ارشيف من :ترجمات ودراسات
الاسباب الموجبة لعدم التوصل إلى اتفاق نهائي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية (*)
إعداد المحرر العبري
في ظل الصعوبات التي تعترض الادارة الاميركية لاستئناف المفاوضات حول ما يسمى قضايا الوضع النهائي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، من المجدي عرض بعض المقتطفات التي اوردها فريق مركز دراسات الامن القومي الاسرائيلي المشكل من رئيس مجلس الأمن القومي الأسبق اللواء احتياط غيورا ايلاند، وشلومو بار اون وعوديد عيران، في مناقشة "اقتراح مخطط لتسويات مرحلية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية". أكد فيها على استبعاد إمكانية توصل الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى نتائج حاسمة حول القضايا الجوهرية وضرورة طرح مراحل انتقالية والأسباب الموجبة لذلك...
ـــــ
لم ينجح الجهد للتوصل على اتفاق دائم بين اسرائيل والفلسطينيين حتى نهاية 2008 في اطار مسيرة انابوليس. لا يعبر هذا الفشل فقط عن عدم قدرة الطرفين على التوصل الى النتيجة المأمولة في الجدول الزمني الذي حدد سلفا، بل عن قوة عدد من العوامل الاساسية التي تجعل من الصعب على الطرفين انهاء التفاوض بنجاح حتى لو امتلك المفاوضون زمنا آخر.
العامل الاول هو الوضع السياسي الداخلي في السلطة الفلسطينية، فهي مقسومة بين قطاع غزة تحكمه حكومة حركة حماس وبين "الضفة الغربية" التي تحكمها حكومة محمود عباس وسلام فياض...
الحكومة الاولى، حكومة حركة حماس، لها سيطرة فعالة على القطاع... لكنها لا تعترف باسرائيل وليست مستعدة للتفاوض معها حول اتفاق دائم.
تعترف الحكومة الثانية، حكومة فتح، باسرائيل، وتريد أن تجري معها تفاوضا حول اتفاق دائم وان تنهيه بنجاح... لكن يشك في قدرتها على التوصل الى اتفاق مع اسرائيل وتحقيقه.... لهذه الحكومة مشكلتان اساسيتان – عدم الشرعية والضعف.
لم ينتخب الجمهور الفلسطيني هذه الحكومة بل عينها الرئيس عباس بعد ان سيطرت حماس على قطاع غزة بالقوة. ومدة ولاية الرئيس انقضت... يسهم ضعف حركة فتح وانقسامها في ضعف الحكومة التي لا تتمتع حتى بتأييد عناصر مهمة من فتح نفسها.
بعد ما يقرب من 15 سنة لحكم السلطة الفلسطينية... لا تملك الحكومة في رام الله قدرا كافيا من القوات واجهزة الامن يمكن الاعتماد عليها لتنشىء سيطرة فعالة على الضفة الغربية... لكن حصل تقدم في السنة الاخيرة لاداء الجهات الامنية الفلسطينية بمساعدة (الجنرال الاميركي) دايتون ومساعدة الشرطة من الاتحاد الاوروبي اللذين ساعدا في اعداد قوات الامن والشرطة لكن ايقاع بناء القدرات بطيء.
لهذا الوضع عدة تأثيرات:
اولها، انه يجعل من الصعب نقل المسؤولية عن المناطق الفلسطينية من قوى الامن الاسرائيلية الى قوى الامن الفلسطينية بسبب الخوف من عدم قدرة الاخيرة على القيام بمهماتها... ومعنى ذلك انه حتى لو نجحت اسرائيل في التوصل الى اتفاق دائم مع الفلسطينيين فسيصعب تحقيقه.
والثاني، انه يوجد قدر كبير من عدم الثقة بين الطرفين، فالطرف الاسرائيلي لا يؤمن بقدرة الفلسطينيين ورغبتهم في الوفاء بالاتفاقات، والطرف الفلسطيني لا يؤمن برغبة الطرف الاسرائيلي في انهاء سيطرته على الفلسطينيين. في وضع كهذا يصعب على الطرفين جدا تليين مواقفهما بقدر يمكن من التوصل الى اتفاق ومن تحقيق الاتفاقات التي توصلا اليها. بل ان مشكلات شرعية الحكومة الفلسطينية وضعفها تجعل من الصعب التوصل الى اتفاق.
