ارشيف من :ترجمات ودراسات
مقالات مختارة: من الصعب على إسرائيل مهاجمة ايران
"هآرتس" / أفرايم كام/ نائب رئيس مركز دراسات الامن القومي ـ5/3/2010
"منذ منتصف 2008 والادارة الامريكية تتحدث بصوتين في كل ما يتعلق بعملية عسكرية ضد المواقع النووية في ايران. فمن جهة، قادة الادارة بمن فيهم الرئيس اوباما ورئيس الاركان الادميرال مايك مولين، يحذرون من أن كل الخيارات بالنسبة لايران، بما فيها الخيار العسكري، موضوعة على الطاولة. ومن جهة اخرى، يشدد مسؤولون كبار في الادارة، بمن فيهم مولين نفسه، على أن الولايات المتحدة لا تخطط الان لاتخاذ خطوة عسكرية ضد ايران، وانه في مثل هذه الخطوة تكمن مخاطر كبيرة. ويحذر مسؤولون في الادارة اسرائيل من عملية عسكرية، ويعربون عن الامل في الا تفاجئهم بهجوم في ايران.
بين الصوتين، من الواضح أن الكفة في المؤسسة الامنية الامريكية مرجحة لصالح التحفظ من الخطوة العسكرية. الاقوال التي تشدد على أن كل الخيارات مفتوحة ترمي الى خلق ضغط ما على ايران، ولكن دون نية ملموسة لتنفيذ خطوة عسكرية في الظروف الحالية. ويضع كبار رجالات الادارة ثلاثة أسباب أساسية لتحفظهم من الهجوم في ايران. الاول: الافضلية تعطى الان للخطوة السياسية، وفي اطارها فرض عقوبات اكبر على ايران، وعليه، ففي هذه المرحلة لا مجال للتفكير بخطوة عسكرية. الثاني: خطوة عسكرية ستؤدي الى نتائج غير متوقعة، تضعضع الاستقرار في المنطقة وتعرض للخطر القوات الامريكية في الخليج. والثالث: الخطوة لن توقف البرنامج النووي الايراني، بل ستؤخره في اقصى الاحوال لسنة حتى ثلاث سنوات، في اطارها ستحسن ايران التحصين لمواقعها النووية وتجعل من الصعب أكثر فأكثر الهجوم عليها في المستقبل.
فضلا عن هذه المبررات، يمكن الافتراض بان للادارة الامريكية اسبابا اخرى للتحفظ على الخطوة العسكرية. وسيكون الهجوم في ايران، في كل الاحوال، عملية معقدة واشكالية ونجاحها ليس مضمونا. وليس للادارة اليوم مصلحة في فتح جبهة اخرى في المنطقة، في الوقت الذي يتوجه فيه اهتمامها نحو اخراج قواتها من العراق، من اجل استقرار الوضع فيه، واستكمال الخطوة العسكرية في افغانستان. ولا تؤيد اي دولة اخرى بما فيها حلفاء الولايات المتحدة والدول العربية والاسلامية – على الاقل في هذه المرحلة – عملية عسكرية، بل ان بعضها تتحفظ منها صراحة وترى فيها مصيبة. وليس واضحا ايضا ماذا سيكون مدى الدعم لعملية عسكرية في نفس الولايات المتحدة. في المقابل، من الواضح أن ايران سترد على العملية ويحتمل أن تحاول المس بحلفاء الولايات المتحدة وباهداف امريكية في الخليج، بما في ذلك القوات الامريكية في العراق وفي افغانستان. ومن شأن أي رد ايراني أن يتضمن ايضا محاولة لتشويش تدفق النفط من الخليج، وفي كل الاحوال فان اسعار النفط من شأنها ان تقلع الى السماء.
ادارة اوباما من شأنها أن تقف في هذا الشأن امام مسألة مبدئية. الادارة ملتزمة اليوم بوقف إيران قبل أن تطور سلاحا نوويا، ولا تزال ترى أملا في القيام بذلك بالطريق السياسي. كما أن الإدارة تفهم جيدا المعنى الخطير لإيران نووية من ناحية إسرائيل وهي على علم بالإحساس بالخطر السائد في إسرائيل في هذا الشأن. ولكن، إذا تبين لها على مدى الزمن بان مساعيها السياسية لا تعطي ثمارا وان ايران لا تتوقف، فانه سيتعين عليها أن تقرر أين يكمن الخطر الاكبر: في عملية عسكرية في ايران ام في امتلاك ايران لسلاح نووي. ليس واضحا اذا كانت الادارة قد وصلت الى مفترق هذا القرار، وماذا سيكون قرارها اذا ما وعندما تصل اليه. هناك احتمال لا بأس به في ان تقدر الادارة ان في يديها اجوبة معقولة على سيناريو ايران نووية، وعليه فمن الافضل لها ان تمتنع عن عملية عسكرية.
في ظاهر الامر، لدى الادارة جواب على هذه المعضلة وهو: السماح لاسرائيل القيام بالعمل الاسود وتنفيذ خطوة عسكرية في ايران دون تدخل منها. غير أن لهذا الجواب مساوىء واضحة. لاسرائيل قدرات عسكرية ادنى من قدرات الولايات المتحدة، فضلا عن ابتعادها عن ايران (جغرافيا)، وعليه فإن فرص نجاح خطوة كهذه متدنية. وسيكون واضحا للجميع – ولا سيما لايران – بان الولايات المتحدة شريك في الخطوة حتى لو لم تشارك فيها. واذا ما ردت ايران على الخطوة بعملية ضد اسرائيل، فمن شأن الولايات المتحدة ان تقرر ان من واجبها ان تساعد اسرائيل وان تتورط في القضية.
اذا أملت اسرائيل بان تقوم الولايات المتحدة نيابة عنها بالعمل – فان الاحتمال لذلك ليس مرتفعا. ولكي تهاجم ايران ينبغي ان يتغير تقدير الاحتمالات والمخاطر التي ينطوي عليها هذا الهجوم بنظر الادارة، او ان تقوم ايران بخطوة استفزازية تحديدا في المجال النووي. صحيح ان تهديد ايران بعملية عسكرية هام جدا لممارسة الضغط عليها، الا أن تكرار مقولة "كل الخيارات على الطاولة" لم يعد يخيف الايرانيين. ومن المهم، بقدر لا يقل عن ذلك، ان توضح الادارة الامريكية في هذه الاثناء، بانها لا تعطي "ضوء اخضر" لاسرائيل للهجوم على ايران. ودون هذا الضوء، او على الاقل "ضوء اصفر" ستجد اسرائيل صعوبة في ان تعمل في ايران حتى لو قررت ان من الافضل لها أن تفعل ذلك".