ارشيف من :أخبار عالمية

توافق اسرائيلي ـ أميركي على "صعوبة" ضرب إيران

توافق اسرائيلي ـ أميركي على "صعوبة" ضرب إيران

إعداد: علي شهاب
النتائج المترتبة على أي عمل عسكري "وقائي" ضد برنامج إيران النووي كانت مثار نقاش خلال مؤتمر "وينبرغ فاوندرز" السنوي في واشنطن، بمشاركة اللواء في الاحتياط أهارون فركش، الذي شغل سابقا منصب رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي، وهو يشغل حاليا منصب مدير برنامج المخابرات والدفاع في معهد دراسات الامن القومي في تل أبيب، والجنرال الأميركي المتقاعد تارلز والد، الذي شغل حتى العام 2006 منصب نائب قائد القيادة الأميركية في أوروبا (يوكوم) المسؤولة عن القوات الاميركية العاملة في اوروبا وأفريقيا (انذاك) وروسيا واجزاء اخرى من آسيا.
وهنا قراءة في أبرز ما ورد في المؤتمر:

الرؤية الاسرائيلية
من الواضح أن إيران عازمة على تحقيق قدرة نووية. مع بداية العام 2010، سيكون لدى الإيرانيين ما يكفي من المواد الانشطارية المنخفضة التخصيب لإنتاج قنبلة نووية في غضون أربعة إلى ستة أشهر. وهذا يعني أن بإمكانهم امتلاك سلاح ذري في صيف عام 2010 كأقرب وقت، إذا اختاروا المسار في هذا الطريق".
إن طموحات طهران النووية ليست محاولة لتطوير وسيلة جديدة لمهاجمة إسرائيل، بل جزء من قرار استراتيجي داخلي لكي تصبح إيران قوة عظمى في المنطقة. وبعد كل شيء، لا يريد الإيرانيون أن يكونوا الدولة الثانية في المنطقة التي تتعرض لهجوم من قبل قوة عظمى. فهم شعب فخور جداً، كما أن بلادهم هي دولة متطورة، حيث بإمكانهم إطلاق أقمار صناعية إلى الفضاء، واستطاعوا التعامل مع تعقيدات تفعيل آلاف من أجهزة الطرد المركزي بنجاح كبير. وفي رأيهم، أن امتلاكهم لقدرة نووية سيساعدهم على تحقيق التفوق في المنطقة.
وتخاف الدول العربية إلى حد كبير من احتمال قيام شرق أوسط تحت مظلة السلاح النووي الإيراني. وقد أسفر ذلك بالفعل عن قيام أسس لإطلاق سباق للتسلح النووي في المنطقة. فعلى سبيل المثال، اشترت المملكة العربية السعودية أول صواريخها الباليستية أرض ـ أرض القادرة على حمل أسلحة نووية في عام 1988، كما من المعروف أيضاً أن السعودية كانت قد استثمرت في برنامج باكستان النووي. ومن شأن قيام إيران نووية أن يؤدي بالتأكيد إلى انطلاق سباق شامل للتسلح الذري وليس فقط من قبل السعوديين، ولكن عن طريق دخول مصر وتركيا أيضاً إلى هذه "الحلبة". ومن شأن ذلك أن يهدد استقرار الأنظمة العربية في جميع أنحاء المنطقة.
وفيما يتعلق بإمكانية القيام بعمل عسكري ضد إيران، باستطاعة الجيش الأمريكي تنفيذ مثل هذه الحملة بسهولة أكبر من إسرائيل. أما حول إمكانية شن ضربة حاسمة مماثلة للعمليات التي اتخذتها إسرائيل سابقاً في سوريا والعراق، فسيكون من الصعب للغاية تحديد كل ما يلزم للقيام بمثل هذا النوع من الهجوم بنجاح. ولن تتخذ إسرائيل مثل هذه الخطوة إلا في حالة الطوارئ، بعد أن تزن العوامل الإيجابية والسلبية بدقة شديدة.
ولا تستطيع إسرائيل وحدها منع إيران من تحقيق طموحاتها النووية. إن بذل جهد مشترك تُبعث فيه رسالة قوية إلى النظام هو النهج الوحيد الممكن اتخاذه والذي يحضى بأية فرصة للنجاح. فعلى سبيل المثال، عندما قامت دول الاتحاد الأوروبي الثلاث، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بفتح ملف إيران، وعندما شنت الولايات المتحدة حملة " الصدمة والرعب" في العراق، أوقفت طهران أنشطتها النووية لأكثر من عام، وذلك خلال الفترة الممتدة من أواخر عام 2003 وحتى كانون الثاني/يناير 2005.
ولن يقوم النظام الإيراني بعملية انتحارية، حيث هناك أدلة وافرة عن واقعيته. فبمجرد اقتناع الإيرانيين بأن إسرائيل والمجتمع الدولي جديون في اتخاذ خطوات ضد بلادهم فسوف يذعنون للضغوط القوية.
وفيما يتعلق بالسياسة الأميركية، من الحكمة أن تصغي إدارة أوباما إلى مشورتين. أولاً، عليها أن تغادر العراق وهي تستنشق رائحة النصر - وسيكون ذلك بمثابة رمز هام ضد عقيدة المقاومة الإيرانية. ثانياً، عليها أن تتعامل مع كوريا الشمالية بطريقة توضح جدية الولايات المتحدة في مجال عدم انتشار الأسلحة النووية.