يقتضي الاتفاق الدائم المصالحة حول موضوعات شديدة الحساسية كاللاجئين والقدس وموضوع المناطق. في حين يخشى القادة الفلسطينيون (في الضفة) من جهة اولى ان يستغل اعداؤهم اللدودون في حماس كل تنازل في التفاوض لمهاجمتهم واضعافهم، ومن الا يحظوا بتأييد حركتهم المنقسمة – وعليه لا يستطيعون اظهار المرونة الضرورية بسبب ضعفهم خاصة.
العامل الثاني هو الوضع السياسي الداخلي في كيان العدو
بعد سني الانتفاضة الطويلة والحربين، في لبنان في صيف 2006 وفي قطاع غزة في نهاية 2008 – وبداية 2009، فقد الجمهور الاسرائيلي ايمانه بالقدرة على التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين ينهي المواجهة معهم. يوجد ايضا عدم ايمان بمبدأ الاراضي مقابل السلام. استنتج الجمهور الاسرائيلي مما راه في اعقاب الانسحاب من جنوب لبنان من طرف واحد والانفصال عن غزة، ان الانسحاب من الضفة ونقلها الى الطرف الفلسطيني ينتج عنه فقط تهديدات جديدة توجه الى اسرائيل. عبر عن هذا الجو نتائج الانتخابات الاخيرة، التي افضت الى انشاء حكومة تتشكل بصورة أساسية من قبل احزاب اليمين. كل ذلك اضيف الى الانشقاف الدائم المفرط للجهاز السياسي في اسرائيل الذي يضعف الحكومة ويجعل من الصعب اتخاذ القرارات وتحقيقها في موضوعات مختلف فيها. ان التفاوض مع الفلسطينيين هو موضع خلاف شديد عند الجمهور الاسرائيلي، ويقتضي اتخاذ قرارات صعبة في مواضيع حساسة كاجلاء عدد كبير من المستوطنين، وتقسيم احياء في القدس، والسيطرة على جبل الهيكل وأماكن مقدسة اخرى وحل مشكلة اللاجئين. من هنا يصعب على الطرف الإسرائيلي، كما الطرف الفلسطينيـ المرونة في هذه المواضيع الحساسة، ويصعب عليه ايضا التوصل إلى اتفاق حولها.
توجد سبل مختلفة لمواجهة صعوبة التوصل الى اتفاق دائم وتحقيقه. السبيل التي اختيرت في مسيرة انابوليس هي اجراء مسارين متوازيين. اجراء تفاوض حول القضايا الدائمة ومحاولة التوصل الى نهاية ناجحة له، ومن جهة اخرى البدء بتنفيذ المرحلة الاولى من خريطة الطريق عبر مسار بناء قدرات ومؤسسات في الجانب الفلسطيني، ولا سيما في مجال الامن الذي سيمكنهم من تحقيق الاتفاقات التي سيتوصلون اليها.
في هذا التصور كان هناك منذ البدء مشكلتان رئيستان. الاولى انه لم يعالج العقبات الرئيسة التي فصلت آنفا والتي تمنع التوصل الى اتفاق؛ والثانية مشكلة عدم وجود توافق زمني بين المسارين. كان آخر توقيت لإنهاء التفاوض هو نهاية 2008، برغم أنه كان واضحا ان مسار بناء القدرات مسار ابطأ لن ينضج في الوقت نفسه. افضت محاولة حل هذه المشكلة الى تطوير فكرة اتفاق الرف، اي اتفاق لا يتم تنفيذه على الفور بعد التوصل اليه، بل عبر مسار متدرج يحدد ايقاعه النجاح في بناء قدرات السلطة الفلسطينية.
يوجد ضعف كبير ايضا في هذا الحل لان التوقيع على اتفاق بغير تحقيقه بالفعل يمكن له فقط ان يزيد عدم الثقة عند الطرفين في القدرة على التوصل الى اتفاق دائم وتحقيقه، ولهذا فانه قد يضر بالقدرة على احداث الشروط التي تمكن من تحقيق الاتفاق.
