ارشيف من :ترجمات ودراسات
مقالات مختارة: «محادثات التقارب» هل تكون الأسلوب الأمريكي المستنسخ لإدارة الأزمة؟
نسيمة أيوب/ بيروت /مجلة العودة/العدد29
يبدو أن الأمريكيين قد طرحوا في الآونة الأخيرة مبدأ «محادثات التقارب» لتحريك المحادثات الإسرائيلية-الفلسطينية، وللتقريب بين «أطراف النزاع».. هذا ما بشّرتنا به آيلين براشر في صحيفة The Christian Science Monitor، 9 شباط (فبراير) 2010. وهذا الأسلوب هو قديم جديد، فقد اعتُمد في حلّ قضيتي قبرص وأيرلندا الشمالية، حيث تتنقّل جهة الوساطة بين الأطراف، والموجودة في أماكن متقاربة، لنقل وجهات النظر المختلفة، ومن ثم الخروج باتفاق ما..
هنا سيأتي دور جورج ميتشل، المبعوث الأمريكي للسلام، ليتوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وقد أبدت الحكومة الإسرائيلية موافقة على هذا الطرح، لكن السلطة الفلسطينية ما زالت تستوضح مختلف التفاصيل قبل إعلان تجاوبها، مع العلم بأنّها «لم تضع أي شروط محددة» بحسب رئيس السلطة محمود عباس.
وتضيف براشر أن البعض تساءل عمّا إذا كانت هذه الخطوة تسجّل تراجعاً في العلاقات الإسرائيلية- الفلسطينية. فقد جرت محادثات أوسلو وجهاً لوجه، ويتململ الإسرائيليون دوماً من المحادثات عن بعد ومن التدخل الخارجي، ويصرّون على ثنائية المفاوضات.. لكن يبدو أن الوضع الحالي، حيث الأمور باتت لا تتحرك بأي اتجاه، قد أقنع الجميع بضرورة وجود محرّك خارجي يعطي دفعاً للمفاوضات.
لماذا الآن؟
يقول يوري سافير، المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية وأحد مهندسي أوسلو، إنّ الطرح الأمريكي لـ«محادثات التقارب» هو الأفضل والأكثر واقعية في الظروف الحالية. فهي ستكون المخرج الأفضل، نظراً لانعدام الثقة بين الطرفين حالياً.. كما يرغب الفلسطينيون بأن يؤدّي الأمريكيون دوراً في تقريب وجهات النظر. ويضيف سافير أن عوامل الثقة والصداقة التي جمعت المفاوضين في ما سبق لم تعد موجودة الآن، وبالتالي فإنّ أسلوب «محادثات التقارب» هو الخيار الواقعي.
ثم تنقل براشر وجهة نظر صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، الذي برر وصول الأمور إلى ما هي عليه بقوله، إنه رغم صدور مرسوم من رئيس الوزراء الإسرائيلي يقضي بتجميد أي بناء جديد للمستوطنات وذلك لمدة عشرة أشهر، إلا أنه لم يتضمن منطقة شرق القدس.. «نحن نعرف أنّها محادثات للاستكشاف وليست مفاوضات ثنائية، وإذا أرادوا (الإسرائيليون) استئناف المفاوضات، فعليهم الموافقة على تجميد كامل للمستوطنات». ويضيف عريقات: «قبل أن نقبل بـ«محادثات التقارب»..نحتاج من الأمريكيين إلى معرفة الجدول الزمني والمرجعيات والأهداف العامة»، وعندما سئل عن شرح لهذه العبارات رفض الدخول في التفاصيل.
ويتوقع المراقبون بعض الحركة في الأسابيع المقبلة. فتنقل براشر عن خالد شاهين من صحيفة الأيام، أن عباس يحتاج إلى أن يدّعي إنجاز شيء ما، حتى يبلغ الانتخابات الفلسطينية المقبلة.. كذلك فإن الإسرائيليين بحاجة إلى هذه المحادثات.. وبالنسبة إلى عباس، المرء يدخل في المفاوضات ليحصل على ثمار خارج إطار المفاوضات.
