ارشيف من :أخبار عالمية
محاولة تفجير طائرة الركاب الأميركية: انتقال الحروب الأميركية نحو البحر الأحمر وإفريقيا
عقيل الشيخ حسين
طائرة أميركية مدنية تقل نحو 300 راكب ويقوم بتفجيرها في الجو انتحاري من القاعدة قبيل هبوطها في مدينة ديترويت الأميركية. لكن عملية التفجير المعدة بواسطة تقنيات ذكية ومواد خفية يلصقها المكلف بتنفيذ العملية على ذراعه لم تتم بسبب عطل تقني أصاب الجهاز المتفجر.
عمل من نوع تفجيرات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، التي شكلت بداية الحرب على ما يسمى بالإرهاب. ومن شأنه، لو نجح، أن يؤكد المقولات الأميركية التي ما فتئت تتردد، منذ الهجمات على نيويورك وواشنطن، عن الخطر الإرهابي الذي يهدد أميركا والعالم، وأن يسبغ مشروعية إضافية على تلك الحرب في نظر من يقولون بمشروعيتها، وبالتالي على ما يبذل حالياً من جهود أميركية من أجل تصعيد الحرب في أفغانستان ومناطق أخرى.
لكن هذا العمل الذي تحيط به الريب والظنون والتساؤلات من كل جانب، والذي لا يعلم غير المعنيين بتدبيره ما إذا كان سينجح أو سيفشل... لم ينجح في تفجير الطائرة. ومع هذا، فإن عدم نجاحه لم يغير شيئاً في المعادلة. فالرئيس الأميركي أكد في تعليقه على الحادث، أن إدارته لن تهدأ قبل محاسبة كل من هو متورط في العملية الفاشلة، وبأنها ستستخدم كل عنصر من عناصر القوة القومية الأميركية من أجل زعزعة وتفكيك وقهر المتطرفين الذين يلجأون إلى العنف ويهددون الولايات المتحدة من أفغانستان وباكستان واليمن والصومال وكل مكان آخر يقومون فيه بالإعداد لتفجيرات ضد الوطن الأميركي.
الواضح أن خطاب أوباما هذا هو نسخة طبق الأصل عن خطاب سلفه بوش، لكنه يتجاوز خطاب بوش لجهة ذكره بالاسم عددا من البلدان التي يفترض بأن الإرهابيين ينطلقون منها، بعلم سلطاتها أو بغير علمها، للقيام بأعمالهم الإرهابية. وبالطبع، يعكس رغبة أوباما بإقناع الشارع الأميركي، المعارض بأغلبيته، لمواصلة الحرب في أفغانستان، بضرورة استخدام ما أمكن من القوة الأميركية لمواجهة الإرهاب الذي ما زال قادراً، على ما أثبتته العملية الفاشلة، على ننفيذ عملياته في قلب أميركا.
غير أن هذا الخطاب الذي طالما تكرر على ألسنة المسؤولين الأميركيين بات يحتاج إلى حقنة تجدده وتحد من حالة الملل التي يعيشها الشارع الأميركي والغربي إزاء استمرار الحرب. بكلام آخر، هل كان أوباما سيطلق خطابه هذا بالقوة نفسها بلا مناسبة من نوع المناسبة التي مثلتها العملية الفاشلة؟
ما يبرر هذا الارتياب بسيناريو العملية الفاشلة هو شبهه بسيناريو أسلحة الدمار الشامل أو حتى بسيناريو الهجمات على نيويورك وواشنطن المثقل بعلامات الاستفهام والارتياب. فهذان الحدثان تميزا في الارتقاء بالكذب إلى مرتبة الوسيلة المشروعة لتحقيق الأغراض.
وهنالك مبررات أخرى تتمثل في العديد من الملابسات التي أحاطت بالعملية الفاشلة. في ديسمبر 2001، حاول البريطاني ريتشارد ريد الذي يعلن انتماءه إلى تنظيم القاعدة، حاول تفجير طائرة بين بارس وميامي بواسطة مادة قيل ان أجهزة المراقبة تعجز عن كشفها، وأن ذلك الشخص كان ألصقها بحذائه. لكنه لم يتمكن من تفجير تلك المادة بسبب عطل فني.
وتأتي عملية عمر فاروق عبد المطلب الذي اعترف بأنه تلقى تدريباً على أيدي عناصر من القاعدة في اليمن، وأن هؤلاء زودوه بالمادة المتفجرة التي ألصقها بذراعه، هذه المرة، مشابهة في فشلها لعملية ريتشارد ريد، وسبب الفشل تقني في الحالتين، على الرغم من المواصفات التقنية العالية التي تتمتع بها المادة المتفجرة وطريقة التفجير.
وشأن ريد، تمكن عمر عبد المطلب من اختراق حواجز التفتيش وأجهزة المراقبة ذات المواصفات التقنية العالية. مع إضافة مهمة هي كون اسم عمر فاروق عبد المطلب موجود على لائحة المشتبه بهم لجهة علاقاتهم بتنظيمات إرهابية، لكن ذلك لم يحل دون حصوله على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة.
