ارشيف من :ترجمات ودراسات
قمة نجاد ـ الاسد ـ نصر الله: أية حسابات بعدها؟
كتب المحرر السياسي
القمة السورية ـ الايرانية فاضت برسائلها ودلالاتها المتنوعة الجهات والعناوين والأبعاد، وعلى صعيد التوقيت والشكل والمضمون، كما إن حضور سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على مستوى اللقاءات والصورة معاً، أكمل دلالات المشهد الاستراتيجية بكل ما في الكلمة من معنى.
في التوقيت انعقدت القمة في ذروة الاشتباك الاميركي ـ الايراني، والاسرائيلي ـ الايراني حول الملف النووي، وفي ذروة مسار التصعيد الاميركي والاسرائيلي بشن حرب غير محسومة الجبهة، ومن ثم في ذروة إرسال رسائل التهديد الى أكثر من عنوان: تارة الى لبنان، وتارة الى حماس، وتارة الى سوريا، وتارة الى ايران، كل ذلك في ظل مسعى متعدد الجهات ومتوحد الأهداف، يركز على أخذ سوريا عن ايران بالاغراء مرة، وبالترهيب مرة أخرى، ترهيب يصاغ وفق معادلة بالغة الخطورة: العلاقة مع ايران، أو حرب تهدد بسقوط النظام، كما تركز ومن غير يأس على الاستفراد بالمقاومة في لبنان من خلال وضعها في مواجهة الدولة مرة، وفي مواجهة حاضنتها الجماهيرية مرة أخرى.
الباعث على هذه اللعبة الاميركية ـ الاسرائيلية تحديداً، والمدعومة غربياً ومن الأطراف التي تدور في فلك الاميركي عربياً، هو طبيعة المأزق الشامل الذي يعاني منه الاميركيون والاسرائيليون معاً، هذا المأزق الذي لا سبيل الى كسره كما يبدو إلا بالحرب، لكن ليس أية حرب، بل حرب مضمونة المسار والنتائج والأهداف، وهنا مكمن البعد الآخر للمأزق الاميركي ـ الاسرائيلي، حيث لم يعد ثمة أمر يمكن الركون اليه، والوثوق به في حرب من هذا النوع، ما يجعل الاميركي والاسرائيلي في دوامة من الحيرة والضياع، لكن أيضاً في دوامة من اليأس الموصل الى حافة الجنون.
في هذا الإطار، جاءت قمة دمشق من ضمن مسار الرد الاستراتيجي المتصاعد لمحور دول المواجهة والممانعة والمقاومة، الذي بدأ بالخطاب المتميز لسماحة الأمين العام في ذكرى الشهداء الثلاثة القادة للمقاومة، ومرّ برسالة التحذير غير المسبوقة سورياً، وبالتلويح الإيراني لجهة الاستعداد للذهاب الى النهاية في الحرب المفتوحة بكل الأبعاد على ايران بما فيها اقفال مضيق هرمز، وصولاً الى قمة دمشق الأخيرة، ومؤتمر الفصائل الفلسطينية في طهران.
من الواضح، أننا إزاء اشتباك واسع من الرسائل والرسائل المضادة الهادفة الى انتاج معادلة متوازنة من الردع والردع المضاد، مع أرجحية واضحة لمحور المقاومة والممانعة، يستفيد من انجازاته أولاً، ومن تصاعد قوته ثانياً، ومن قدرته على خربطة حسابات خصومه ثالثاً، ومن تعثر وتراجع أعدائه رابعاً، ومن تبدل الظروف والمعطيات الاستراتيجية والجيو ـ سياسية اقليمياً ودولياً خامساً.
في الشكل، حملت قمة الأسد ـ نجاد والسيد نصر الله تأكيداً على التالي:
أولاً: لا إمكان بعد اليوم لاستفراد جهة على حساب جهة أخرى.
ثانياً: أن أي مواجهة مقبلة ستكون شاملة، ولن تكون محصورة بطرف دون آخر.
ثالثاً: إننا نأخذ التهديدات بالحرب على محمل جدي، ولن نؤخذ بكل محاولات التطمين للتسكين، وبهدف أخذنا على حين غرّة.
أما على صعيد المضمون، فقد هدفت الى التالي:
أولاً: إن محور المواجهة والممانعة هو من القوة والقدرة اليوم، بما يجعله يستهزئ بكل رسائل أعدائه.
ثانياً: لا تجعلوا مكاناً لرهاناتكم بإمكان فك عرى التحالف بين ايران وسوريا والمقاومة، وإذا كنتم تريدون هذا الفك ثمناً لانفتاحكم، فأنتم واهمون.
