ارشيف من :ترجمات ودراسات
صخرة ديان.. مسمار العدو الصهيوني في مصر
القاهرة ـ خاص "الانتقاد.نت"
صخرة ديان.. نصب تذكاري إسرائيلي في مصر علي أرض سيناء، أقامه الكيان الصهيوني حيث قتل أسرانا في 67، وهي عبارة صخرة يصل ارتفاعها إلى نحو 30 مترا وضع عليها شعار سلاح الجو الإسرائيلي موضوعة فوق قبة رملية، وتحيط بها الأسلاك الشائكة على مساحة مائتي متر مربع، على شاطئ مركز الشيخ زويد بالقرب من مدينة رفح بمحافظة شمال سيناء.
أُنشئت هذه الصخرة أثناء الاحتلال الصهيوني لسيناء علي أرض الحاج إسماعيل الخطابي، أحد رجال المقاومة في العريش. وترجع قصتها إلى عام 1967 عندما كانت تقوم اثنتان من طائرات التجسس (الإسرائيلية)، وقتذاك باستعراض للقوة فوق شواطئ سيناء، وارتطمتا ببعضها وهوتا في البحر المتوسط، وعجزت القوات (الإسرائيلية) عن العثور علي جثث الطيارين الخمسة عشر الذين كانوا يستقلونهما. فأمر موشي ديان وزير الدفاع الصهيوني آنذاك، بنحت صخرة ضخمة من جبل موسي المقدس بدير سانت كاترين- لإضفاء نوع من القدسية علي النصب المنحوت- ووضعها علي القبة الرملية المقابلة لموقع سقوط الطائرتين في البحر، نقشت عليها أسماء الطيارين ورتبهم العسكرية، ونقشت أسفل هذه الأسماء خريطة "إسرائيل الكبرى" من النيل إلي الفرات.
وقد نحتت هذه الصخرة على ثلاث وجهات، الأولى على شكل امرأة عربية تحمل طفلها وتهرول ناحية البحر تعبيرا عن الخوف من الصهاينة، والوجهة الثانية علي شكل خريطة سيناء منكسة، والثالثة علي شكل خريطة فلسطين كما يراها (الإسرائيليون).
إسماعيل الخطابي صاحب الأرض اعترض على إقامة صخرة ديان علي أرضه، مؤكدا أنه تقدم بعدة شكاوى إلي جهات دولية، ومنها الصليب الأحمر، طالب فيها بحقه في أرضه؛ خاصة بعد انتصار أكتوبر؛ إلا أنه خاب ظنه فرفع دعاوى قضائية ضد رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ووزيري الدفاع والداخلية، ومحافظ شمال سيناء، ورئيس الوحدة المحلية بالشيخ زويد، بصفاتهم، يطالبهم فيها بهدم النصب، وعلى الرغم من كل هذا لا تزال الصخرة قائمة.
وقد اختار ديان المكان المخصص لإقامة النصب التذكاري بعناية فائقة، فهو المكان نفسه الذي شهد مذبحة مروعة للأسرى المصريين، كما أن ارتفاع المكان عن سطح البحر جعل النصب التذكاري على مرمى البصر من الجميع، وكان يقصد بذلك أن يظهر أن القتلى الإسرائيليين أغلى من الشهداء المصريين، والدليل على ذلك أن "إسرائيل" أقامت لقتلاها نصبا تذكاريا يخلد ذكراهم، منقوشة عليه أسماؤهم حتى الآن، أما الشهداء المصريون الذين سقطوا في هذا المكان لا يجدون من يقرأ عليهم الفاتحة.
الإيحاء الآخر الذي تمثله الصخرة، يتمثل في ضخامتها وارتفاعها لتوحي بالهزيمة والانكسار، والمثير أن هذه الصخرة تحولت بعد ذلك إلى حائط مبكى جديد؛ يحج إليه الإسرائيليون كل عام ليذرفوا دموع التماسيح على قتلاهم، وليتحول الأمر إلى مسمار جحا جديد على أرض مصر، يضاف إلى أبو حصيرة والمعبد اليهودي وغيرهما من الأماكن على الأراضي المصرية.
