ارشيف من :ترجمات ودراسات
ما بعد خطاب نصر الله...
كتب المحرر العبري
احدث خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بمناسبة الذكرى السنوية للقادة الشهداء، صدمة في الوسط الإسرائيلي، قيادة وجمهورا، بعدما تمكن من انتزاع المبادرة، التي خُيِّل للبعض أن العدو امسك بها جراء تهديدات قادته المتكررة للبنان، وأرسى معادلات جديدة عنوانها الأساسي، تدمير مبان في تل أبيب مقابل مبنى في الضاحية، والبنى التحتية في كيان العدو مقابل البنى التحتية في لبنان، وهو ما سيؤدي بالتأكيد إلى تقييد خيارات الجيش الاسرائيلي حيال لبنان، بل والمنطقة ايضا (ايران وسوريا).
لذا لم يكن مفاجئا التزام قادة العدو الصمت الرسمي، حتى الان، وتجنبهم تكرار المشهد الذي أعقب التهديد السوري لكيان العدو عندما انبرى وزير خارجيته افيغدور ليبرمان وهدد بإسقاط النظام السوري، خاصة وانه صاحب نظرية وجوب الرد على اي تطور وتصريح من قبل الأصدقاء أو الأعداء، مهما كان الثمن والتداعيات. وشمل الصمت ايضا وزير الحرب ايهود باراك، المعني الأول بهذه المعادلة، كونه المتصدي الاول لاطلاق التهديدات باستهداف البنى التحتية في لبنان بدون أي مناسبات تبررها.
واقتصر الرد، الذي لم يكن في الحقيقة ردا، على رئيس أركان الجيش غابي اشكنازي الذي أكد على أن "إسرائيل" تطمح لـ"المحافظة على الهدوء السائد حاليا في الحدود الشمالية، وانها ستعرف ايضا كيف ترد بيد قاسية وبدون هوادة تجاه كل من يحاول خرق هذا الهدوء". واذا ما دققنا في هذا الكلام نجد انه في الحقيقة لا ينطوي على أي رد، لأن تهديدات سماحة السيد كانت في مقابل التهديدات الاسرائيلية.
أما على المستوى الإعلامي لوحظ، بشكل بارز، أن المعلقين الأساسيين في قنوات التلفزة امتنعوا عن التعليق الحقيقي (ما زال ساريا حتى كتابة هذه المقالة، أي بعد خطاب سماحة السيد بخمسة ايام) ليكسره معلقون في صحيفتي هآرتس ومعاريف اللذين اقروا بشكل مباشر بالمعادلة الجديدة، وبأن أي حرب مقبلة ستشمل خراب تل ابيب مقابل استهداف الضاحية الجنوبية.
ولعل من ابرز الظواهر الملفتة في اطار المقاربة الاسرائيلية لكلمة سماحته، ان العدو بمستوياته الاعلامية والسياسية والامنية، لم يلجأ الى محاولة التوهين او التشكيك بوجود هذه القدرات، او بشجاعة اتخاذ القرار باستخدامها.. رغم انه معني بارسال هكذا رسالة، إن لم يكن باتجاه حزب الله فأقل تقدير باتجاه الداخل الإسرائيلي.
ولا يخفى ان الاداء الاعلامي والسياسي والعسكري، الإسرائيلي يعكس حجم المفاجأة الارباك الذي تركه خطاب سماحته في الساحة الإسرائيلية، ويمكن الجزم ان قواعد التعامل الاعلامي والسياسي مع هذا النوع من الاعلان، لم يكن حاضرا لدى القيادة الاسرائيلية ومؤسسته الاعلامية.
من جهة الابعاد الاستراتيجية للمعادلة التي ارساها السيد نصر الله، يمكن الاشارة إلى احداها وهي ان تهديدات العدو كانت في السابق ترتكز على التعهد بأن تكون الحرب المقبلة حاسمة وسريعة، يكون فيها النصر واضحا، وهذا ما صدر، مرارا وتكرارا، على لسان رئيس الاركان غابي اشكنازي ووزير الحرب ايهود باراك. لكن حجم وطبيعة الاستعدادات الميدانية لدى حزب الله، وكشف السيد عن المستوى الذي بلغته، عندما تعهد بتدمير فرق الجيش الإسرائيلي إن حاولت غزو الأراضي اللبنانية، دفع الإسرائيلي إلى الانكفاء عن التهديد بهكذا حرب كما اجهض مفاعيل التلويح بها... الامر الذي دفع العدو الى استبدال تلك التهديدات باستهداف البنية التحتية اللبنانية... ولكن المعادلة التي برزت في خطاب سماحته، قوضت وافرغت هذه التهديدات ايضا من محتواها، وهو ما يترتب عليه الحقيقة التالية: ان العدو ليس فقط عاجزا عن فرض التسوية التي تحقق اهدافه واولوياته، وحرب واسعة مضمونة النتائج، بل ان الورقة التهويلية التي قد تكون الاخيرة، لم تعد بعد كلام سماحته، ذات جدوى، وهو ما سوف يؤدي الى مزيد من تضييق الخيارات العسكرية الاستراتيجية لدى العدو. وعليه من المؤكد أن المفاعيل النفسية والسياسية التي كان يرمي قادة العدو الى تحقيقها من وراء تهديداتهم، لم تعد هي نفسها في أعقاب خطاب سماحته، لا في الوسط اللبناني او الاسرائيلي، حتى ان قادة العدو انفسهم لن يكون حاضرا في خلفياتهم بعد الان النتائج السياسية والردعية لمثل هذه التهديدات حتى لو كرروها.
