ارشيف من :ترجمات ودراسات

خاص "الانتقاد.نت": الهروب من لجنة التحقيق الرابعة خوفاً من اهتزاز صورة الجيش الاسرائيلي مجدداً

خاص "الانتقاد.نت": الهروب من لجنة التحقيق الرابعة خوفاً من اهتزاز صورة الجيش الاسرائيلي مجدداً

جهاد حيدر

كما كان متوقعا، تهرّب المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر للشؤون الامنية والسياسية، وأحجم عن تشكيل لجنة تحقيق اسرائيلية خاصة، في "احداث" العدوان على قطاع غزة، برغم الدعوات الداخلية الاسرائيلية التي طالبت بذلك، بدءا من وزارة القضاء الاسرائيلية، مرورا برأي عام بدأ يتشكل بقوة في الكيان، وصولا الى جهات عديدة في وزارة الخارجية الاسرائيلية نفسها، وعلى رأسها وزير الخارجية افيغدور ليبرمان.. وبالتالي فان وزير الحرب الاسرائيلي ايهود باراك ومعه الجيش الاسرائيلي بصورة عامة، خرج منتصرا، إذ يرفض أي امكان لتشكيل لجنة تحقيق، باعتبار ان تشكيل اللجنة يشير الى اقرار اسرائيلي بالجرائم التي اقترفتها "اسرائيل" في غزة خلال عدوانها على القطاع.
برغم ذلك، خرجت الجلسة بسلسلة من القرارات ذات الصلة بتقرير غولدستون، اذ اصدر رئيس الحكومة الاسرائيلية بينامين نتنياهو توجيهات للمسؤولين الاسرائيليين بتشكيل هيئة خاصة للتعامل مع ما اسماه الهجمات الاعلامية والدبلوماسية التي تتعرض لها اسرائيل حول الحرب على غزة، على ان يكون من مهامها التعامل مع الدعاوى القضائية التي ترفع ضد ضباط من الجيش الاسرائيليين وضد مسؤولين في المؤسسة الامنية لاسرائيل.

في ذلك يمكن الاشارة الى التالي:

من المبكر القول ان اسرائيل لن تعمد الى تشكيل لجنة تحقيق خاصة بها، ويعود ذلك الى انه خيار مطروح بقوة في ساحة النقاش الاسرائيلية كوسيلة فعالة لوقف اي تداعيات اضافية لتقرير غولدستون، اذ من شأن تشكيل هذه اللجنة ان يمنع وصول التقرير الى مجلس الامن والى جهات دولية اخرى، كالمحاكم الدولية ومحكمة لاهاي، هذا على صعيد المكسب المباشر، اما على صعيد المكسب غير المباشر فان من شأن تحقيق اسرائيل مع نفسها، برغم سخافة الطرح عمليا، ان توفر لمريدي اسرائيل في الساحة الدولية مادة للدفاع عنها، لان نتيجة التحقيق لن تكون على مستوى من مستويات تسمح بادانة اسرائيل.

أحد الخيارات الاسرائيلية المطروحة على بساط البحث في اسرائيل، ان تكون لجنة التحقيق، في حال تشكيلها، لجنة تحقيق غير قادرة على تسمية اشخاص ارتكبوا جرائم حرب في غزة، هذا في حال توصلت بالفعل الى ان اسرائيل ارتكبت جرائم مشابهة، بل لا يمكن لها ان تصدر توصيات تتيح بمقاضاة اي من المسؤولين الاسرائيليين، بل تعمل على التعميم والحديث العام من دون الدخول في التفاصيل.

على ذلك، من المتوقع ان تتبنى الحكومة الاسرائيلية قرارا بتشكيل اللجنة، على النحو المذكور اعلاه، باعتبار ان فوائد التشكيل افضل بكثير من أضرار عدم التشكيل.

من ناحية ثانية، تشير "اوامر" نتنياهو الى الخشية الاسرائيلية الحقيقية من تقرير غولدستون، اذ انه يتوقع بالفعل تقديم عدد من الضباط والمسؤولين الاسرائيليين الى المحاكمة في دول متعددة يتيح نظامها القضائي مقاضاة مجرمي حرب، حتى وإن لم تحصل هذه الجرائم ضد مواطنيها، او في ارضها، والخشية الاسرائيلية كبيرة جدا الى درجة تشكيل هيئة خاصة لملاحقة المسألة وتقديم العون القضائي لهؤلاء الضباط.

بعيدا من التداعيات المباشرة لتقرير غولدستون، تسعى اسرائيل الى الحد، قدر الاستطاعة، من تفاعلاته على القادة العسكريين في الجيش الاسرائيلي، وخاصة ان اسرائيل تتوقع نشوب مواجهة مع اعدائها في اي لحظة، كما تشير وتؤكد مصادر عسكرية اسرائيلية في اكثر من مناسبة في الفترة الاخيرة، وبالتالي تسعى اسرائيل الى الحد من مفاعيل التقرير بلجم مسؤوليها وتكبيل اياديهم في المواجهات المقبلة، اذ لا يمكن ادارة اي حرب او اي مواجهة، محدودة كانت او واسعة النطاق، وشبح الملاحقة القضائية الدولية والتقارير المقبلة المقدر ان تصدر في اعقاب حروب اسرائيل المستقبلية، تخيم فوق رؤوس الضباط الاسرائيليين.

2009-10-22