤوس القادة الإسرائيليين كالصاعقة ووضع مصداقيتهم والشعارات التي رفعتها حكومة نتنياهو حول اولوية مواجهة البرنامج النووي الايراني على محك الاختبار، ويمكن القول انه يدفع باتجاه الكشف عن حقيقة امتلاك إسرائيل والاخرين عن خيارات مجدية وفعالة لكبح ايران عن مواصلة برنامجها النووي