وقالت تقارير نشرتها صحف إسرائيلية إن النصب التذكاري في سيناء في حالة مزرية ونشروا نداءات عائلات الجنود والضباط الإسرائيليين التي تطالب الحكومة الإسرائيلية باسترداد النصب التذكارية الإسرائيلية المقامة على أرض سيناء منذ عام 1967 بحجة تعرضها للإهمال والإفساد علي يد المصريين.
كان عدد كبير من عائلات الجنود الصهاينة الذين دفنوا أسفل النصب قد احتجوا على رسومات معادية لـ "إسرائيل" رسمها زوار مصريون مثل الصليب المعقوف شعار النازية وغيرها من الرسومات المسيئة لـ "إسرائيل"، كما أكدوا أن هناك صعوبات تعترض طريقهم دوما في الوصول إلي النصب التذكاري؛ الأمر الذي دفعهم للمطالبة الآن بنقله إلى "إسرائيل".
ورغم أن هذه النصب موجودة علي أرض سيناء بموجب بنود معاهدة السلام الموقعة بين مصر و"إسرائيل" فإنها تواجه مطالب مصرية شعبية وبرلمانية شديدة بضرورة إزالتها لما تسببه من استفزاز مشاعر المصريين لكونها تذكرهم بمرارة الاحتلال الإسرائيلي وعمليات استباحة دماء النساء والأطفال والأسرى المصريين في نفس المكان.
وقال مصدر أمني بشمال سيناء إن مصر لا تمانع في إعادة صخرة ديان إلى "إسرائيل"؛ لكنه أكد أن "إسرائيل" لم تطلب استرداد النصب حتى الآن.
ونفى المصدر ما تردده الصحافة الإسرائيلية عن قيام السلطات المصرية بمنع الإسرائيليين من زيارة النصب، مؤكدا أن أي سائح يرغب في زيارته لا يجد أي مشكلة في ذلك؛ لكنه ألمح إلي أن حركة السياح الإسرائيليين انخفضت بشكل كبير منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في أيلول/سبتمبر 2000.
كما رحب أهالي سيناء من جانبهم بنقل النصب التذكاري إلى "إسرائيل"؛ ومن المعروف أن هناك عددا كبيرا من القضايا التي تمت إقامتها لإزالة صخرة ديان والتي تعتبر مزاراً سياحياً وأحد معالم الكيان الصهيوني لكن المحكمة بمدينة العريش قضت فيها بعدم الاختصاص.
صخرة ديان ليست النصب التذكاري الإسرائيلي الوحيد على أرض مصر، فعلى أرض سيناء أيضا وتحديدا في منطقة مركز الحسنة بشمال سيناء يقع النصب التذكاري الثاني، وهو عبارة عن تمثال من المعدن لجندي إسرائيلي يرتدي زيه العسكري ويحمل أدواته القتالية وعلى رأسه خوذة معدنية تحمل نجمة داود، ويمسك بيديه بندقية آلية في وضع تحفز لإطلاق النار.
وكان هذا النصب قد أقيم بعد عامين تقريبًا من احتلال "إسرائيل" لسيناء حيث كانت قوات الاحتلال تفرض خلال تلك الفترة حظر التجوال على السكان، ولم تكن تسمح لأي مصري بالتجوال بالمنطقة، لكن هناك بعض شباب المقاومة هاجموا إحدى الدوريات العسكرية التي كانت تجوب المنطقة وتبادلوا مع أفرادها إطلاق النار وقتلوهم جميعًا، تخليدا ولذكراهم قامت "إسرائيل" بإقامة هذا النصب التذكاري.
أما النصب التذكاري الثالث فيقع على الطريق الرئيسي للعريش حيث أقامته "إسرائيل" تخليداً لذكرى أحد أركان جيشها وكان جنرالاً بسلاح المشاة، بعدما لقي مصرعه في انفجار لغم أرضي عام 1967 استهدف سيارته العسكرية أثناء مروره على أحد مواقع الدوريات الأمنية. وهو عبارة عن عامود من الرخام وضعت فوقه سيارته المحترقة.