ارشيف من :أخبار لبنانية

القرارات الجديرة نحترمها.. واما القرارات التي لا تحترم شعوبنا فلا نحترمها ولا نطبقها

القرارات الجديرة نحترمها.. واما القرارات التي لا تحترم شعوبنا فلا نحترمها ولا نطبقها
الانتقاد.نت ـ قاسم ريا

القرارات الجديرة نحترمها.. واما القرارات التي لا تحترم شعوبنا فلا نحترمها ولا نطبقها

على غير العادة كما في كل الندوات، المحاضر يعتذر عن بعض ما سيقول ولكن الاعتذار مشوب بالغضب.. هذه هي حال نصري الصايغ، مذ عرفناه  صحفيا، كاتبا.. ومنتفضاً.
أما اليوم وبعد ان "ولد نصري من جديد"، بمكن لنا ان نفهم، "كيف يتكلم.."، سيما عندما يكون الموضوع على علاقة بالمقاومة، وبالاستراتيجية الدفاعية عن لبنان..
المناسبة، حفل إطلاق كتاب رياض قهوجي  "اسس سياسة الدفاع اللبنانية" خلاصة وتوصيات مؤتمر "لبنان الحاضر والانتقال للمستقبل: استراتيجية الدفاع اللبنانية 2008" الذي عقد في 14/15 تشرين الثاني / نوفمبر 2008 برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ومشاركة ممثلين عن كافة اطراف طاولة الحوار اللبنانية، بالاضافة الى اكاديميين وعسكريين، الذي جرى في البيال لمناسبة معرض الكتاب بيروت 2009، وبمشاركة حشد من الضباط والعسكريين الاجانب واللبنانيين.
بدأ الصايغ مداخلته بالإعتذار عما سيرد في كلامه من هفوات أو أخطاء خاصة، ممهداً لمداخلة ناريّة أثارت إعجاب الضباط البريطانيين قبل اللبنانيين.
قال الصايغ أنه "عندما اتصل بي الصديق رياض قهوجي بعد زيارة وطلب مني أن اكون شريكاً في اطلاق كتابه قبلت معه تأدباً، على أمل أن احتال بطريقة ما لأستعفي من هذا الموضوع، إلا أن الإلحاح فرض علي الإلتزام بالوعد المؤدب، خاصة وأن لا علاقة لي لا بالنجوم ولا بالزينات ولا اعرف الطابور من الأسطول، فكيف بي ان ابحث بموضوع ذات طابع إستراتيجي، حضر الكتاب بتقرير وبالفعل وقفت أمامه بتساؤل، أي وسيلة للهرب؟ من العادة عندما تقع أيديك على كتاب تبدأ بالبحث على صور، بحثت فوجدت صورة وحيدة وتأملتها، وهي صورة رسم بياني وضعها العميد إلياس حنا، لم تفدني كثيراً ولكنني قررت أن أبحر في هذا الموضوع من خلال الأسماء في الفهرس، ووجدت في الأسماء العميد الركن فلان والعميد والعميد، لم يترك أحداً من الضباط إلا وكان موجوداً، مالي ولهذا العالم.
قلت أخيراً بما أن هذا الموضوع هو موضوع في قسمه سياسي، فلأبحر في هذا الجزء، وخرجت بعد قراءة ليست عاجلة وإنما معمقة بالخلاصة التالية: هذا كتاب يستطيع ان يقرأه أهل الإختصاص وأن يستفيدوا منه كثيراً وهو كتاب لأمثالنا أهل الثقافة العامة الذين لهم القدرة على فهمه ومناقشته ومساءلته وحتى نقده فاسمحوا لي بعد الشكر للمؤسسة التي قامت بهذا المشروع أن أدلي بدلوي مع التذكير الأول : اعذروا اخطائي وهفواتي .. "
وبدا الحضور في حال من الدهشة للطريقة التي إبتدأ الصايغ كلامه فبادرهم بالقول:" منيح .. شو هالعبوس بالقاعة! اطلعوا كيف عابسين هيك " فارتاح الجميع وضحكوا..
الناظر يعود للكلام ..
إنه لأمر يثير الأسى أن تشعر بأن العالم يتغير كثيراً فيما أنت كمواطن مقيم في لبنان أو في المدى العربي، لا تتغير ..
وإذا حاولت خشيت من الإنهيار، وإنه لأمر مثير للإحباط أن ترى غيرك وكل غيرك يتغير ويتبدل ويتطور وأنت في لبنان أو في المدى العربي تسعى للبقاء في حال التكلس خوفاً من التشقق.
لهذا الكتاب الذي بين أيدينا سمة التغيير، اولا انا قلت في رأسي اذا كان هذا الكتاب سيتكلم كما كلام السياسيين فلأغلقه من البداية وأقول لهم ان رأسي يؤلمني، ولكني فوجئت بأنه كلام في الفكر السياسي والفكر الإستراتيجي، فقلت هذا الكتاب بالفعل نتاج جهد وعمل دؤوبين وحصيلة أوراق جادة ومناقشات في أكثر المواضيع حيوية في لبنان وفي المدى العربي أيضاً.
أن تناقش بعلمية أوراق كتاب سياسيين وخبراء عسكريين ورجال إقتصاد وأصحاب خبرة ومتابعين جديين من الأسماء والأوراق
وأن تثير أسئلة جديدة ونقاشات جديدة متباينة، هذا دليل على أننا بتنا لا نخاف الخروج من التكرار، من منا لم يحفظ التسجيلات لـ8 و14 اذار، كله نفس الشيء ..
القرارات الجديرة نحترمها.. واما القرارات التي لا تحترم شعوبنا فلا نحترمها ولا نطبقها

