ارشيف من :ترجمات ودراسات
الاستخبارات الإسرائيلية: ايران بلغت مرحلة تكريس نفسها كدولة نووية
كتب المحرر العبري
حذر رئيس الاستخبارات الإسرائيلية اللواء "عاموس يادلين" من نجاح ايران في تكريس نفسها كـ"دولة حافة" نووية وما يمكن ان يترتب على ذلك من نتائج مثل جرأة حلفائها على الإقدام على خطوات لا يجرؤون عليها الآن، ولفت في السياق نفسه إلى ان إيران امتلكت القدرة التكنولوجية الكاملة في هذا المجال وأنتجت الكميات الكافية من اليورانيوم المخصب، لصناعة اول قنبلة نووية. وبخصوص الوضع الداخلي الإيراني رأى يادلين أن "الأخبار السيئة هي أن النظام الإيراني في الوقت الحالي نجح في وقف الاحتجاجات، خاصة وانه لا يوجد زعيم كلاسيكي للاحتجاجات قادر على التسبب بانهيار النظام، رغم ان ما حصل أدى، وفق ما قال يادلين، إلى احداث تصدعات داخل ايران بين النظام والشعب وداخل النظام نفسه.
انطلاقا من تقديرات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، ما هو الواقع الإيراني وإلى أين يتجه وما هي الرهانات والخيارات الإسرائيلية؟
يقر "يادلين" ويعلن بأنه لم يعد هناك أي رهانات اسرائيلية وغربية على عرقلة البرنامج النووي الايراني استنادا إلى عقبات تكنولوجية لأن ايران تجاوزت كل الخطوط والمحطات الاساسية في هذا المجال.
لم يعد هناك أي رهان إسرائيلي في المدى المنظور على إنهيار النظام الإسلامي في إيران بعدما نجحت الجمهورية في تجاوز الأحداث التي تلت الانتخابات الرئاسية والتي عززت الرهانات، في حينه، لدى أعداء النظام الإيراني حول إمكانية التخلص من الخطر النووي عبر تقويضه أو إغراقه في صراعات داخلية تشل إيران إقليميا في الحد الأدنى.
اما بخصوص بعض التصدعات التي أشار اليها "يادلين" فهي صحيحة من حيث المبدأ بمعنى ان هناك حالة شرخ بين النظام الاسلامي وبين بعض الشخصيات القيادية التي كانت محسوبة على النظام ومن يؤيدهم. لكن الحقيقة ان هذا الامر لم يعد بالمستوى الذي يشكل خطرا على النظام وانما يمكن ان يشكلوا مصدر إزعاج وفي أقصى الأحوال بعض الإرباكات الإعلامية والسياسية من دون أي آثار كبيرة على مسيرة الجمهورية الاسلامية.
من هنا فإن الآمال الإسرائيلية المتبقية في هذا المجال هي أن يشكل هذا الواقع أرضية لتطور ما على مستوى المستقبل. وعليه يقر "يادلين" ضمنا بأنه لم يعد بالإمكان الرهان او انتظار التطورات على هذا الصعيد خاصة وان الخطر النووي الايراني بالنسبة لـ"إسرائيل" اصبح يقاس بالاشهر والسنة والسنتين. والتعبير الادق لكلام "يادلين" عن هذا الامر جاء عندما قال "اذا نجحت ايران في تكريس نفسها كدولة حافة نووية" ولم يقل اذا نجحت في الوصول إلى "دولة حافة" نووية، الامر الذي يعني ان "إسرائيل" سلمت بحقيقة أن ايران بلغت هذه المرحلة وهي الان في طور تكريسها، مع كل ما قد يترتب عليها من تداعيات ونتائج اقليمية ودولية ومحلية (داخلية في ايران).
امام هذا الواقع الذي عبر عنه "يادلين" يطرح التساؤل حول ما يمكن للعدو ان يقدم عليه في المدى المنظور؟
الأمر الواضح هو ان السنة المقبلة بالنسبة للعدو ستكون مفصلية وهي تتمايز عما سبقها من سنوات لعدة اعتبارات:
استكمال إيران بناء القدرات التي تمكنها من انتاج اليورانيوم المخصب والوقود النووي الذي تحتاجه.. وانتاجها لكميات يورانيوم منخفض التخصيب يكفي، وفق كلام "يادلين"، إلى انتاج اول قنبلة نووية...
استبعاد الإدارة الأميركية للخيار العسكري وترويجها للخيار الدبلوماسي في التعامل مع الملف النووي الايراني، بعد فشل سياسة التهويل التي بلغت مرحلة الذروة ابان رئاسة جورج بوش، فضلا عن غرق الجيش الاميركي المتزايد في المنطقة والازمة المالية العالمية...
وجود تقدير سائد بأن الخيار العسكري، فيما لو تم الاقدام عليه، لن يحقق النتائج المؤملة على صعيد انهاء البرنامج النووي فضلا عما يمكن ان يترتب عليه من تداعيات اقتصادية وامنية وسياسية اقليمية وعالمية...
عدم وجود أرضية دولية تسمح بفرض عقوبات اقتصادية بالمستوى الذي تأمله "إسرائيل" والولايات المتحدة، هذا إلى جانب تعذر إمكانية القضاء على البرنامج النووي الإيراني عبر الخيار العسكري.
بالرغم من كل ذلك، نجد ان الخيار الإسرائيلي في هذه المرحلة ما زال مقتصرا على الرهان على ما يمكن ان ينتج عنه الخيار الأميركي وهو ما يعكسه كلام رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو الذي اثنى كثيرا على الجهود التي يبذلها الرئيس الاميركي باراك اوباما امام لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، لمنع امتلاك إيران القدرة على إنتاج اسلحة نووية، والتأكيد على وجود تنسيق بين "إسرائيل" والإدارة الاميركية في مواجهة تحول إيران إلى دولة نووية.