احدث خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بمناسبة الذكرى السنوية للقادة الشهداء، صدمة في الوسط الإسرائيلي، قيادة وجمهورا، بعدما تمكن من انتزاع المبادرة، التي خُيِّل للبعض أن العدو امسك بها جراء تهديدات قادته المتكررة للبنان، وأرسى معادلات جديدة عنوانها الأساسي، تدمير مبان في تل أبيب مقابل مبنى في الضاحية، والبنى التحتية في كيان العدو مقابل البنى التحتية في لبنان، وهو ما سيؤدي بالتأكيد إلى تقييد خيارات الجيش الاسرائيلي حيال لبنان، بل والمنطقة ايضا (ايران وسوريا).
لذا لم يكن مفاجئا التزام قادة العدو الصمت الرسمي، حتى الان، وتجنبهم تكرار المشهد الذي أعقب التهديد السوري لكيان العدو عندما انبرى وزير خارجيته افيغدور ليبرمان وهدد بإسقاط النظام السوري، خاصة وانه صاحب نظرية وجوب الرد على اي تطور وتصريح من قبل الأصدقاء أو الأعداء، مهما كان الثمن والتداعيات. وشمل الصمت ايضا وزير الحرب ايهود باراك، المعني الأول بهذه المعادلة، كونه المتصدي الاول لاطلاق التهديدات باستهداف البنى التحتية في لبنان بدون أي مناسبات تبررها.
واقتصر الرد، الذي لم يكن في الحقيقة ردا، على رئيس أركان الجيش غابي اشكنازي الذي أكد على أن "إسرائيل" تطمح لـ"المحافظة على الهدوء السائد حاليا في الحدود الشمالية، وانها ستعرف ايضا كيف ترد بيد قاسية وبدون هوادة تجاه كل من يحاول خرق هذا الهدوء". واذا ما دققنا في هذا الكلام نجد انه في الحقيقة لا ينطوي على أي رد، لأن تهديدات سماحة السيد كانت في مقابل التهديدات الاسرائيلية.
أما على المستوى الإعلامي لوحظ، بشكل بارز، أن المعلقين الأساسيين في قنوات التلفزة امتنعوا عن التعليق الحقيقي (ما زال ساريا حتى كتابة هذه المقالة، أي بعد خطاب سماحة السيد بخمسة ايام) ليكسره معلقون في صحيفتي هآرتس ومعاريف اللذين اقروا بشكل مباشر بالمعادلة الجديدة، وبأن أي حرب مقبلة ستشمل خراب تل ابيب مقابل استهداف الضاحية الجنوبية.
ولعل من ابرز الظواهر الملفتة في اطار المقاربة الاسرائيلية لكلمة سماحته، ان العدو بمستوياته الاعلامية والسياسية والامنية، لم يلجأ الى محاولة التوهين او التشكيك بوجود هذه القدرات، او بشجاعة اتخاذ القرار باستخدامها.. رغم انه معني بارسال هكذا رسالة، إن لم يكن باتجاه حزب الله فأقل تقدير باتجاه الداخل الإسرائيلي.
ولا يخفى ان الاداء الاعلامي والسياسي والعسكري، الإسرائيلي يعكس حجم المفاجأة الارباك الذي تركه خطاب سماحته في الساحة الإسرائيلية، ويمكن الجزم ان قواعد التعامل الاعلامي والسياسي مع هذا النوع من الاعلان، لم يكن حاضرا لدى القيادة الاسرائيلية ومؤسسته الاعلامية.
من جهة الابعاد الاستراتيجية للمعادلة التي ارساها السيد نصر الله، يمكن الاشارة إلى احداها وهي ان تهديدات العدو كانت في السابق ترتكز على التعهد بأن تكون الحرب المقبلة حاسمة وسريعة، يكون فيها النصر واضحا، وهذا ما صدر، مرارا وتكرارا، على لسان رئيس الاركان غابي اشكنازي ووزير الحرب ايهود باراك. لكن حجم وطبيعة الاستعدادات الميدانية لدى حزب الله، وكشف السيد عن المستوى الذي بلغته، عندما تعهد بتدمير فرق الجيش الإسرائيلي إن حاولت غزو الأراضي اللبنانية، دفع الإسرائيلي إلى الانكفاء عن التهديد بهكذا حرب كما اجهض مفاعيل التلويح بها... الامر الذي دفع العدو الى استبدال تلك التهديدات باستهداف البنية التحتية اللبنانية... ولكن المعادلة التي برزت في خطاب سماحته، قوضت وافرغت هذه التهديدات ايضا من محتواها، وهو ما يترتب عليه الحقيقة التالية: ان العدو ليس فقط عاجزا عن فرض التسوية التي تحقق اهدافه واولوياته، وحرب واسعة مضمونة النتائج، بل ان الورقة التهويلية التي قد تكون الاخيرة، لم تعد بعد كلام سماحته، ذات جدوى، وهو ما سوف يؤدي الى مزيد من تضييق الخيارات العسكرية الاستراتيجية لدى العدو. وعليه من المؤكد أن المفاعيل النفسية والسياسية التي كان يرمي قادة العدو الى تحقيقها من وراء تهديداتهم، لم تعد هي نفسها في أعقاب خطاب سماحته، لا في الوسط اللبناني او الاسرائيلي، حتى ان قادة العدو انفسهم لن يكون حاضرا في خلفياتهم بعد الان النتائج السياسية والردعية لمثل هذه التهديدات حتى لو كرروها.