هناك أسئلة أكثر من الأجوبة والتناقض وإختلاف وجهات النظر كان كبيراً، شيء جديد علينا إذن أن نحيد قليلاً عن الأسماء كي نقول: هذا كتاب يستحق أصحابه الشكر والنقد، لأنه لو كانوا يستحقون التأييد فقط لكان علينا أن نحزن ونقيم في أثر الإكتفاء بما نحن فيه، أما بعد، الكتاب يضعنا في المنطقة الأصعب من حاضرنا، في البيئة المستقبلية الأكثر صعوبة، فأسس سياسة الدفاع اللبنانية، وهو عنوان الكتاب التقرير، والذي قام بتنظيمه وإعداد مواده الأستاذ رياض قهوجي ومعاونيه الأكفاء، يشير إلينا بضرورة الإستعداد لمغامرة عقلية لا سياسية فقط، مع الإبتعاد عن الكثير من محاولات الإصطياد والإبتزاز أو عن نصب الكمائن، وهذه مشروعية الكيان اللبناني بنصب الكمائن لبعضنا البعض.
من أين نبدأ وكيف ننتهي ؟
وتساءل الصايغ "كيف نؤسس لسياسة دفاعية وقد تبين من خلال أوراق العمل السياسية والإجتماعية وحتى الإقتصادية أننا نحن مجتمع اللادولة؟
أنجزنا الإستقلال والحكومة التي جاء بها الرئيس كرامي عنوانها بناء الدولة، فلبنان في صدد تكوين الدولة وهو في المسعى المتعثر هذا منذ ولادتيه، الولادة الأولى على يد غورو والولادة الثانية بعد الإستقلال".
لبنان في تاريخه الحديث لم يلتأم على وحدة فهو متعدد، تعدد التنافس وتعدد الإتجاهات المتعاكسة في ترجمة السياسة الدفاعية، تترجم في الموقف من المقاومة، وفي كل مواقع السياسة اللبنانية،خمس أشهر حتى اتت الحكومة والمرة القادمة خمس سنين، وتعدد المخاوف المتنقلة فيما بيننا، مرة هذه الفئة تخاف والمرة القادمة تخاف أخرى، وتعدد الولائات الطائفية والعائلية،
جل ما اخترعه عباقرة السياسة هو الديمقراطية التوافقية، جيد فلنطبقها اذن؟ نجد أنها قامت على قاعدة عدائية وليس على التوافق، وخاصة وأن الديمقراطية الطائفية قامت إحترازاً من التعدد السكاني وليس احتراماً له.
وهذا الإمتياز التعددي في مجتمعات اللادولة، يؤسس كما جاء في بعض الأوراق التي تكلمنا عنها لسياسة الحروب الأهلية.
واستشهد الصايغ بكتاب " كتاب من كتاب" للدكتور علي فياض حيث يقول أن النظام السياسي الطائفي الراهن هو صيغة مثلى لإستجلاب التدخلات الخارجية ومحفز لسياسات الإستقواء الطائفي بالتحالفات الخارجية وبالتالي تعميق تناقضاتها ورفع مستوى التناحر بين القوى السياسية، وهذا ما لم أجد نقاشاً حوله في التقرير، وهذا خطير جداً، عندما تريد أن تعمل إستراتيجية دفاعية عليك أن تعمل دولة أولاً، تثبيت التوافقية الداخلية اللبنانية لا يلغي المداخلات الخارجية كما لا يلغي الصراعات والخلافات.
وهنا كان التعقيب ..
القرارات الجديرة نحترمها.. واما القرارات التي لا تحترم شعوبنا فلا نحترمها ولا نطبقها