قلنا آنفا انه من المشكوك فيه مع الوضع السياسي القائم عند الطرفين المشاركين في مسيرة التفاوض ولا سيما بعد الانتخابات في اسرائيل، الاستمرار في تحقيق تصور مسيرة انابوليس هذا. في مقابل ذلك، وضع الجمود المطلق خطر. وثمة خطر ان يصبح الوضع في الميدان غير قابل للعلاج وان يصبح حل الدولتين غير ممكن. كذلك لن تقبل الجماعة الدولية ولا سيما ادارة اوباما الجمود، وهي خلافا للادارة السابقة، ترى حاجة ملحة الى حل النزاع الاسرائيلي – العربي ومثلها الاتحاد الاوروبي، وسيضغطان على اسرائيل لتستمر على المشاركة في مسيرة سياسية مع الفلسطينيين تتجاوز تغيير ظروف عيش السكان الفلسطينيين (وهو ما حظي باسم "السلام الاقتصادي").
لجميع هذه الاسباب ثمّ حاجة الى وزن تصور بديل. في مركز هذا التصور الطموح الى تجاوز صعوبة التوصل الى اتفاق دائم في جدول زمني قصير وتحقيقه ولا سيما في المجالات الحساسة، وان يمنع مع ذلك الجمود وتنشأ مسيرة تفاوض تفضي آخر الامر الى علاج جزء كبير من المشكلات بين الطرفين وتقنع الجمهورين بقدرتهما على التعايش جنبا الى جنب. البديل الممكن هو مسيرة تدريجية للتوصل الى اتفاقات جزئية وتحقيقها، بحيث يقرب الطرفين بالفعل من اتفاق دائم، حتى لو كان من الصعب عليهما اثناء المسيرة التوصل الى اتفاق حول موضوعات حساسة مختلفة.
(*) مقتطف من دراسة نشرها مركز دراسات الأمن القومي الاسرائيلي في كانون الأول/ ديسمبر 2009.
في ظل الصعوبات التي تعترض الادارة الاميركية لاستئناف المفاوضات حول ما يسمى قضايا الوضع النهائي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، من المجدي عرض بعض المقتطفات التي اوردها فريق مركز دراسات الامن القومي الاسرائيلي المشكل من رئيس مجلس الأمن القومي الأسبق اللواء احتياط غيورا ايلاند، وشلومو بار اون وعوديد عيران، في مناقشة "اقتراح مخطط لتسويات مرحلية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية". أكد فيها على استبعاد إمكانية توصل الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى نتائج حاسمة حول القضايا الجوهرية وضرورة طرح مراحل انتقالية والأسباب الموجبة لذلك...
ـــــ
لم ينجح الجهد للتوصل على اتفاق دائم بين اسرائيل والفلسطينيين حتى نهاية 2008 في اطار مسيرة انابوليس. لا يعبر هذا الفشل فقط عن عدم قدرة الطرفين على التوصل الى النتيجة المأمولة في الجدول الزمني الذي حدد سلفا، بل عن قوة عدد من العوامل الاساسية التي تجعل من الصعب على الطرفين انهاء التفاوض بنجاح حتى لو امتلك المفاوضون زمنا آخر.
العامل الاول هو الوضع السياسي الداخلي في السلطة الفلسطينية، فهي مقسومة بين قطاع غزة تحكمه حكومة حركة حماس وبين "الضفة الغربية" التي تحكمها حكومة محمود عباس وسلام فياض...
الحكومة الاولى، حكومة حركة حماس، لها سيطرة فعالة على القطاع... لكنها لا تعترف باسرائيل وليست مستعدة للتفاوض معها حول اتفاق دائم.
تعترف الحكومة الثانية، حكومة فتح، باسرائيل، وتريد أن تجري معها تفاوضا حول اتفاق دائم وان تنهيه بنجاح... لكن يشك في قدرتها على التوصل الى اتفاق مع اسرائيل وتحقيقه.... لهذه الحكومة مشكلتان اساسيتان – عدم الشرعية والضعف.
