ارشيف من :أخبار عالمية
خاص الانتقاد.نت: رضوخ "إسرائيل".. نتيجة لفشل أجهزتها الأمنية
كتب المحرر العبري
الأمر الذي لا لبس فيه هو ان تحرير 20 اسيرة فلسطينية وعودتهن إلى عوائلهن واخوانهن واولادهن يشكل انجازا كبيرا للمقاومة وحركة حماس في فلسطين، خاصة وانه تم رغما عن ارادة العدو وضمن اطار تبادل معلومات عن حياة الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة، غلعاد شاليط بتحرير اسيرات احياء. والوجه الاخر لهذا الانجاز انه يشكل بينة اضافية على عقم خيار التسوية في تحقيق امال الشعب الفلسطيني، ليس فقط في مجال التحرير والاستقلال وانما ايضا بما يتعلق بتحرير الأسرى.
لكن ما نود تسليط الضوء عليه هو جانب اخر من انجازات المقاومة في فلسطين، ويتمثل بحقيقة أنه لولا يأس الاجهزة الامنية الإسرائيلية من محاولة تحديد مكان اخفاء الجندي الأسير غلعاد شاليط في قطاع غزة ومن أي محاولة انقاذ له لما رضخت حكومة نتنياهو ووافقت على تحرير الاسيرات الفلسطينيات. وفي هذا المجال من الجدير الاشارة إلى ما اورده المعلق السياسي في صحيفة يديعوت احرونوت (4/10/2009) ناحوم برنياع، انه في احدى اللقاءات الامنية بين "اسرائيل" والولايات المتحدة شارك مندوب المخابرات الاسرائيلية، وهو شخص برتبة موازية لرتبة لواء، تباهى على مسمع من الامريكيين بالسيطرة الاستخبارية الاسرائيلية في قطاع غزة بالقول "لا يوجد بيت لا نعرف من يوجد فيه، لا يوجد ثقب لا نعرفه". لكن ما لم يقله المندوب ان "هناك ثقب واحد، وهو الاهم، وهو ثقب الثقوب الذي يحتجز فيه غلعاد شاليط" لم يتم العثور عليه. وبعد ان يؤكد برنياع على انه لن يحقق في هذا القصور الاستخباراتي، يتساءل ان كان عدم عثور المخابرات الإسرائيلية على شاليط يعود إلى ان آسريه استثنائيين في ذكائهم ومحصنين امام الرشوة والغباء، ام لأن احدا في منظومة الاستخبارات فضل الا يفرز المصادر اللازمة لذلك. واعتبر ان عدم المعرفة الحقيقية تعفي القيادة السياسية والامنية من المعضلة.
لكن برنياع يعود ويقر انه مهما قيل في وسائل الاعلام حول "الصفقة" التي تمت هي تعبير عن "فشلنا وعلى ذلك ينبغي دفع الثمن" مضيفا ان "دولة غير قادرة على العثور على جنديها الذي اختطف، ناهيك عن انقاذه، تفقد جزءا كبيرا من قوتها على المساومة ويعرضها للأبتزاز ويكشف عن قابليتها لذلك. لكنه برر بشكل ضمني خضوع حكومة نتنياهو لأن الخيارات امام إسرائيل في معالجة هذه المشكلة كانت: اما عملية انقاذ بالقوة، او القيام بضرب قادة الحركة وعائلاتهم او مفاوضات تخضع فيها "إسرائيل" للإبتزاز. ويبقى خيار اخر وهو عدم قيام "إسرائيل" بأي عمل وابقاء الجندي لسنوات طويلة ويعتقد برنياع ان الخيار الاخير غير ممكن في المجتمع الإسرائيلي الذي مع كل عملية تبادل تتجاذبه الجدالات حول المبدأ الذي ينبغي تبنيه في مثل هذه الحالات: هل يخضع "للإرهاب" ام يترك الجندي لمصيره، وما هي النتائج السلبية المترتبة على كل من هذين الخيارين في صفوف المجتمع الإسرائيلي. ويؤكد برنياع ان "الشارع الاسرائيلي لا يمكنه ان يصمت امام احزان الاهالي ومعاناة المخطوف، ووسائل الاعلام ستساهم بدورها في الدموع (وبعد ذلك ستوبخ الحكومة على تنازلاتها). والحكومة ستدخل في مفاوضات وتضمن تبني قواعد جديدة، اكثر تشددا، في حالة الاختطاف التالي" من دون ان ننسى الاشارة إلى انها لا تنفذها ولا تستطيع تنفيذها.
ويخلص برنياع إلى ان الخضوع لابتزاز فصائل المقاومة في أي عملية مفاوضات هي بمثابة "ذر للرماد في عيون انفسنا، لأنه اذا ما اختطف جندي اخر ستبدأ العملية نفسها التي اوصلتنا إلى النقطة الحالية في الاتصالات لتحرير شاليط" مشيرا إلى انه بعد اكثر من ثلاث سنوات، على ما يبدو، لا يوجد مفر من الوصول الى صفقة.