ارشيف من :ترجمات ودراسات
مقاربة كيان العدو للوضع في لبنان: عجز فتخبط فتهديد
"الانتقاد.نت"
من الطبيعي أن يحظى تشكيل الحكومة اللبنانية باهتمام إسرائيلي، رسمي وإعلامي بارز، سواء ترجم ذلك على ألسنة المعلقين السياسيين والأمنيين ومن خلال مواقف القيادات السياسية والعسكرية أم لم يتم تظهير ذلك.
ومنشأ ذلك يعود إلى موقع لبنان في الاستراتيجية الإسرائيلية العامة انطلاقا من انضوائه في دائرة الأطماع التوسعية للكيان، وهو الأمر الذي كشفت عنه الوثائق الصهيونية ومذكرات بعض قادته التاريخيين، من امثال موشيه ديان وموشيه شاريت وغيرهم...، كما تتأكد أهمية لبنان لدى صناع القرار في كيان العدو، بالنظر إلى الهزائم المتتالية التي تلقاها جيشه منذ اجتياحه الواسع للاراضي اللبنانية عام 1982، وصولا إلى الاندحار الكبير في العام 2000، ثم الصدمة التي تلقاها خلال حرب العام 2006.
اما بخصوص الاستثنائية التي يحظى بها لبنان في المرحلة الحالية، فهي تعود إلى وجود ونمو مقاومة تحوّلت إلى سد استراتيجي امام اطماع العدو التوسعية ونياته العدوانية على لبنان والمنطقة.
ومن هنا تلاحظ المتابعة الإسرائيلية المتعددة الطبقات (سياسية، عسكرية، اعلامية، بحثية...) لمجريات الشأن اللبناني الداخلي، ومن أبرز تجلياتها الآنية الموقف الذي عبّرت عنه القيادات الإسرائيلية من الانتخابات النيابية الاخيرة، في حزيران الماضي، وتحديدا على لسان وزير الحرب ايهود باراك الذي توعد الشعب اللبناني بمواجهة جبروت الجيش الاسرائيلي اذا ما فاز حزب الله (في اشارة الى معسكر المعارضة) في الانتخابات... ثم تحذير رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو لاحقا من مشاركته في الحكومة...
أما الآن وبعدما تشكلت الحكومة لاحظنا مبادرة مسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى توجيه التهديدات للبنان باستهداف البنى التحتية والمؤسسات الحكومية على خلفية مسؤولية الحكومة عن كل ما قد يقوم به حزب الله...، في المقابل كشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" المقربة من نتنياهو عن انهم "في اسرائيل قلقون من التطورات السياسية في لبنان بعدما انضم حزب الله مؤخرا الى الحكومة في بيروت".
وعليه:
-يبدو واضحا انه بعدما عجز العدو عن منع تبلور التهديد المحدق بأطماعه التوسعية وهيمنته وأمنه القومي، من خلال مراكمة المقاومة لقدراتها العسكرية كما ونوعا، يحاول تحويل التهديد المتمثل بمشاركة حزب الله في الحكومة الذي يمنحه "الشرعية السلطوية" وامكانية "تحويل لبنان إلى مخزن سلاح هائل وتعظيم تعاونه مع دول "محور الشر" إلى فرصة، عبر محاولة تقييد حركته وردعه عن المبادرة... عبر استهداف البنى التحتية لتأليب الرأي العام اللبناني على حزب الله.
من هنا فإن تهديدات العدو باستهداف البنى التحتية تعتبر متناسبة مع سياقها السياسي، ومن المستبعد ان تكون مؤشرا او بداية لعدوان اسرائيلي واسع على لبنان.
واذا ما اردنا ان نوصف مقاربة كيان العدو لمجريات الساحة اللبنانية، سواء السياسية او ما يتصل منها بتعاظم قدرات المقاومة، في المرحلة الحالية، فإن اكثر ما يتجلى فيها عجزه الذي برز في اكثر من محطة... ثم تخبطه في تقويم الواقع وتحديد الموقف الذي يجسد مصلحته... ثم توجيه التهديدات تلو التهديدات.