ارشيف من :أخبار عالمية
الموساد تحت المجهر(1 من 4)
باريس – نضال حمادة
ما زالت عملية اغتيال المسؤول العسكري في حركة حماس محمود المبحوح في دبي على أيدي رجال الموساد الإسرائيلي، واستخدام هذا الجهاز جوازات سفر أوروبية في تنفيذ العملية، تثير لغطا كبيرا في أوروبا، خصوصا بعد استدعاء وزراتي الخارجية في بريطانية وأيرلندا لسفيري "إسرائيل" في كل منهما، ووصلت الأزمة إلى النمسا التي أعلنت أنها سوف تباشر التحقيق في استخدام المجموعة القاتلة الشبكة النمساوية في التواصل بين أفرادها، في وصف أطلقت عليه النمسا غرفة عمليات. غير أن العرض الذي قدمته شرطة دبي وانتشار صور القاتلين فردا فردا على شاشات التلفاز في جميع أنحاء العالم أعاد الحديث عن مرحلة تدهور يعيشها جهاز الموساد الإسرائيلي على غرار الجيش الإسرائيلي، وقد انطلقت هذه التحليلات والتكهنات عند تساقط شبكات الموساد في لبنان بالعشرات ودفعة واحدة خلال شتاء وربيع عام 2009. وفي هذا الموضوع يقول مصدر فرنسي مطلع عمل في المجال الأمني سابقا إن الموساد الإسرائيلي يعيش مرحلة تدهور كبيرة هذه الفترة بعد عقود من القوة والنفوذ، طالما افتخر الموساد بتفوقه خلالها على جميع أجهزة الأمن العربية والعالمية، غير أن هذا التفوق بدأ بالانحدار خلال السنوات الأخيرة ـ يقول المصدر الفرنسي ـ وذلك يعود الى ذهاب عوامل كثيرة ساهمت سابقا في تفوق هذا الجهاز، والآن بفقدانها يتراجع أداء هذا الجهاز ونجاحاته، وقد عدد المصدر الفرنسي أسباب تدهور مستوى الموساد بستة هي التالية:
1 – غياب جيل العرب اليهود عبر الموت أو عبر السن، وعدم الأهلية للخدمة في العمل المخابراتي، وقد شكلت هذه الشريحة من البشر عامل تفوق حاسماً لمصلحة الموساد على كل أجهزة المخابرات العالمية، يقول المصدر مضيفا، إن هؤلاء كانت لديهم إمكانية الاختلاط بالعرب والتحدث بلهجات السكان المحليين، وكانوا على معرفة تامة بالعادات والتقاليد العربية ومنهم من ادعى الإسلام في عمله واختلط بمجتمعات عربية وتزوج منها خلال خدمته مع الموساد.
2 – اضطرار الموساد لتجنيد عرب غير يهود مع ما يحمله هذا من مخاطر في الإخلاص والوفاء، حيث يلعب الاختلاف في الدين وفي القومية دورا في عدم الولاء من قبل المجندين الذين يتعاطون مع الجهاز الأمني الإسرائيلي على أساس الإفادة المادية، فيما عمل بعضهم كعميل مزدوج لدى الموساد وأعدائه. وهذا قلص قدرة الجهاز على التحرك وعلى القيام بعمليات نوعية دون أخطار تذكر على الصعد الأمنية والدبلوماسية كما كان يحصل سابقا.
3 – تغير طبيعة أعداء "إسرائيل" خلال العقود الثلاثة الماضية من مواجهة دول وأجهزة أمنية لدول واضحة ومعروفة، إلى مواجهة حركات مقاومة في العالم العربي اعتمدت على التخفي كسياسة وثقافة، ما جعل عمل الموساد أكثر تعقيدا بسبب طبيعة الخصم الخفية، فضلا عن أن هذه السياسة المتبعة من حركات المقاومة جعلت لديها خبرة كبيرة في مجالات العمل السري في مواجهة العمل السري للموساد.
4 – انقلاب المزاج العالمي وخصوصا الأوروبي الداعم من غير حدود لـ"إسرائيل" بعد الانتفاضتين الأولى والثانية، ما جعل الدول الغربية حساسة من استخدام الموساد لأراضيها ومواطنيها في عملياته، وقد بدأت بوادر هذه الحساسية من التحذير الفرنسي لـ"إسرائيل" بالتوقف عن القيام باغتيالات في فرنسا حيث ترجع آخر الاغتيالات الإسرائيلية في فرنسا مثلا إلى عقدين سابقين.
5 - توسع الخبرات لدى الأجهزة الأمنية العربية وانتشار التقنيات الحديثة لدى جميع الأجهزة الأمنية، فضلا عن تشابه التدريبات والتقنيات لدى هذه الأجهزة على مستوى عالمي.
6 – تراجع الهيبة الإسرائيلية في أعين أعدائها بعد الانسحاب من لبنان عام ألفين، وبعد حرب لبنان في تموز عام 2006 وحرب غزة العام الماضي، هذا الضعف الذي ظهر عليه الجيش الإسرائيلي جعل مهمة الموساد في العمل بحرية كما كان سابقا بعيدا عن متناول اليد، ويبقى أن الإمكانيات الاستخباراتية الأميركية والغربية تساعد الموساد في كثير من مجالات عمله وزاد اعتماده عليها، وهذا دليل أيضا على تراجع نفوذ وقوة هذا الجهاز الذي شكل في مرحلة من المراحل أسطورة "دولة إسرائيل".