تفصيلان مهمان
إن الحديث عن «محادثات التقارب» وما يتبعها يُغفل أمرين: الأول، ما ذكره ألوف بن في The Guardian، في 4 شباط (فبراير)، من أن هناك تناقضاً شديداً ومتزايداً بين الشارع الإسرائيلي الذي يعيش بعيداً ومغيّباً عن النزاع، والذي يعتقد أن أمراً كتقرير غولدستون هو مشكلة علاقات عامة ليس إلا، وبين الحكومة الإسرائيلية التي تسعى إلى إيجاد حلّ من جهة وتبقي على ممارساتها العنصرية واحتلالها من جهة أخرى.. وهذا الأمر ينعكس على جهود السلام الأمريكية التي تُلاقى ببرودة إسرائيلية.
والأمر الثاني، ما ذكره مايكل هرتزوغ في مجلة Foreign Affairs، في 8 شباط (فبراير)، أنه لا «قوة تستطيع تغيير مبادئ حركة حماس أو نزع سلطتها في قطاع غزة»، وبالتالي تشكل حماس فتيل تخريب لأية عملية سلام. وهنا يأتي التحدي لصناع القرار في واشنطن وأوروبا والقدس ورام الله، وهو كيف تنزع من حماس قدرتها على أداء دور المشاغب والمشوّش..
يبدو أن عجلة المفاوضات قد بدأت بالدوران، وأن تهيئة الأجواء السياسية لبدء محادثات جديدة أصبحت ناضجة. أما على الصعيد العسكري، فيبدو أن التكلفة عالية للقبة الحديدية ولا قرار عسكرياً حاسماً يحدد متى وأين وكيف وكم من البطاريات سيُنشر.. لذا، بحسب أحد المصادر العسكرية الإسرائيلية، ستبقى الملاجئ وإنذارات الغارات باللون الأحمر هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع صواريخ القسّام والكاتيوشا.. أما الأنفاق فهي تنهار بين يوم وآخر، والحائط الفولاذي يتطاول في البنيان..
فهل ستعتبر إسرائيل، بعد تقاربها مع سلطة عباس، أن الأجواء تكاد تصبح مهيّأة لضرب حماس مرةً أخرى؟
يبدو أن الأمريكيين قد طرحوا في الآونة الأخيرة مبدأ «محادثات التقارب» لتحريك المحادثات الإسرائيلية-الفلسطينية، وللتقريب بين «أطراف النزاع».. هذا ما بشّرتنا به آيلين براشر في صحيفة The Christian Science Monitor، 9 شباط (فبراير) 2010. وهذا الأسلوب هو قديم جديد، فقد اعتُمد في حلّ قضيتي قبرص وأيرلندا الشمالية، حيث تتنقّل جهة الوساطة بين الأطراف، والموجودة في أماكن متقاربة، لنقل وجهات النظر المختلفة، ومن ثم الخروج باتفاق ما..
هنا سيأتي دور جورج ميتشل، المبعوث الأمريكي للسلام، ليتوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وقد أبدت الحكومة الإسرائيلية موافقة على هذا الطرح، لكن السلطة الفلسطينية ما زالت تستوضح مختلف التفاصيل قبل إعلان تجاوبها، مع العلم بأنّها «لم تضع أي شروط محددة» بحسب رئيس السلطة محمود عباس.
وتضيف براشر أن البعض تساءل عمّا إذا كانت هذه الخطوة تسجّل تراجعاً في العلاقات الإسرائيلية- الفلسطينية. فقد جرت محادثات أوسلو وجهاً لوجه، ويتململ الإسرائيليون دوماً من المحادثات عن بعد ومن التدخل الخارجي، ويصرّون على ثنائية المفاوضات.. لكن يبدو أن الوضع الحالي، حيث الأمور باتت لا تتحرك بأي اتجاه، قد أقنع الجميع بضرورة وجود محرّك خارجي يعطي دفعاً للمفاوضات.
