ارشيف من :أخبار عالمية

خاص الانتقاد.نت: الأبعاد الإسرائيلية لسحب تقرير غولدستون

خاص الانتقاد.نت: الأبعاد الإسرائيلية لسحب تقرير غولدستون
تأجيل التقرير يعطي "إسرائيل" الضوء الأخضر لتكرار جرائمها بعد أن اطمأنت بأنها وقادتها يفلتون من العقاب والمحاسبة


كتب المحرر العبري

لم ولن تنجح كل محاولات الاحتواء وامتصاص النقمة الشعبية التي ترتبت على قرار تأجيل مجلس حقوق الإنسان تقرير لجنة تقصي الحقائق التي يترأسها ريتشارد غولدستون المتعلق بالجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، إلى الدورة القادمة التي تبدأ شهر آذار/ مارس المقبل. خاصة وان قرار التأجيل اتخذ بناء على رغبة الطرف الفلسطيني السلطوي، رغم أن 33 عضوا من أصل 47 من أعضاء مجلس حقوق الإنسان كانوا يدعمون القرار.

ومهما تعددت محاولات التملص من المسؤولية عبر تشكيل لجان تحقيق او المطالبة بإيضاح الاسباب او التلطي وراء حجة عدم السماح لـ"إسرائيل" بوضع عراقيل امام العملية السياسية، تكاد تكون المعلومات عن الدور المخجل والمهين للسلطة الفلسطينية في سحب التقرير، المكون من 600 صفحة ويضم عشرات الخلاصات والتوصيات، من النوع الذي لا يصدق لأنه في الواقع تجاوز كل الخطوط الحمراء.

والاكثر إهانة هو محاولة المقايضة بين دماء أكثر من 1400 شهيد فلسطيني بينهم أكثر 400 طفل "برخصة للهواتف النقالة او بمفاوضات وهمية وعبثية لم تجلب سوى الويلات للشعب الفلسطيني".

ورغم اننا لا نتوقع، في اشد السيناريوهات تفاؤلا، ان يتم سوق المسؤولين الاسرائيليين إلى محاكم دولية لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، الا ان المتابع للتقارير الاعلامية الإسرائيلية يلحظ أن "إسرائيل بقياداتها السياسية والعسكرية تنفست الصعداء بعد قرار التأجيل، واعتبرته انجازاً عظيماً لها وعلى قدرتها على الإفلات من المحاسبة والعقاب الدوليين". خاصة وانها كانت تخشى من ان يترجم في نهاية المطاف إلى شكاوى ضد الضباط وكبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الذين شاركوا في الحرب العدوانية على قطاع غزة.

ولم يكن خافيا الدور الاسرائيلي والاميركي في الضغط على السلطة الفلسطينية لاتخاذ قرار بسحب التقرير من جدول اعمال مجلس حقوق الانسان، وان اتى تحت عنوان التأجيل، فقد كشفت الصحف الإسرائيلية عن ان رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ووزير حربه ايهود باراك، ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان قادوا حملة دبلوماسية في مؤسسات الامم المتحدة وأجروا اتصالات مع زعماء أوروبيين، ومع الإدارة الأمريكية.

وفي هذا الاطار كتب "الوف بن" في صحيفة "هآرتس" "ادارت اسرائيل حملة دبلوماسية شديدة القوة ترمي الى دفن توصيات غولدستون ووقف مبادرته لتقديم اسرائيليين الى المحاكمة في خارج البلاد. وكانت الذروة في تهديد نتنياهو بأن توقف "اسرائيل" المسيرة السياسية اذا لم تسحب السلطة الفلسطينية التماسها الى مجلس حقوق الانسان" كما تحدثت انباء عن اتصالات وضغوط قامت بها وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بهدف سحب التقرير.

من هنا فقد شكل تراجع السلطة عن طلبها بتبني الأمم المتحدة لتقرير لجنة "غولدستون" انجازا إسرائيليا بامتياز.

ولعل النتيجة الأخطر من أي نتيجة أخرى هو أن طلب تأجيل التقرير يعطي "إسرائيل" الضوء الأخضر لتكرار جرائمها، بعد أن اطمأنت بأنها وقادتها السياسيين والعسكريين يفلتون من العقاب والمحاسبة.

2009-10-05