وقد نشرت وسائل الإعلام خبراً مفاده أن شركة الطيران التي تسير الطائرة المستهدفة قد سلمت السلطات الأميركية، قبل إقلاع الطائرة، لائحة بأسماء الركاب وبالمعطيات الشخصية الخاصة بهم، ومن ضمنهم، عمر فاروق عبد المطلب، وأن السلطات الأميركية أعطت موافقتها على إقلاع الطائرة.
وكما في تفجيرات نيويورك وواشنطن، يأتي ما سمي بتبني العملية الفاشلة من قبل تنظيم القاعدة ليثبت مظلومية الأميركيين، وليبرر لجوءهم إلى ما يرغبون في اللجوء إليه من أعمال عدوانية تكتسب طابع المشروعية والدفاع عن النفس.
أما تبني العملية من اليمن، واعترافات عمر الفاروق بأنه تدرب في اليمن، وتأكيد المسؤولين في اليمن بأنه كان موجوداً فوق أراضيها قبل أيام قليلة، فيذهب باتجاه تسويغ التدخل الأميركي السابق، وربما اللاحق، في الحرب الدائرة في شمال اليمن.
وانطلاقاً من كل هذه المعطيات، ومن معطيات جيوسياسية أخرى يصبح من الممكن الافتراض بأن الإدارة الأميركية ستسعى إلى تكثيف وجودها العسكري في منطقة البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن والقرن الإفريقي وسائر إفريقيا (جنسية عمر فاروق النيجيرية). إما لأن الاستراتيجيين الأميركيين يبحثون عن منطقة نفوذ بديلة لأفغانستان وباكستان حيث يصطدم الوجود الأميركي والأطلسي بمقاومة عنيدة من قبل السكان وتنظيماتهم المسلحة، وبمعارضة صلبة من قبل بلدان الجوار (إيران وروسيا والصين)، وإما لأن المصالح الإسرائيلية المباشرة والسهولة النسبية في التحرك بين أنظمة حليفة متداعية، وتنظيمات مقاومة لا تزال في أول نشأتها، أشاعت الوهم بأن من الممكن التعويض عن الفشل في أفغانستان والعراق بفتح صفحة في جزيرة العرب والقارة الإفريقية.
لكن هذا الخيار يتسم بحمق واضح بمقدار ما ينقل المواجهة إلى منطقة عربية أصبحت شبيهة بقنبلة جاهزة لانفجار ليس من نوع تلك الانفجارات التي لا تحدث بسبب أعطال تقنية. وإلى مسافات أقرب إلى الغدة السرطانية الجاثمة على أرض فلسطين.
طائرة أميركية مدنية تقل نحو 300 راكب ويقوم بتفجيرها في الجو انتحاري من القاعدة قبيل هبوطها في مدينة ديترويت الأميركية. لكن عملية التفجير المعدة بواسطة تقنيات ذكية ومواد خفية يلصقها المكلف بتنفيذ العملية على ذراعه لم تتم بسبب عطل تقني أصاب الجهاز المتفجر.
عمل من نوع تفجيرات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، التي شكلت بداية الحرب على ما يسمى بالإرهاب. ومن شأنه، لو نجح، أن يؤكد المقولات الأميركية التي ما فتئت تتردد، منذ الهجمات على نيويورك وواشنطن، عن الخطر الإرهابي الذي يهدد أميركا والعالم، وأن يسبغ مشروعية إضافية على تلك الحرب في نظر من يقولون بمشروعيتها، وبالتالي على ما يبذل حالياً من جهود أميركية من أجل تصعيد الحرب في أفغانستان ومناطق أخرى.
لكن هذا العمل الذي تحيط به الريب والظنون والتساؤلات من كل جانب، والذي لا يعلم غير المعنيين بتدبيره ما إذا كان سينجح أو سيفشل... لم ينجح في تفجير الطائرة. ومع هذا، فإن عدم نجاحه لم يغير شيئاً في المعادلة. فالرئيس الأميركي أكد في تعليقه على الحادث، أن إدارته لن تهدأ قبل محاسبة كل من هو متورط في العملية الفاشلة، وبأنها ستستخدم كل عنصر من عناصر القوة القومية الأميركية من أجل زعزعة وتفكيك وقهر المتطرفين الذين يلجأون إلى العنف ويهددون الولايات المتحدة من أفغانستان وباكستان واليمن والصومال وكل مكان آخر يقومون فيه بالإعداد لتفجيرات ضد الوطن الأميركي.
الواضح أن خطاب أوباما هذا هو نسخة طبق الأصل عن خطاب سلفه بوش، لكنه يتجاوز خطاب بوش لجهة ذكره بالاسم عددا من البلدان التي يفترض بأن الإرهابيين ينطلقون منها، بعلم سلطاتها أو بغير علمها، للقيام بأعمالهم الإرهابية. وبالطبع، يعكس رغبة أوباما بإقناع الشارع الأميركي، المعارض بأغلبيته، لمواصلة الحرب في أفغانستان، بضرورة استخدام ما أمكن من القوة الأميركية لمواجهة الإرهاب الذي ما زال قادراً، على ما أثبتته العملية الفاشلة، على ننفيذ عملياته في قلب أميركا.