إن بلداً هذه بنيته وهذه أرضية الإقامة فيه يصعب أن تنسوا فيه سياسة دفاعية هو بأشد الحاجة إليها، وهذه السياسة موجودة بالنصوص ولكنها بالواقع متجاوزة وغير قابلة للتحقيق، وهذا الكلام أيضاً بورقة للأستاذ ميشال نوفل.
لبنان في قلب الصراع ولا يمكن فصله عن هذا الصراع وهو ليس محلياً، وعليه، لبنان المائع داخلياً المتوتر عنفياً بذاته تتأرجح فيه السياسات الدفاعية بين الإنخراط في حلف أو تيار أو بين الإمتناع والصد، أو بين إستجداء العدو لمقاومة خيارات التيار الأول، وهذا ليس فقط في لبنان بل في كامل الكيان العربي، حيث يوجد إستراتيجيتين في المنطقة الأولى تريد الموافقة على السلام والتسليم واستراتيجية ثانية لا تريد.
وشدد الصايغ أننا "لا نريد أن يتحول الجيش إلى متسول لمساعدات عسكرية، كما تذكر ورقة أخجل عن الحديث عنها، يريدون تحويل الجيش لصليب أحمر يعيش على المساعدات، وربما يدرجون بعض المطالب للجيش في باريس 3 وفي غيره".
كما استشهد بأوراق للعميد الركن عباس حمدان حول نظرية الدوائر الثلاث يشير فيها الى ان الدائرة الكبرى وهي المجتمع الدولي تضغط على الدائرة الوسطى وهي الإقليمية عبر القرارات الدولية بما يؤدي الى تفجير بنية الدائرة الصغرى وهي لبنان.
وقال الصايغ أن هذه القرارات الدولية يجب ان نحترمها بشرط ان تكون جديرة بالإحترام وأن يحترمها العالم كما يطلبون منا أن نحترم هذه القرارات، إن قرارات كثيرة صدرت من مجلس الأمن لم يحترمها الغرب ولا اسرائيل وكذبوا على العالم وغزوا العراق.
إن قرارات جديرة بالإحترام يجب أن نحترمها، واما القرارات التي لا تحترم شعوبنا فلا نحترمها ولا نطبقها.
كما أوضح الصايغ أن جيوش دول العالم الثالث بقدراتها البسيطة لم تعد قادرة على مواجهة الجيوش الحديثة بعتادها المتطور، وهذا واقع الحال، ويجب عليها أن تتحول من جيوش كلاسيكية " في القرن العشرين " إلى جيوش مقاومة، فمن خلال الأوراق المقدمة إقرار بأن الجيش لا يملك القدرة ولا الآلية للقيام بذلك .
 لم تستطع خمسة عشر ألف غارة جوية وستة ألاف من القنابل الذكية ومئة وخمسين الف قذيفة مدفع من إخضاع المقاومة في تموز 2006