لم ينتخب الجمهور الفلسطيني هذه الحكومة بل عينها الرئيس عباس بعد ان سيطرت حماس على قطاع غزة بالقوة. ومدة ولاية الرئيس انقضت... يسهم ضعف حركة فتح وانقسامها في ضعف الحكومة التي لا تتمتع حتى بتأييد عناصر مهمة من فتح نفسها.
بعد ما يقرب من 15 سنة لحكم السلطة الفلسطينية... لا تملك الحكومة في رام الله قدرا كافيا من القوات واجهزة الامن يمكن الاعتماد عليها لتنشىء سيطرة فعالة على الضفة الغربية... لكن حصل تقدم في السنة الاخيرة لاداء الجهات الامنية الفلسطينية بمساعدة (الجنرال الاميركي) دايتون ومساعدة الشرطة من الاتحاد الاوروبي اللذين ساعدا في اعداد قوات الامن والشرطة لكن ايقاع بناء القدرات بطيء.
لهذا الوضع عدة تأثيرات:
اولها، انه يجعل من الصعب نقل المسؤولية عن المناطق الفلسطينية من قوى الامن الاسرائيلية الى قوى الامن الفلسطينية بسبب الخوف من عدم قدرة الاخيرة على القيام بمهماتها... ومعنى ذلك انه حتى لو نجحت اسرائيل في التوصل الى اتفاق دائم مع الفلسطينيين فسيصعب تحقيقه.
والثاني، انه يوجد قدر كبير من عدم الثقة بين الطرفين، فالطرف الاسرائيلي لا يؤمن بقدرة الفلسطينيين ورغبتهم في الوفاء بالاتفاقات، والطرف الفلسطيني لا يؤمن برغبة الطرف الاسرائيلي في انهاء سيطرته على الفلسطينيين. في وضع كهذا يصعب على الطرفين جدا تليين مواقفهما بقدر يمكن من التوصل الى اتفاق ومن تحقيق الاتفاقات التي توصلا اليها. بل ان مشكلات شرعية الحكومة الفلسطينية وضعفها تجعل من الصعب التوصل الى اتفاق.
يقتضي الاتفاق الدائم المصالحة حول موضوعات شديدة الحساسية كاللاجئين والقدس وموضوع المناطق. في حين يخشى القادة الفلسطينيون (في الضفة) من جهة اولى ان يستغل اعداؤهم اللدودون في حماس كل تنازل في التفاوض لمهاجمتهم واضعافهم، ومن الا يحظوا بتأييد حركتهم المنقسمة – وعليه لا يستطيعون اظهار المرونة الضرورية بسبب ضعفهم خاصة.
العامل الثاني هو الوضع السياسي الداخلي في كيان العدو
بعد سني الانتفاضة الطويلة والحربين، في لبنان في صيف 2006 وفي قطاع غزة في نهاية 2008 – وبداية 2009، فقد الجمهور الاسرائيلي ايمانه بالقدرة على التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين ينهي المواجهة معهم. يوجد ايضا عدم ايمان بمبدأ الاراضي مقابل السلام. استنتج الجمهور الاسرائيلي مما راه في اعقاب الانسحاب من جنوب لبنان من طرف واحد والانفصال عن غزة، ان الانسحاب من الضفة ونقلها الى الطرف الفلسطيني ينتج عنه فقط تهديدات جديدة توجه الى اسرائيل. عبر عن هذا الجو نتائج الانتخابات الاخيرة، التي افضت الى انشاء حكومة تتشكل بصورة أساسية من قبل احزاب اليمين. كل ذلك اضيف الى الانشقاف الدائم المفرط للجهاز السياسي في اسرائيل الذي يضعف الحكومة ويجعل من الصعب اتخاذ القرارات وتحقيقها في موضوعات مختلف فيها. ان التفاوض مع الفلسطينيين هو موضع خلاف شديد عند الجمهور الاسرائيلي، ويقتضي اتخاذ قرارات صعبة في مواضيع حساسة كاجلاء عدد كبير من المستوطنين، وتقسيم احياء في القدس، والسيطرة على جبل الهيكل وأماكن مقدسة اخرى وحل مشكلة اللاجئين. من هنا يصعب على الطرف الإسرائيلي، كما الطرف الفلسطينيـ المرونة في هذه المواضيع الحساسة، ويصعب عليه ايضا التوصل إلى اتفاق حولها.