ثالثاً: إن خيار المقاومة والمواجهة هو الخيار الفعلي لاسترجاع الحقوق، يتقدم هذا الخيار في لحظة مثالية: اثبات المصداقية على جبهات المواجهة مع الاحتلال اميركياً كان أو اسرائيلياً، تهافت متقادم لخيار الاستسلام، وفراغ تسووي مميت لأصحابه، وحرص صهيوني على تهويد كل شيء بدعم اميركي واضح.
رابعاً: إن فضاء المواجهة مع المشروع الاميركي ـ الصهيوني تجاوز أن يكون عربياً فحسب، فهو فضاء اسلامي ـ عربي حرص الرئيس السوري على تأكيده في مؤتمره الصحافي.
وفي هذا اشارة الى عامل استراتيجي بالغ الأهمية يتمثل بأن العمق الاستراتيجي للصراع مع الاسرائيلي بات اليوم اسلامياً، لا سيما في ظل دور النظام المصري الحالي، والدور الذي تقوم به أنظمة اميركا العربية في المنطقة. ثمة تبدل كبير في المعطيات الاستراتيجية للصراع مع الكيان الاسرائيلي لا يستطيع اغفالها أو اسقاطها من الحسابات.
خامساً: من الواضح، أن الحسابات الغربية وحتى بعض العربية مع دمشق قد خابت مرة أخرى، حيث كانت تأمل هذه الحسابات بدفع دمشق الى حيث تريد، فجاء الجواب السوري قاطعاً: تقبلوننا كما نحن ليس إلا.
إن مجمل الرسائل المتبادلة في خلاصتها العامة يفترض أن يفضي الى أحد التقديرات التالية:
ـ دفع من يفكر بالحرب لإعادة النظر في حساباته حتى لا يتورط في ما لا تحمد عقباه، وفي هذا مصلحة أكيدة لشعوب المنطقة، وتعميق للمأزق، أو على الأقل مراوحة للمأزق الاميركي ـ الصهيوني في المنطقة.
ـ ايجاد نوع من الاستاتيكو الدقيق والهش والحساس معاً، وسط استمرار تبادل الرسائل ما دون الحرب: عمليات أمنية ، ضغوط اقتصادية واعلامية... الخ.
ـ الذهاب الى قرار الحد الأقصى، أي شن حرب وترك مسارها يقرر النتائج النهائية.
في مطلق الأحوال، اذا سادت الحسابات العقلانية فإنها ستقود إما الى انتاج تسويات شاملة ودقيقة، وإما الى تأجيل الحرب التي تبقى تنتظر توقيتها الأنسب للجميع.
القمة السورية ـ الايرانية فاضت برسائلها ودلالاتها المتنوعة الجهات والعناوين والأبعاد، وعلى صعيد التوقيت والشكل والمضمون، كما إن حضور سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على مستوى اللقاءات والصورة معاً، أكمل دلالات المشهد الاستراتيجية بكل ما في الكلمة من معنى.
في التوقيت انعقدت القمة في ذروة الاشتباك الاميركي ـ الايراني، والاسرائيلي ـ الايراني حول الملف النووي، وفي ذروة مسار التصعيد الاميركي والاسرائيلي بشن حرب غير محسومة الجبهة، ومن ثم في ذروة إرسال رسائل التهديد الى أكثر من عنوان: تارة الى لبنان، وتارة الى حماس، وتارة الى سوريا، وتارة الى ايران، كل ذلك في ظل مسعى متعدد الجهات ومتوحد الأهداف، يركز على أخذ سوريا عن ايران بالاغراء مرة، وبالترهيب مرة أخرى، ترهيب يصاغ وفق معادلة بالغة الخطورة: العلاقة مع ايران، أو حرب تهدد بسقوط النظام، كما تركز ومن غير يأس على الاستفراد بالمقاومة في لبنان من خلال وضعها في مواجهة الدولة مرة، وفي مواجهة حاضنتها الجماهيرية مرة أخرى.
الباعث على هذه اللعبة الاميركية ـ الاسرائيلية تحديداً، والمدعومة غربياً ومن الأطراف التي تدور في فلك الاميركي عربياً، هو طبيعة المأزق الشامل الذي يعاني منه الاميركيون والاسرائيليون معاً، هذا المأزق الذي لا سبيل الى كسره كما يبدو إلا بالحرب، لكن ليس أية حرب، بل حرب مضمونة المسار والنتائج والأهداف، وهنا مكمن البعد الآخر للمأزق الاميركي ـ الاسرائيلي، حيث لم يعد ثمة أمر يمكن الركون اليه، والوثوق به في حرب من هذا النوع، ما يجعل الاميركي والاسرائيلي في دوامة من الحيرة والضياع، لكن أيضاً في دوامة من اليأس الموصل الى حافة الجنون.