القرارات الجديرة نحترمها.. واما القرارات التي لا تحترم شعوبنا فلا نحترمها ولا نطبقها
"يقول العميد الركن عباس أنه عندما يتحدثون عن إستعداد لتسليح الجيش من الدول الصديقة وتزويده بما يحتاج اليه هو في منتهى السخرية والسذاجة وإستهانة بعقول اللبنانيين، إعتماد الجيش على فرنسا وأميركا لن يوصل إلى أي مكان، فالسلاح ضد إسرائيل ممنوع وعليه فهو يقدم اطروحة تحاول تقريب عمل الجيش من انماط العمل العسكري للمقاومة، وكل الباقي يتحدث عن تقريب الجيش من المقاومة بطريقة عملها، بعيدا عن الجيش الكلاسيكي."
وقال الصايغ أن أوراق كثيرة في الكتاب أشارت إلى ما قامت به المقاومة وأوجز بعضها في ما يلي:
ـ تحرير الأرض بكاملها تقريباً في العام 2000
ـ منع انتصار اسرائيل في تموز 2006
ـ امتلاك قدرات دفاعية تفوق قدرات دول عربية ليس فقط لبنان
ـ تجد دعماً قوياً من قبل إيران الإسلامية الحديثة ومن قبل دمشق
ـ محتضنة من بيئة بيئتها التي تشبه مجتمع حرب صغير
لذا أخلص إلى ما يلي : المقاومة أولاً وما تبقى ثانياً ..
وعليه فأن عملية الدمج مستحيلة ولا قيمة لها، اضافة لواء إلى الجيش بما هو عليه تثير تساؤلات كثيرة، وإخضاع الجيوش في حروب جوية مهما كان عددها هي امر سهل، تم اخضاع جيش يوغوسلافيا بألفين غارة، وتم اخضاع الجيش العراقي وهو مليوني جندي بأربعة الاف غارة، ولم تستطع خمسة عشر ألف غارة جوية وستة ألاف من القنابل الذكية ومئة وخمسين الف قذيفة مدفع من إخضاع المقاومة في تموز 2006.
وعرّف الصايغ الدولة القوية بالدولة التي تستطيع أن تحمي حدودها وأرضها ان كان من صديق أو عدو، مشدداً على ان المسؤولية تقع على النظام وعلى السياسيين وليست مسؤولية الجيش.
وأبى الصايغ أن يختم كلامه إلا بقوله أن "الدول العربية فاشلة ولبنان أشدها فشلاً فكيف تمنع فيه مقاومات ناجحة؟؟
يبدو لي أن المقاومة هي الأساس والجيش وآليات عمله وتكتيكاته يكون رديفاً لكي لا يذبح كما ذبح الجيش في يوغوسلافيا وكما ذبح في العراق."
ترأس الندوة الوزير السابق يوسف تقلا وأدارها مساعد مدير الدراسات في مؤسسة اينجما العميد المتقاعد ناجي ملاعب وشارك فيها كل من رئيس "المؤسسة العربية للدراسات ما بين الشرق والغرب" العميد الركن المتقاعد سمير الخادم والخبير في الشؤون الاستراتيجية الدكتور انطوان حداد والصحافي في جريدة السفير والمحلل السياسي نصري الصايغ وغاب عنها الصحافي في جريدة المستقبل والمحلل السياسي نصير الاسعد.
وفي ختام الندوة، توجه الحضور لتوقيع كتاب قهوجي "أسس سياسة الدفاع اللبنانية"، في الجناح المخصص لدار النهار في معرض البيال.


على هامش الندوة ..
ـ أحد القيمين على حفل إطلاق الكتاب كان يدردش مع بعض الصحافيات الأجنبية متباهياً بطلاقته في الإنجليزية، فيسأل الصحافية اذا ما زارت الـ" داون تاون" فتجيب بالنفي، فينصحها بزيارتها ومن بعدها زيارة " زا نصرالله " والمقارنة بين المنطقتين، وهو يقصد مقارنة الداون تاون بالضاحية الجنوبية لبيروت !
ـ نائب أكثري سابق حضر الإحتفال وكان طيلة الوقت يدوس على أوراق التعريف بمؤسسة إنيغما، معدّة الدراسة ..
ـ النائب الأكثري نفسه، إمتعض أيضاً من حديث الصايغ، مما إستدعى نظرة خاطفة من الصايغ مسبوقة بإعتذار شفهي عن قسوة الكلام الذي ذكره في مداخلته.
ـ أثار موضوع الندوة إعجاب السكرتير الأول في السفارة الأوكرانية "سيرجي صامويلنكو" والذي قال في حديث لـ"الإنتقاد .نت" أن دولته بصدد محاولات جاهدة لفهم طبيعة لبنان السياسية بشكل عام، وتسعى للمزيد من العلاقات في المجالات العسكرية والأمنية مع الحكومة اللبنانية للوصول إلى سياسة دفاعية لبنانية مع أن العلاقات الحالية ضعيفة نوعاً ما .
ـ الصور بعدسة موسى الحسيني ـ
2009-12-14