ارشيف من :ترجمات ودراسات
سورية وفرنسا.. نحو مرحلة جديدة في علاقات قائمة على الثقة والمصداقية
تخطو العلاقات السورية الفرنسية باتجاه تعميق التعاون بين البلدين في المجالات المختلفة بعد الزيارة التي قام بها السيد الرئيس بشار الأسد إلى فرنسا في تموز 2008 وزيارتي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى دمشق في أيلول 2008 وكانون الثاني الماضي وأسست تلك الزيارات لبداية مرحلة جديدة على المستويات الثنائي والإقليمي والدولي.
وتأتي زيارة الرئيس الأسد إلى فرنسا لتطوير هذه العلاقات القائمة على الثقة المتبادلة والمصداقية بما يصب ليس فقط في مصلحة البلدين ولكن في خدمة الاستقرار والأمن في المنطقة وقد عبر الرئيس الأسد مراراً عن الالتزام بتطوير تلك العلاقة ودفعها إلى الأمام.
وفي تصريح لوكالة سانا وصف السفير الفرنسي في دمشق إيريك شوفاليه زيارة الرئيس الأسد إلى فرنسا بالهامة جداً وبأنها تشكل مرحلة جديدة في علاقات البلدين في ضوء الإرادة المشتركة في إعطاء دفع وديناميكية جديدين للعلاقات السورية الفرنسية التي تستند إلى جذور تاريخية وتسهم في تعزيز التعاون مشيراً إلى أن العلاقات السورية الفرنسية تقوم على أساس الاحترام المتبادل وتقدير كل منهما للدور الذي يلعبه الآخر في محيطه.
وأشار شوفاليه إلى قرار الرئيسين الأسد و ساركوزي العام الماضي بإعطاء تلك العلاقات دفعا إيجابياً الأمر الذي انعكس في الزيارات المنتظمة والمتبادلة للمسؤولين بين الجانبين.
وقال السفير الفرنسي: إن بلاده ترى أن سورية لها دور مهم في المنطقة وفي تحقيق التوازن والاستقرار ومن ثم تحقيق السلام لافتاً إلى الجهود المشتركة التي يبذلها البلدان في هذا المجال.
وأشار شوفاليه إلى أن المباحثات بين الرئيسين الأسد و ساركوزي ستتناول تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات إضافة إلى تطورات عملية السلام والأوضاع في المنطقة.
وفيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي اعتبر شوفاليه أن فرنسا تعي تماما أن سورية ليست لاعباً سياسياً أساسياً في المنطقة فحسب ولكنها أيضاً لاعب اقتصادي مهم لافتاً إلى مسيرة الإصلاح الاقتصادي في سورية بقيادة الرئيس الأسد والتي كان لها نتائج إيجابية إضافة لمؤشرات النمو ما يدل على الديناميكية الجيدة بالاقتصاد السوري.
وأكد السفير الفرنسي أن الشركات الفرنسية تدرك أهمية سورية على الصعيدين الاقتصادي والجغرافي فهي تشكل صلة الوصل بين البحر المتوسط والعراق ودول الخليج وآسيا وتربط أيضاً بين تركيا والأردن وبقية البلدان الواقعة في الجنوب وانطلاقاً من وجهة النظر هذه بدأت الشركات الفرنسية باستثمار القدرات الكبيرة الموجودة في سورية وبإقامة المشاريع الهامة فيها كشركة توتال وبيل ولافارج التي سمحت باستقدام أحدث التكنولوجيا إلى سورية و أيضا شركة سي إم ا - سي جي إم التي تعمل في مجال النقل البحري و شركة إيرليلكيد العاملة في مجال الصناعة، معبراً عن أمله بأن تستطيع الشركات الفرنسية المساهمة في إنشاء ميترو دمشق والطرق الدولية الكبرى في سورية.
وفيما يتعلق بالوضع في المنطقة أكد شوفاليه على الموقف الفرنسي الواضح والداعم لتحقيق السلام الشامل والعادل وإقامة الدولة الفلسطينية معبراً عن أمله في إيجاد مخرج للأزمة في قطاع غزة في إطار عملية السلام وفتح المعابر وشدد على أن فرنسا هي مع كل جهد يؤدي إلى تحقيق السلام في المنطقة مذكراً أن بلاده عندما كانت تترأس الاتحاد الأوروبي أدانت التدخل في غزة.