توجد سبل مختلفة لمواجهة صعوبة التوصل الى اتفاق دائم وتحقيقه. السبيل التي اختيرت في مسيرة انابوليس هي اجراء مسارين متوازيين. اجراء تفاوض حول القضايا الدائمة ومحاولة التوصل الى نهاية ناجحة له، ومن جهة اخرى البدء بتنفيذ المرحلة الاولى من خريطة الطريق عبر مسار بناء قدرات ومؤسسات في الجانب الفلسطيني، ولا سيما في مجال الامن الذي سيمكنهم من تحقيق الاتفاقات التي سيتوصلون اليها.
في هذا التصور كان هناك منذ البدء مشكلتان رئيستان. الاولى انه لم يعالج العقبات الرئيسة التي فصلت آنفا والتي تمنع التوصل الى اتفاق؛ والثانية مشكلة عدم وجود توافق زمني بين المسارين. كان آخر توقيت لإنهاء التفاوض هو نهاية 2008، برغم أنه كان واضحا ان مسار بناء القدرات مسار ابطأ لن ينضج في الوقت نفسه. افضت محاولة حل هذه المشكلة الى تطوير فكرة اتفاق الرف، اي اتفاق لا يتم تنفيذه على الفور بعد التوصل اليه، بل عبر مسار متدرج يحدد ايقاعه النجاح في بناء قدرات السلطة الفلسطينية.
يوجد ضعف كبير ايضا في هذا الحل لان التوقيع على اتفاق بغير تحقيقه بالفعل يمكن له فقط ان يزيد عدم الثقة عند الطرفين في القدرة على التوصل الى اتفاق دائم وتحقيقه، ولهذا فانه قد يضر بالقدرة على احداث الشروط التي تمكن من تحقيق الاتفاق.
قلنا آنفا انه من المشكوك فيه مع الوضع السياسي القائم عند الطرفين المشاركين في مسيرة التفاوض ولا سيما بعد الانتخابات في اسرائيل، الاستمرار في تحقيق تصور مسيرة انابوليس هذا. في مقابل ذلك، وضع الجمود المطلق خطر. وثمة خطر ان يصبح الوضع في الميدان غير قابل للعلاج وان يصبح حل الدولتين غير ممكن. كذلك لن تقبل الجماعة الدولية ولا سيما ادارة اوباما الجمود، وهي خلافا للادارة السابقة، ترى حاجة ملحة الى حل النزاع الاسرائيلي – العربي ومثلها الاتحاد الاوروبي، وسيضغطان على اسرائيل لتستمر على المشاركة في مسيرة سياسية مع الفلسطينيين تتجاوز تغيير ظروف عيش السكان الفلسطينيين (وهو ما حظي باسم "السلام الاقتصادي").
لجميع هذه الاسباب ثمّ حاجة الى وزن تصور بديل. في مركز هذا التصور الطموح الى تجاوز صعوبة التوصل الى اتفاق دائم في جدول زمني قصير وتحقيقه ولا سيما في المجالات الحساسة، وان يمنع مع ذلك الجمود وتنشأ مسيرة تفاوض تفضي آخر الامر الى علاج جزء كبير من المشكلات بين الطرفين وتقنع الجمهورين بقدرتهما على التعايش جنبا الى جنب. البديل الممكن هو مسيرة تدريجية للتوصل الى اتفاقات جزئية وتحقيقها، بحيث يقرب الطرفين بالفعل من اتفاق دائم، حتى لو كان من الصعب عليهما اثناء المسيرة التوصل الى اتفاق حول موضوعات حساسة مختلفة.
(*) مقتطف من دراسة نشرها مركز دراسات الأمن القومي الاسرائيلي في كانون الأول/ ديسمبر 2009.