ارشيف من :أخبار لبنانية

لماذا تقلق "إسرائيل" من المتغير السياسي الياباني الجديد ؟

لماذا تقلق "إسرائيل" من المتغير السياسي الياباني الجديد ؟

حالة هياج وغضب تعيشها اسرائيل على خلفية فوز الحزب الديمقراطي الياباني المعارض على الحزب الليبرالي الذي ظل يحكم اليابان طوال نصف قرن من الزمن بلا انقطاع.

حالة هذا الغضب تأتي في الحقيقة من تخوف اسرائيلي بشأن إمكانية أن تنزع اليابان رداء تبعيتها المطلقة للسياسة الامريكية وأن يعاد لليابان في ظل فوز الحزب الديمقراطي دورها المتوازن في دعمها حقوق الغير والوقوف في وجه سياسات الظلم والهيمنة والتسلط، رغم أنه من المبكر الحكم على الادارة اليابانية الجديدة قبل أن تبلور مقولاتهاالنظرية ومشاريعها العملية لإخراج اليابان من أزمتها ولا يزال إلى اليوم هناك رهان واضح على أن الانحياز الشعبي في اليابان سيكون إلى توجه الحزب الفائز في الانتخابات وإلى الوقوف خلفه إذا ما صدق في ترجمة شعاراته التي أطلقها خلال أيام حملته الانتخابية وبالتالي سيكون اليابانيون خلف الحكومة الجديدة لما تمثله من رغبة عارمة بضرورة تأديب الحزب الليبرالي الذي تجاهل طوال نصف قرن من الزمن القاعدة الشعبية في اليابان وتجاهل أيضاً الدور الوطني والإقليمي لليابان وخياره في الاحتماء تحت ظل العباءة الامريكية التي قزمت الحضور الياباني في المحافل الاقليمية والدولية لأبعد الحدود.‏

اسرائيل كانت الأكثر قلقا من الوضع الياباني الجديد وهي بادرت على الفور في التعبير عن هذا القلق وإن كان هو قلق مشترك أمريكي اسرائيلي أو لنقل «غربي» أيضاً، إذ إن خروج اليابان عن دوامة الطاعة الامريكية واحتمالات العودة إلى الواقع الآسيوي سيعيد الكثير من الاختلالات القائمة في حالة العلاقات الدولية غير المتوازنة اليوم والتي تزعج بالطبع"اسرائيل" أكثر من غيرها ، ذلك لأنها المستفيدة الرئيسية جراء الوضع الياباني الحالي لسياساتها المنطوية تحت اللواء الامريكي.‏

فالصحافة الاسرائيلية تناولت هذا الموضوع بإسهاب وأبرز ما قالته على سبيل المثال صحيفة "هآرتس" إن الحزب الديمقراطي سينتهج سياسة خطيرة للغاية تستهدف الابتعاد عن الولايات المتحدة وستكون اليابان في عهده أكثر استقلالية في سياساتها الخارجية وأكثر ارتباطاً بالصين ودول آسيا الأخرى ومعنى هذا كما تقول الصحيفة الاسرائيلية سيحقق أمنية اليابانيين كما هو واضح في عودة اليابان إلى الأسرة الدولية الآسيوية وبالتالي تراجع اليابان عن تأييدها لغزو افغانستان أو العراق والأمر ينطبق على سياسات اقليمية أخرى وبالتالي لن تكون "اسرائيل" مرتاحة لهذه الحال اليابانية الجديدة التي قد تمتد آثارها إلى القضية الفلسطينية .

صحف إسرائيلية أخرى وصفت زعيم الحزب الياباني الفائز رئيس الحكومة الجديدة يوكويوها بـ"أوباما اليابان"، واضافت أنه ليس من المستبعد أن ينسق أوباما أمريكا مع أوباما اليابان في سياساتهما حيال اسرائيل، كما أنه ليس من المستبعد أن تقدم حكومة توياما اليابانية الجديدة على الاعتراف بحماس وعلى طلب اجراءات من جانب "اسرائيل" لصالح الفلسطينيين بما في ذلك تجميد النشاط الاستيطاني اليهودي، حتى ذهبت صحيفة هآرتس الاسرائيلية في مقال آخر لها إلى القول إنها تتوقع حدوث مواجهة بين طوكيو وواشنطن من جهة وبين "اسرائيل" من جهة أخرى، وأول مواجهة عارضة حدثت بين السفير الاسرائيلي في اليابان "نسيم بن شيريت: وبين رئيس الحكومة اليابانية الجديدة توياما حين أعرب للسفير الاسرائيلي عن قلقه العميق ازاء عدد القتلى الفلسطينيين الذين سقطوا جراء العدوان الصهيوني على غزة، معرباً المسؤول الياباني عن أمله في أن تغير "اسرائيل" من سياستها تجاه العالم العربي على النحو الذي جرى في الولايات المتحدة بعد تسلم الرئيس أوباما السلطة.‏

الأوساط الاسرائيلية تتوقع من جانبها مع تسلم الحزب الديمقراطي الياباني زمام السلطة في اليابان أن تبدأ طوكيو بالخروج من حالة الوصاية الأمريكية على سياسة اليابان الخارجية، ذلك أن المشاعر العامة السائدة في أوساط الرأي العام الياباني فيما يتعلق بـ "اسرائيل" والفلسطينيين ستجد المجال أمامها قد اتسع للتعبير عن غضبها الحقيقي تجاه "اسرائيل" واهتمام بكسب صداقة العرب واحترامهم ونصرة قضيتهم الفلسطينية المركزية، كذلك المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة وأوربا بدأت من الآن تبدي مخاوفها من التغيير القادم في اليابان وهي تستعد لإطلاق حملة من العداء للسامية داخل المجتمع الياباني لعله يقف ضد أي توجه للحكومة اليابانية الجديدة إلى جانب القضايا العربية، كما أن تلك المنظمات بدأت في توزيع أكبر عدد من كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون"، بعد أن ترجمته إلى اليابانية كما أن "اسرائيل" والمنظمات اليهودية تتخوف من المشاعر اليابانية التي لايزال يحتفظ كل ياباني بذاكرته بأن من ألقى القنبلة الأمريكية النووية على هيروشيما هو جنرال يهودي.‏

كما تعمد المنظمات اليهودية و"اسرائيل" في إطار حملتها تلك إلى توسيع انتشار الثقافة اليهودية في الوسط الياباني نظراً لأن عدد اليابانيين الذين يدينون بالديانة اليهودية لايتجاوز عددهم الألفين.‏


صحيفة "الثورة" السورية - علي سواحة

2009-10-10