ارشيف من :ترجمات ودراسات

مقالات مختارة: اسطورة الشعب اليهودي(*)

مقالات مختارة: اسطورة الشعب اليهودي(*)
أثار كتاب إسرائيلي بعنوان "متى وكيف اختُرع الشعب اليهودي؟"، لمؤلفه البروفسور شلومو زند، أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة تل أبيب، عاصفة في "إسرائيل"، كونه تضمن تفنيدا لاسطورة اختراع أو اختلاق الشعب اليهودي، وسلط الاضواء على اراجيف رواية الحركة الصهيونية، بشأن تلك الأسطورة، وما ترتب من اثار كارثية على الشعب الفلسطيني جراء استعمار فلسطين انطلاقا من هذه الاسطورة.
ورأى زند أن الرواية التاريخية القائلة إن "الشعب اليهودي" قائم منذ نزول التوراة في سيناء، وإن الإسرائيليات والإسرائيليين من ذوي الأصل اليهودي هم ذراري ذلك الشعب، الذي "خرج" من مصر واحتل أرض إسرائيل واستوطن فيها لكونها "الأرض الموعودة" من قبل الرب، وأقام من ثمّ مملكتي داود وسليمان وبعد ذلك انقسم على نفسه وأنشأ ملكوت يهودا وملكوت إسرائيل، وإن هذا الشعب تشرّد نحو ألفي عام في الدياسبورا بعد دمار الهيكل الثاني، ولكنه على الرغم من ذلك لم يذب في الشعوب [الأغيار] التي عاش بين ظهرانيها، هي رواية غير موثوق فيها، بل إنها انتفت تمامًا ولم يكن لها أي أنصار أو مريدين حتى نهاية القرن التاسع عشر. وانه فقط في ذلك الوقت نضجت الظروف، التي أوجدت فرصة ذهبية نادرة استفاق فيها هذا الشعب الشائخ من غفوته الطويلة وأضحى في إمكانه أن يعدّ العدّة كي يستعيد صباه ويجدّد عودته إلى "وطنه" القديم.
وبعبارة اخرى رأى زند أن الحركة الصهيونية هي التي اخترعت فكرة "الشعب اليهودي الواحد" بهدف اختلاق قومية جديدة، وبهدف شحنها بغايات استعمار فلسطين. وانه بناء على ذلك تحولت الحروب التي شنتها الصهيونية لاحتلال الوطن وحمايته من كيد الأعداء هي حروب عادلة بالمطلق، أمّا مقاومة السكان المحليين فإنها إجرامية، وبرّرت ما ارتكب ويُرتكب بحقهم من آثام وشرور، مهما تبلغ فظاعتها.
ويمكن القول أن بيت القصيد في ما يؤكده زند هو: "إن الأكوام السالفة في تلك الذاكرة المشتركة لم تتراكم في دولة إسرائيل بصورة تلقائية، وإنما حدث ذلك بفعل فاعل منذ نهاية القرن التاسع عشر، كومة إثر كومة، وذلك بواسطة إعادة كتابة الماضي [اليهودي]، على يد كتّاب أكفاء عكفوا على تجميع شظايا ذاكرة يهودية ـ مسيحية واستعانوا بخيالهم المجنح كي يختلقوا، بواسطتها، شجرة أنساب متسلسلة لـ"الشعب اليهودي". وفي ضوء ذلك لم تكن عملية "التذكر" العامة موجودة قبل ذلك التاريخ، غير أن الأنكى من ذلك، في عرفه، أنه على الرغم من كونها عملية مخترعة، يعوزها الصدق والقرائن العلمية، فإنها لم تتغير قيد أنملة منذ بدء تدوينها، وقد ساهمت في هذا، على وجه الخصوص، الدراسات الأكاديمية عن الماضي اليهودي، والتي أنتجتها الجامعات اليهودية في فلسطين ومن ثم في إسرائيل، وكذلك معاهد الدراسات اليهودية التي انتشرت في أنحاء العالم الغربي المختلفة، علاوة على عوامل أخرى". 
(*) نقلا عن عرب 48
2010-03-07