واختتم السفير الفرنسي بالقول إن التطور المتنامي في علاقات البلدين خلال أكثر من عام مضى تعكسه كثافة الاتصالات الدبلوماسية المباشرة بين البلدين للتشاور حول كل المواضيع التي تهم المنطقة والزيارات المتبادلة والعديدة للوفود البرلمانية والاقتصادية والتجارية والصناعية لمتابعة ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة الرئيس الأسد إلى فرنسا وزيارتي الرئيس ساركوزي إلى سورية حيث تم وضع خطة عمل من قبل البلدين لتعزيز تلك العلاقات وقد جاء تأسيس مجلس الأعمال السوري الفرنسي لتتويج ولترجمة عمق تلك العلاقة.
وانعكاساً للتطور الإيجابي ارتفع معدل التبادل التجاري بين البلدين خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي إلى197 مليون يورو مقارنة بـ182مليون يورو خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وفي إطار الديناميكية الجديدة التي تشهدها العلاقات تم مؤخراً افتتاح الوكالة الفرنسية للتنمية في دمشق والتي تتولى تمويل وتقديم هبات وقروض وخبرات تقنية لمشاريع مقامة في سورية في مجال الاتصالات والنقل والطاقة المتجددة والشمسية والمياه وتتولى أيضا دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والقطاع الزراعي والريفي وإقامة مشاريع مشتركة مع القطاعين العام والخاص.
ويضاف إلى ذلك وجود شركات فرنسية كبرى تعمل في سورية في مجالات المصارف والسكك الحديدية والنقل والاتصالات والتكنولوجيا وتقانة المعلومات والتي وجدت لها بيئة مناسبة للاستثمار في سورية.
روبير: زيارة الرئيس الأسد إلى باريس تكرس العلاقات الايجابية السورية الفرنسية على جميع الأصعدة
وقال الكاتب الفرنسي فيليب دوسان روبير: إن العلاقات السورية الفرنسية عادت إلى وضعها الطبيعي وخصوصاً بعد الاستقبال الحار للرئيس بشار الأسد بباريس في تموز العام الماضي وزيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى دمشق وتأتي هذه الزيارة الجديدة للرئيس الأسد إلى باريس لتكرس العلاقات الإيجابية بين البلدين على جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وقال روبير في تصريح لوكالة سانا: إن الوضع في الشرق الأوسط متوتر بسبب التعنت الإسرائيلي وفشل مساعي التسوية السلمية وخصوصاً بعد تراجع الولايات المتحدة عن وعودها والتزاماتها داعياً إلى القيام بمساع جادة لانقاذ الموقف واستعادة زمام المبادرة معتبراً أن كل الانظار موجهة إلى أوروبا وخاصة فرنسا التي أعلنت تمسكها بالسلام في الشرق الأوسط.
وأضاف الكاتب الفرنسي أن سورية برهنت على التزامها بالمبادئ الدولية وبالسلام العادل والشامل ولابد أن يزداد التعاون بين سورية وفرنسا ومشاركة قوى دولية وإقليمية في السعي للتوصل إلى تسوية سريعة وعادلة مؤكداً وجود أوجه تلاق كثيرة بين البلدين يمكن توظفيها في إنهاء التوتر وتحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة بكاملها.
واعتبر روبير أن الصداقة الجيدة بين فرنسا وسورية لابد من أن تكون لها انعكاسات على الوضع الإقليمي وخاصة الصراع العربي الإسرائيلي والاستقرار الأمني وإنهاء الاحتلال الأجنبي وخاصة الأمريكي لبعض البلدان وتحقيق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي.
من جهته قال المعلق السياسي في القناة الثالثة في التلفزيون الفرنسي كريستيان مالار: إن الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الأسد إلى باريس تندرج في إطار تجديد الصداقة والثقة بين سورية وفرنسا.
وأضاف مالار في تصريح لوكالة سانا في باريس أن التحرك الإيجابي للرئيسين الأسد وساركوزي أخذ أبعاداً جديدة بعد بروز الديناميكية التي ولدها التعاون بينهما لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
وأكد مالار أهمية استئناف عملية السلام ومفاوضات السلام على أساس الانسحاب الكامل من الجولان السوري المحتل والأراضي الفلسطينية المحتلة حتى خط الرابع من حزيران عام 1967.
ونوه مالار بدور سورية الإيجابي في دعم لبنان وأمنه واستقراره.
يشار إلى أن الكاتب روبير هو من الكتاب الفرنسيين الكبار له مؤلفات ثمينة عن العالم الثالث وأقام عدة سنوات في سورية وله علاقات متينة مع كبار مبدعيها ومفكريها وهو من مؤسسي جمعية التضامن الفرنسي العربي وشارك في عدة مؤتمرات دفاعاً عن حقوق العرب الشرعية في فلسطين ودافع عن دور سورية الرائد في حركة الانبعاث القومي.