ارشيف من :مقاومة
علي شعيب يروي لـ"الانتقاد.نت" يوميات الحرب: .. هكذا واجهتُ أكاذيب الإحتلال بسقوط كفركلا
مراسل على خط النار الحلقة 17
حوار فاطمة شعيب
العزيمة التي إستمدها علي شعيب من مشهد الطفلين عند بوابة فاطمة جعلته يخترق الطريق الرئيسية لبلدة كفركلا وصولاً الى مثلث كفركلا ـ العديسة ـ ديرميماس وسط البلدة، فلم يصادف أحداً .. إلا أن الإعتداءت الإسرائلية في ذاك المكان كانت بصماتها واضحة من خلال الأضرار التي لحقت ببعض المنازل والمحال التجارية جراء إصابتها بقذائف معادية.. صوّر علي تلك المشاهد .. ثم توغل داخل الأحياء السكنية الضيقة المقابلة لمستعمرة المطلة عند المرتفع الغربي للبلدة..
كان المشهد في هذه الأحياء مغايراً تماماً لمشهد المثلث الخالي.. حيث كانت الأحياء تضجّ بالحياة بصورة غير متوقعة.. فالبلدة التي قيل إنها سقطت بيد الإحتلال كانت تُظهر بأن الأحتلال ساقط فيها.
يقول علي: "كنت أشمّ رائحة خبز المرقوق تنبعث من أكثر من مكان.. وما أن طرقتُ أحد ابواب المنازل المأهولة.. حتى خرج أهلها فرحين بوجودي بينهم .. وماهي إلا دقائق حتى إنفتحت أبواب المنازل في الحي وتداعوا نحو الكاميرا ليعلنوا بقائهم وصمودهم بوجه الإعتداءت الإسرائيلية في قريتهم ..
دقائق أخرى .. وعجّ الحي بالأطفال والنساء والرجال في مشهد لم يُشاهد حتى في أيام السلم !! ..
الأطفال أخرجوا دراجاتهم الهوائية وبدأو يلهون بها ذهابا وإياباً في إشارة عن عدم خوفهم، أما النسوة فسارعن لإحضار الخبز المرقوق الطازج مع ترويقة بلدية غابت طيلة أيام الحرب، وها هي صينية القهوة تحضر من أحد المنازل فيما آخرون أحضروا الفواكه التي قطفوها من أمام بيوتهم وكأن عرساً حلّ في المكان، "كانت هذه الصورة التي سجلتها بعدستي كافية لضحض أكاذيب الإحتلال والتي كانت أكثر عنفواناً صورة النسوة اللواتي قدمنّ وهنّ يحملنّ السكاكين ليتحدينّ بها جنود الإحتلال" ..
"توجهتُ إلى بعض المنازل القديمة" يتابع علي شعيب.. "وأجريت بعض المقابلات مع عدد من كبار السن الذين كانوا منشغلين بالدعاء للمقاومين الذين كانوا يواجهون دبابات الإحتلال عند مدخل البلدة لجهة العديسة طوال فترة الليل" .. وحدّثوني عن مشاهداتهم .. وكيف دمّر المقاومون دبابتي ميركافا قرب عبارة كفركلا كانتا تحاولا الدخول الى البلدة .. وأذكر أن إحدى النسوة ارسلت رسالة الى قائد المقاومة عبر الكاميرا .. بأنها هي واهالي البلدة الصامدين لن يتركوها.. وأن جنود الإحتلال لن يمرّوا إلا على الأجساد وختمت الرسالة بتوقيعها "نايفة العبد فواز" ..
كل ذلك كان يجري وسط تحليق مكثف للطائرات الحربية المقاتلة التي كانت تدمر المنازل عند مرتفعات البلدة وخلال إلتقاط صور لمستعمرة المطلة المقابلة والموقع الإسرائيلي الذي يرتفع فوقها "تلة ترياق" وكان بجانبي عدد من الأهالي والأطفال وإذا بقذائف كان يطلقها المقاومون وتسقط داخل الموقع المذكور.. وعندما تحركت إحدى الدبابات في الموقع أصابها صاروخ فدمّرها .. حينها علت صيحات التكبير والتهليل من حولي وأدركت عندها أنني إصطدت صيداً إعلامياً كبيراً لما سيكون لهذا المشهد من وقع معنوي على القاطنين والنازحين معاً.. وعندما أردت أن أختم تقريري بـ "ستاند آب "أمام الكاميرا .. وبما أني لوحدي طلبت من أحد الأشخاص المدنين الموجودين إدارة الكامير نحوي وعلّمته كيف يسجّل ثم أجريت خلاصة لما يجري ومما شاهدته في داخل القرية، وبينما كنت أغادر هذه الأحياء إستوقفني مجموعة من الاطفال وسط الطريق أرادوا إيصال رسالة أيضاً عبر هتاف موجه وقبضات مرفوعة "يا نصرالله يا حبيب دمّر دمّر تل ابيب"، كان ذلك الوقت يقارب موعد إطلالتي على نشرة الاخبار عبر الهاتف فشرحت بالصوت حينها ما رأيت.. وتحديت كل المشككين بعدم سقوط كفركلا بيد الإحتلال وقلت لهم إنتظروني على نشرة السابعة والنصف مساءً كي تتأكدوا من صدق مشاهداتي عبر الصورة الحيّة ...
حمل علي شعيب كنزه وتوجه مسرعاً إلى مدينة مرجعيون وبعد إنجاز التقرير توجه به وحيداً وسيراً على الأقدام بإتجاه نهر الخردلي لعدم قدرة السيارة على الوصول الى تلك المنطقة بسبب حفرة كبيرة وسط الطريق عند مفرق ديرميماس ـ القليعة أحدثتها غارة صهيونية سابقة .. وعند الضفّة الأخرى من النهر الذي وصلها "علي" مبللاً بالمياه .. كان ينتظره سائق تاكسي قادماً من النبطية مخاطراً بنفسه لمجرد إيصال هذا الفيلم الذي يعتبر صاروخا بوجه الإحتلال ..
.. يتبع