في هذا الإطار، جاءت قمة دمشق من ضمن مسار الرد الاستراتيجي المتصاعد لمحور دول المواجهة والممانعة والمقاومة، الذي بدأ بالخطاب المتميز لسماحة الأمين العام في ذكرى الشهداء الثلاثة القادة للمقاومة، ومرّ برسالة التحذير غير المسبوقة سورياً، وبالتلويح الإيراني لجهة الاستعداد للذهاب الى النهاية في الحرب المفتوحة بكل الأبعاد على ايران بما فيها اقفال مضيق هرمز، وصولاً الى قمة دمشق الأخيرة، ومؤتمر الفصائل الفلسطينية في طهران.
من الواضح، أننا إزاء اشتباك واسع من الرسائل والرسائل المضادة الهادفة الى انتاج معادلة متوازنة من الردع والردع المضاد، مع أرجحية واضحة لمحور المقاومة والممانعة، يستفيد من انجازاته أولاً، ومن تصاعد قوته ثانياً، ومن قدرته على خربطة حسابات خصومه ثالثاً، ومن تعثر وتراجع أعدائه رابعاً، ومن تبدل الظروف والمعطيات الاستراتيجية والجيو ـ سياسية اقليمياً ودولياً خامساً.
في الشكل، حملت قمة الأسد ـ نجاد والسيد نصر الله تأكيداً على التالي:
أولاً: لا إمكان بعد اليوم لاستفراد جهة على حساب جهة أخرى.
ثانياً: أن أي مواجهة مقبلة ستكون شاملة، ولن تكون محصورة بطرف دون آخر.
ثالثاً: إننا نأخذ التهديدات بالحرب على محمل جدي، ولن نؤخذ بكل محاولات التطمين للتسكين، وبهدف أخذنا على حين غرّة.
أما على صعيد المضمون، فقد هدفت الى التالي:
أولاً: إن محور المواجهة والممانعة هو من القوة والقدرة اليوم، بما يجعله يستهزئ بكل رسائل أعدائه.
ثانياً: لا تجعلوا مكاناً لرهاناتكم بإمكان فك عرى التحالف بين ايران وسوريا والمقاومة، وإذا كنتم تريدون هذا الفك ثمناً لانفتاحكم، فأنتم واهمون.
ثالثاً: إن خيار المقاومة والمواجهة هو الخيار الفعلي لاسترجاع الحقوق، يتقدم هذا الخيار في لحظة مثالية: اثبات المصداقية على جبهات المواجهة مع الاحتلال اميركياً كان أو اسرائيلياً، تهافت متقادم لخيار الاستسلام، وفراغ تسووي مميت لأصحابه، وحرص صهيوني على تهويد كل شيء بدعم اميركي واضح.
رابعاً: إن فضاء المواجهة مع المشروع الاميركي ـ الصهيوني تجاوز أن يكون عربياً فحسب، فهو فضاء اسلامي ـ عربي حرص الرئيس السوري على تأكيده في مؤتمره الصحافي.
وفي هذا اشارة الى عامل استراتيجي بالغ الأهمية يتمثل بأن العمق الاستراتيجي للصراع مع الاسرائيلي بات اليوم اسلامياً، لا سيما في ظل دور النظام المصري الحالي، والدور الذي تقوم به أنظمة اميركا العربية في المنطقة. ثمة تبدل كبير في المعطيات الاستراتيجية للصراع مع الكيان الاسرائيلي لا يستطيع اغفالها أو اسقاطها من الحسابات.
خامساً: من الواضح، أن الحسابات الغربية وحتى بعض العربية مع دمشق قد خابت مرة أخرى، حيث كانت تأمل هذه الحسابات بدفع دمشق الى حيث تريد، فجاء الجواب السوري قاطعاً: تقبلوننا كما نحن ليس إلا.
إن مجمل الرسائل المتبادلة في خلاصتها العامة يفترض أن يفضي الى أحد التقديرات التالية:
ـ دفع من يفكر بالحرب لإعادة النظر في حساباته حتى لا يتورط في ما لا تحمد عقباه، وفي هذا مصلحة أكيدة لشعوب المنطقة، وتعميق للمأزق، أو على الأقل مراوحة للمأزق الاميركي ـ الصهيوني في المنطقة.
ـ ايجاد نوع من الاستاتيكو الدقيق والهش والحساس معاً، وسط استمرار تبادل الرسائل ما دون الحرب: عمليات أمنية ، ضغوط اقتصادية واعلامية... الخ.
ـ الذهاب الى قرار الحد الأقصى، أي شن حرب وترك مسارها يقرر النتائج النهائية.
في مطلق الأحوال، اذا سادت الحسابات العقلانية فإنها ستقود إما الى انتاج تسويات شاملة ودقيقة، وإما الى تأجيل الحرب التي تبقى تنتظر توقيتها الأنسب للجميع.