رؤية أميركية
إن أقرب وقت يمكن أن تمتلك فيه إيران سلاحاً نووياً هو صيف عام 2010. وقد يؤدي توجيه ضربة عسكرية ضد إيران، مهما كان هذا الخيار غير مرض وغير مرغوب فيه، إلى إرجاع تقدم النظام الإيراني عدة سنوات إلى الوراء. سيكون من الصعب جداً اتخاذ هذا الحل وستكون العواقب مريبة، حيث سيتطلب ذلك القيام بحملة عسكرية كبيرة، تشمل تنفيذ مئات الطلعات الجوية اليومية لمدة أسابيع وربما أشهر، ولا تستهدف دورة الوقود النووي الإيرانية فحسب، بل أيضاً معدات البلاد العسكرية مثل الصواريخ والطائرات. وسيتعين تحضير أولئك الذين يقومون بتنفيذ تلك الهجمات لكي يكونوا على استعداد لمتابعة الضربات في حال بدء إيران إعادة بناء برنامجها.
ولن تكون إسرائيل قادرة على القيام بهذا النوع من الحملة العسكرية وحدها. إن العمليات التي قام بها سلاح الجو الإسرائيلي في الماضي ضد مفاعل أوزيراك في العراق ومنشآت نووية في سوريا كانت بسيطة مقارنة بالهجوم على البرنامج النووي الإيراني. باستطاعة إسرائيل تنفيذ الضربات الأولية، ولكنها لن تتمكن من الاستمرار بها عدة أسابيع أو أشهر. ينبغي أن تكون هذه الحقيقة مدعاة للقلق في واشنطن: يبدو أن الإسرائيليين يعتقدون بأنه إذا ما اندلع القتال مع إيران، سوف تنضم الولايات المتحدة إليه. وتنظر إسرائيل إلى الأنشطة النووية الإيرانية باعتبارها تشكل تهديداً وجودياً على الدولة، وهناك ضغوط داخلية على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليقوم بعمل ما. ونتيجة لذلك، قد تُجبر الولايات المتحدة من الناحية الاستراتيجية على المشاركة في الحرب إذا ما اندلع القتال في وقت لا تكون فيه الظروف مؤاتية. وسيزداد هذا الضغط على مدى العام المقبل.
في ضوء هذه العوامل وغيرها، يجب على الولايات المتحدة اتباع مسارات متعددة ضد إيران في وقت واحد، أي بدءاً من المساعي الدبلوماسية وحتى الاستعداد لتوجيه ضربة عسكرية. ويعتقد الإيرانيون بأن أميركا متعبة من الحروب، لذلك فإن جعل إيران تفهم بأن هناك عواقب لأفعالها هي خطوة مهمة لتحديد مصداقية موقف الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، فإن اتخاذ مسار العملية الدبلوماسية هو أمر ضروري من أجل فتح خيارات أخرى مثل العمل العسكري. وفي هذا الصدد، تستحق إدارة أوباما أن يشاد بها، حيث إنها حققت خطوات ايجابية في المجال الدبلوماسي بينما توضح من خلال تصريحاتها المتكررة بأن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة. لكن يجب على الإدارة أن تتذكر أيضاً بأن هناك أدوات أخرى متاحة لها، بما في ذلك اتخاذ اجراءات عقابية مثل العقوبات والحظر والحصار. وينبغي على الولايات المتحدة إعداد أصدقائها في المنطقة أيضاً. وبالفعل، بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة بتجهيز نفسها بأفضل الأنظمة للدفاع الجوي من صنع الولايات المتحدة، بما في ذلك صواريخ پاتريوت أرض ـ جو، ونظام "الدفاع عن منطقة مسرح العمليات على الارتفاعات العالية (ثاد)".
من الأهمية بمكان أن تقارن واشنطن النتائج المترتبة على السماح لإيران بامتلاك أسلحة نووية مقابل شن ضربات عسكرية، بغضّ النظر عن مدى عدم الارتياح الذي سيصاحب تحليلا كهذا. إن دعم النظام لـ «حزب الله» و « حماس» يعني أنه ستكون هناك مشكلة لإسرائيل وبقية الشرق الأوسط في أعقاب القيام بعمل عسكري ضد إيران. ومع ذلك غالباً ما يبالَغ بقوة هاتين الجماعتين. وعلاوة على ذلك، إذا اختارت واشنطن العيش مع إيران نووية، سيتعين عليها قبول قيام شرق أوسط متغير جذرياً مع وجود بعض العواقب في المرحلة الثانية أو الثالثة، بما في ذلك قيام سباق تسلح نووي. ويشارك حلفاء أمريكا العرب في المنطقة مخاوف إسرائيل العميقة حول هذا الموضوع.

2009-12-30