ارشيف من :ترجمات ودراسات

اسرائيل تهدد "حزب الله" بـ "ستيف اوستن"

اسرائيل تهدد "حزب الله" بـ "ستيف اوستن"
من باب التهكم المقصود، يمكن أن نتخيل أن مصادر رفيعة المستوى في الجيش الصهيوني، تقول الآتي "إسرائيل على وشك الانتهاء من تطوير منظومة جديدة مضادة للصواريخ، كتلك التي استخدمها حزب الله في حرب تموز 2006، وهي منظومة لم يشهد الوجود لها مثيلاً، إذ إنها قادرة على معرفة نيات مطلقي الصواريخ، قبل خمس دقائق من إطلاقها، وتؤدي إلى تفجير الصواريخ في وجه من يريد الإضرار بالجنود الإسرائيليين".


ويمكننا أن نتخيل أيضاً، أن مصادر العدو نفسها تقول إن المنظومة الجديدة تنضم إلى اختراع آخر، هو ذراع "ستيف أوستن"، التي يمكن أن يحملها أي جندي من سلاح المشاة، وتمكّنه من حمل أطنان من الحديد وخلع الأبواب الثقيلة.
 
ومن باب التخيّل أيضاً، يمكن المصادر العسكرية الإسرائيلية أن تقول إن "على حزب الله و"أعداء إسرائيل" أن يعلموا بوجود هذه الاختراعات، وعليهم أن يخافوا كثيراً من القدرات الجديدة التي باتت موجودة لدى الجيش الإسرائيلي، وأن يخافوا إلى درجة ارتعاد فرائصهم والموت من الخوف، وبالتالي أن لا يفكروا بالقيام بأي عمل معادٍ لإسرائيل".


مناسبة قول ذلك، تراكم أنباء إسرائيلية في الفترة الأخيرة، خارج إطار المعقول والمنطق، عن وجود اختراعات أو اكتشافات تكون عادة "في المرحلة الأخيرة من التطوير"، وقادرة على مواجهة مكمن من مكامن القوة لدى أعداء "إسرائيل"، وتحديداً لدى حزب الله.

يعالج كل اختراع من هذه الاختراعات وضعاً ثبت في عام 2006 أن يد المقاومة هي العليا فيه، وأن ليس للجيش الإسرائيلي رد عليه.


ذراع "ستيف أوستن" المشار إليها أعلاه، ليست ذراعاً خيالية استُخدمت لهدف التهكم وحسب، بل تناولته التقارير الإسرائيلية بالفعل، عام 2008، إذ أشارت وسائل إعلام الدولة العبرية إلى أن الرئيس الإسرائيلي نفسه، شمعون بيريز، يشرف على هذا الاختراع، ويعمل على توفير التمويل المالي لإنجازه.
 
في حينه، كشفت إسرائيل أيضاً، أنها في صدد تطوير سترة خاصة واقية من الرصاص، هي شبه شفافة وقادرة على حماية الجنود من رصاص العدو، ولشدة قوة هذه السترة "التي لا مثيل لها" ونجاعتها، يمكن عدداً من الجنود أن ينزعوها عن أجسادهم ويضعوها على الدبابات الإسرائيلية، ما يجعلها محمية من الصواريخ المضادة للدروع.
 
علماً بأن الدبابات الإسرائيلية، بحسب مسلسل استعراض الاختراعات نفسه، أصبحت محمية بعدد كبير من المنظومات الدفاعية، غير المسبوقة لدى أي من الجيوش الحديثة، إلى درجة أصبحت "تندلق" دفاعاتها على الأرض، بعدما ازدحم متن الدبابات بها.


آخر اختراعات "إسرائيل" المشابهة، منظومة دفاعية أشارت إليها صحيفة "يديعوت أحرونوت" قبل أيام، تعالج قصور جيش العدو في حماية عناصر المشاة لديه، وتحول دون وقوع إصابات في صفوفه كما حصل في عام 2006 في أكثر من موقع شهد مواجهة


وتنقل الصحيفة عن مصادر في الصناعات العسكرية الإسرائيلية قولها إن "إسرائيل توشك على تطوير منظومة هي الأولى من نوعها في العالم، وقادرة على رصد الصواريخ بمجرد إطلاقها. ومن خصائص هذه المنظومة قدرتها على تحويل مسار هذه الصواريخ عن الهدف باتجاهات أخرى".

وأشارت هذه المصادر إلى أن جيش الاحتلال "سيكون أول جيش في العالم يحمي سلاح المشاة لديه، في وجه مثل هذه الصواريخ، التي استخدمها حزب الله في حرب لبنان الثانية، سواء أكانت صواريخ كورنيت أو ميلان أو غيرها". ورغم أن المنظومة لم تنجز بعد، وهي في مرحلة التجارب التي لم تُعلَن سابقاً، يقول الاستعراض الإسرائيلي، إن "جيوشاً أجنبية حول العالم، تنوي ابتياعها".


لا يعصى على متابع الشأن الإسرائيلي أن يدرك أن جزءاً كبيراً من إعلانات "إسرائيل" واختراعاتها، يهدف إلى إيجاد ردع حيال أعدائها، أو تعزيزه إن كان موجوداً، رغم عدم إمكان نفي وجود مساع إسرائيلية حثيثة، لتحقيق عدد منها وإنجازه.
 
يشير الاستعجال الإسرائيلي في استخدام طروحات ونماذج أولية لاختراعات يُعمَل عليها، إلى تدنٍّ في مستوى الثقة لدى الإسرائيليين بجيشهم، ما يستدعي إعادة ترميمها من خلال الإسراع في إعلان أي أفكار تكون لدى الصناعات العسكرية، وإن كانت تلامس أطراً خيالية، كما هو حال اختراع ذراع "ستيف أوستن".
 
في الوقت نفسه، ينزع هذا الاستعجال عن إعلانات إسرائيل أي قدرة فعلية على ردع أعدائها، لوضوح مقدار المبالغة فيها، بل وينزع قدرة الردع عن اختراعات أخرى محققة، أو يمكن أن تتحقق بالفعل.


عملياً، تُوجَّه الدعاية الإسرائيلية إلى أعداء إسرائيل، وإلى الإسرائيليين أنفسهم في آن معاً. بل يرى الإسرائيليون أنهم أكثر تلقياً لها من غيرهم. وسواء في التدريبات العسكرية التي لا يكلّ الناطق الرسمي للجيش الإسرائيلي في إصدار بيانات عنها، أو في المواجهات الممكن وقوعها في أي لحظة، كما يشيع الضباط الإسرائيليون، سيدرك جنود إسرائيل أن هذه الاختراعات غير صحيحة، أو مبالغ فيها كثيراً، وبالتالي سيُسهم في تردي ثقتهم بجيشهم وبقادتهم، عما هي عليه من تردٍّ مثبَت، كما تشير استطلاعات الرأي في أعقاب فشل عام 2006.

يبدو أن صدمة عام 2006، وتلهّف إسرائيل وراء تحسين صورتها أمام جمهورها وأمام أعدائها، يتجاوز كونه صدمة وانتكاسة وإخفاقاً، ما يدفعها إلى توسّل أساليب حرب نفسية، أقل ما يقال فيها أنها غير موفقة.

صحيفة الاخبار


2009-10-12