لماذا الآن؟
يقول يوري سافير، المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية وأحد مهندسي أوسلو، إنّ الطرح الأمريكي لـ«محادثات التقارب» هو الأفضل والأكثر واقعية في الظروف الحالية. فهي ستكون المخرج الأفضل، نظراً لانعدام الثقة بين الطرفين حالياً.. كما يرغب الفلسطينيون بأن يؤدّي الأمريكيون دوراً في تقريب وجهات النظر. ويضيف سافير أن عوامل الثقة والصداقة التي جمعت المفاوضين في ما سبق لم تعد موجودة الآن، وبالتالي فإنّ أسلوب «محادثات التقارب» هو الخيار الواقعي.
ثم تنقل براشر وجهة نظر صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، الذي برر وصول الأمور إلى ما هي عليه بقوله، إنه رغم صدور مرسوم من رئيس الوزراء الإسرائيلي يقضي بتجميد أي بناء جديد للمستوطنات وذلك لمدة عشرة أشهر، إلا أنه لم يتضمن منطقة شرق القدس.. «نحن نعرف أنّها محادثات للاستكشاف وليست مفاوضات ثنائية، وإذا أرادوا (الإسرائيليون) استئناف المفاوضات، فعليهم الموافقة على تجميد كامل للمستوطنات». ويضيف عريقات: «قبل أن نقبل بـ«محادثات التقارب»..نحتاج من الأمريكيين إلى معرفة الجدول الزمني والمرجعيات والأهداف العامة»، وعندما سئل عن شرح لهذه العبارات رفض الدخول في التفاصيل.
ويتوقع المراقبون بعض الحركة في الأسابيع المقبلة. فتنقل براشر عن خالد شاهين من صحيفة الأيام، أن عباس يحتاج إلى أن يدّعي إنجاز شيء ما، حتى يبلغ الانتخابات الفلسطينية المقبلة.. كذلك فإن الإسرائيليين بحاجة إلى هذه المحادثات.. وبالنسبة إلى عباس، المرء يدخل في المفاوضات ليحصل على ثمار خارج إطار المفاوضات.
تفصيلان مهمان
إن الحديث عن «محادثات التقارب» وما يتبعها يُغفل أمرين: الأول، ما ذكره ألوف بن في The Guardian، في 4 شباط (فبراير)، من أن هناك تناقضاً شديداً ومتزايداً بين الشارع الإسرائيلي الذي يعيش بعيداً ومغيّباً عن النزاع، والذي يعتقد أن أمراً كتقرير غولدستون هو مشكلة علاقات عامة ليس إلا، وبين الحكومة الإسرائيلية التي تسعى إلى إيجاد حلّ من جهة وتبقي على ممارساتها العنصرية واحتلالها من جهة أخرى.. وهذا الأمر ينعكس على جهود السلام الأمريكية التي تُلاقى ببرودة إسرائيلية.
والأمر الثاني، ما ذكره مايكل هرتزوغ في مجلة Foreign Affairs، في 8 شباط (فبراير)، أنه لا «قوة تستطيع تغيير مبادئ حركة حماس أو نزع سلطتها في قطاع غزة»، وبالتالي تشكل حماس فتيل تخريب لأية عملية سلام. وهنا يأتي التحدي لصناع القرار في واشنطن وأوروبا والقدس ورام الله، وهو كيف تنزع من حماس قدرتها على أداء دور المشاغب والمشوّش..
يبدو أن عجلة المفاوضات قد بدأت بالدوران، وأن تهيئة الأجواء السياسية لبدء محادثات جديدة أصبحت ناضجة. أما على الصعيد العسكري، فيبدو أن التكلفة عالية للقبة الحديدية ولا قرار عسكرياً حاسماً يحدد متى وأين وكيف وكم من البطاريات سيُنشر.. لذا، بحسب أحد المصادر العسكرية الإسرائيلية، ستبقى الملاجئ وإنذارات الغارات باللون الأحمر هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع صواريخ القسّام والكاتيوشا.. أما الأنفاق فهي تنهار بين يوم وآخر، والحائط الفولاذي يتطاول في البنيان..
فهل ستعتبر إسرائيل، بعد تقاربها مع سلطة عباس، أن الأجواء تكاد تصبح مهيّأة لضرب حماس مرةً أخرى؟