غير أن هذا الخطاب الذي طالما تكرر على ألسنة المسؤولين الأميركيين بات يحتاج إلى حقنة تجدده وتحد من حالة الملل التي يعيشها الشارع الأميركي والغربي إزاء استمرار الحرب. بكلام آخر، هل كان أوباما سيطلق خطابه هذا بالقوة نفسها بلا مناسبة من نوع المناسبة التي مثلتها العملية الفاشلة؟
ما يبرر هذا الارتياب بسيناريو العملية الفاشلة هو شبهه بسيناريو أسلحة الدمار الشامل أو حتى بسيناريو الهجمات على نيويورك وواشنطن المثقل بعلامات الاستفهام والارتياب. فهذان الحدثان تميزا في الارتقاء بالكذب إلى مرتبة الوسيلة المشروعة لتحقيق الأغراض.
وهنالك مبررات أخرى تتمثل في العديد من الملابسات التي أحاطت بالعملية الفاشلة. في ديسمبر 2001، حاول البريطاني ريتشارد ريد الذي يعلن انتماءه إلى تنظيم القاعدة، حاول تفجير طائرة بين بارس وميامي بواسطة مادة قيل ان أجهزة المراقبة تعجز عن كشفها، وأن ذلك الشخص كان ألصقها بحذائه. لكنه لم يتمكن من تفجير تلك المادة بسبب عطل فني.
وتأتي عملية عمر فاروق عبد المطلب الذي اعترف بأنه تلقى تدريباً على أيدي عناصر من القاعدة في اليمن، وأن هؤلاء زودوه بالمادة المتفجرة التي ألصقها بذراعه، هذه المرة، مشابهة في فشلها لعملية ريتشارد ريد، وسبب الفشل تقني في الحالتين، على الرغم من المواصفات التقنية العالية التي تتمتع بها المادة المتفجرة وطريقة التفجير.
وشأن ريد، تمكن عمر عبد المطلب من اختراق حواجز التفتيش وأجهزة المراقبة ذات المواصفات التقنية العالية. مع إضافة مهمة هي كون اسم عمر فاروق عبد المطلب موجود على لائحة المشتبه بهم لجهة علاقاتهم بتنظيمات إرهابية، لكن ذلك لم يحل دون حصوله على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة.
وقد نشرت وسائل الإعلام خبراً مفاده أن شركة الطيران التي تسير الطائرة المستهدفة قد سلمت السلطات الأميركية، قبل إقلاع الطائرة، لائحة بأسماء الركاب وبالمعطيات الشخصية الخاصة بهم، ومن ضمنهم، عمر فاروق عبد المطلب، وأن السلطات الأميركية أعطت موافقتها على إقلاع الطائرة.
وكما في تفجيرات نيويورك وواشنطن، يأتي ما سمي بتبني العملية الفاشلة من قبل تنظيم القاعدة ليثبت مظلومية الأميركيين، وليبرر لجوءهم إلى ما يرغبون في اللجوء إليه من أعمال عدوانية تكتسب طابع المشروعية والدفاع عن النفس.
أما تبني العملية من اليمن، واعترافات عمر الفاروق بأنه تدرب في اليمن، وتأكيد المسؤولين في اليمن بأنه كان موجوداً فوق أراضيها قبل أيام قليلة، فيذهب باتجاه تسويغ التدخل الأميركي السابق، وربما اللاحق، في الحرب الدائرة في شمال اليمن.
وانطلاقاً من كل هذه المعطيات، ومن معطيات جيوسياسية أخرى يصبح من الممكن الافتراض بأن الإدارة الأميركية ستسعى إلى تكثيف وجودها العسكري في منطقة البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن والقرن الإفريقي وسائر إفريقيا (جنسية عمر فاروق النيجيرية). إما لأن الاستراتيجيين الأميركيين يبحثون عن منطقة نفوذ بديلة لأفغانستان وباكستان حيث يصطدم الوجود الأميركي والأطلسي بمقاومة عنيدة من قبل السكان وتنظيماتهم المسلحة، وبمعارضة صلبة من قبل بلدان الجوار (إيران وروسيا والصين)، وإما لأن المصالح الإسرائيلية المباشرة والسهولة النسبية في التحرك بين أنظمة حليفة متداعية، وتنظيمات مقاومة لا تزال في أول نشأتها، أشاعت الوهم بأن من الممكن التعويض عن الفشل في أفغانستان والعراق بفتح صفحة في جزيرة العرب والقارة الإفريقية.
لكن هذا الخيار يتسم بحمق واضح بمقدار ما ينقل المواجهة إلى منطقة عربية أصبحت شبيهة بقنبلة جاهزة لانفجار ليس من نوع تلك الانفجارات التي لا تحدث بسبب أعطال تقنية. وإلى مسافات أقرب إلى الغدة السرطانية الجاثمة على أرض فلسطين.