ارشيف من :ترجمات ودراسات
في خطوة رائدة... البرازيل تفرض العقوبات على البضائع الأميركية!
عقيل الشيخ حسين
قبل أيام، قامت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، بزيارة إلى البرازيل بهدف إقناعها بالانضمام إلى جوقة الداعين في مجلس الأمن إلى فرض عقوبات مشددة على إيران بسبب برنامجها النووي السلمي. لكن المسعى الأميركي قوبل برفض برازيلي وعادت كلينتون إلى بلادها وهي تجرجر أذيال الخيبة.
صفعة أخرى وجهتها البرازيل إلى الولايات المتحدة قبل يومين عندما فرضت عقوبات مشددة على استيراد أكثر من مئة سلعة أميركية، رداً على السياسة التي تعتمدها الولايات المتحدة في الملف الزراعي.
فالمعروف أن مفاوضات التجارة العالمية مجمدة منذ سنوات بسبب الملف المذكور، وتجمدها يهدد بنسف جميع الاتفاقيات التي جري إبرامها خلال ستين عاماً في إطار "الغات" وبعدها منظمة التجارة العالمية.
ويعتبر الملف الزراعي في طليعة أسباب الخلاف بين الدول الغنية والدول الفقيرة التي انتقل بعضها، كالصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، إلى مصاف الدول الصاعدة.
فعلى الرغم من عقائد تحرير التجارة التي تسعى الولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى إلى فرضها على العالم، فإن تلك الدول تمارس الغدر بتلك العقائد عبر إجراءات كإجبار البلدان الفقيرة على فتح حدودها وتخفيض تعرفاتها الجمركية على البضائع والسلع الوافدة، فيما تلجأ من جهتها إلى إقفال حدودها وتطبيق الحمائية أمام منتجات البلدان الفقيرة.
وفي الإطار نفسه، تقوم البلدان الغنية بتقديم مساعدات ضخمة لمزارعيها بهدف تمكينهم من طرح منتجاتهم في الأسواق بأسعار متدنية، ما يؤدي إلى عجز المنتجات القادمة من البلدان الفقيرة عن المنافسة، وبالتالي إلى كساد هذه المنتجات، وإلى دمار اقتصاديات المنتجين الذين يتردون نتيجة لذلك في مهاوي الفقر.
ويأتي إنتاج القطن، والقطن الإفريقي بوجه خاص، في طليعة ضحايا هذه السياسة التي يتم بموجبها تدمير عشرات الملايين من المزارعين الأفارقة لمصلحة بضعة آلاف من المزارعين الأميركيين والأوروبيين.
وما يقال عن القطن يقال عن غيره من المنتجات الزراعية كالقمح والذرة والفاكهة والمواشي المنتجة للحوم والألبان. كما يقال أيضاً عن المواد الأولية التي تصادرها الشركات العابرة للقارات من البلدان الفقيرة بأبخس الأثمان لتعيدها إليها على شكل منتجات مصنعة بأثمان فاحشة.
وهو يقال أيضاً عن النووي السلمي الذي تسعى دول الهيمنة إلى احتكاره وتجنيده في حرب الطاقة التي بات من المعروف أنها تتحكم إلى حد بعيد بمستقبل العالم وحاضره وتشكل رافعة أساسية من روافع الاستقلال والسيادة.
والحقيقة أن السياسات الاقتصادية التي فرضتها قوى الهيمنة من خلال البنكين الدوليين ومنظمة التجارة العالمية والمؤسسات المالية الكبرى، والأنظمة المتواطئة في البلدان الفقيرة، عبر المديونيات وإعادة الهيكلة والخصخصة وما إلى ذلك، هي المسؤولة عن الداء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي الذي يضرب العالم الثالث.
وعن الواقع المتمثل بكون عشرة بالمئة من سكان الكوكب يستأثرون بتسعين بالمئة من مقدرات الكوكب، مقابل تسعين بالمئة يتعيشون على عشرة بالمئة من الموارد.
وتشكل الخطوة البرازيلية في فرض العقوبات على استيراد السلع المستوردة من الولايات المتحدة خطوة رائدة في الرد "الثوري" على هذا الواقع المفروض على العالم.
فهي قد أجبرت الأميركيين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات في محاولة منهم لدرء العقوبات التي ستكلفهم ما يقرب من 800 مليون دولار سنوياً في حال دخولها حيز التنفيذ بعد انتهاء المهلة التي حددها البرازيليون بشهر واحد.
كما ستكلفها ارتفاعاً في أرقام البطالة، وتفاقماً إضافياً في أزمتها المالية والاقتصادية والاجتماعية. وتراجعاً على مستوى حروبها وعدوانيتها.
إما أن يتراجع الأميركيون وإما أن تفرض عليهم العقوبات. وأياً كان خيارهم، فإنهم خاسرون في هذه الحرب الكبرى التي فتحوها بأنفسهم والتي يتنعمون بأسلابها وغنائمها منذ عقود. في هذه الحرب الكبرى التي ينبغي للدول والشعوب الفقيرة أن تقوم بفتحها على جبهات كثيرة. وخصوصاً أن نتائجها الإيجابية مضمونة لمصلحة من يتعرضون للقهر والذين لم يعد لديهم ما يخسرونه غير القهر.
من مفارقات التاريخ أن البرازيل التي لم تبلغ معاناتها واحداً بالألف، قياساً إلى معاناة العرب من أميركا و" إسرائيل"، تقدم على هذه الخطوة الرائدة، فتفرض عقوبات ورسوماً جمركية ضخمة مفتوحة على المقاطعة الشاملة، بينما عرب كثيرون لا يُعرضون فقط عن المقاطعة، بل يقدمون الغاز والنفط لأميركا و"إسرائيل" بأسعار رمزية أو بالمجان، ويقومون بإعفاء آلاف السلع التي يشترونها من "إسرائيل" من الرسوم الجمركية!
قبل أيام، قامت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، بزيارة إلى البرازيل بهدف إقناعها بالانضمام إلى جوقة الداعين في مجلس الأمن إلى فرض عقوبات مشددة على إيران بسبب برنامجها النووي السلمي. لكن المسعى الأميركي قوبل برفض برازيلي وعادت كلينتون إلى بلادها وهي تجرجر أذيال الخيبة.
صفعة أخرى وجهتها البرازيل إلى الولايات المتحدة قبل يومين عندما فرضت عقوبات مشددة على استيراد أكثر من مئة سلعة أميركية، رداً على السياسة التي تعتمدها الولايات المتحدة في الملف الزراعي.
فالمعروف أن مفاوضات التجارة العالمية مجمدة منذ سنوات بسبب الملف المذكور، وتجمدها يهدد بنسف جميع الاتفاقيات التي جري إبرامها خلال ستين عاماً في إطار "الغات" وبعدها منظمة التجارة العالمية.
ويعتبر الملف الزراعي في طليعة أسباب الخلاف بين الدول الغنية والدول الفقيرة التي انتقل بعضها، كالصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، إلى مصاف الدول الصاعدة.
فعلى الرغم من عقائد تحرير التجارة التي تسعى الولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى إلى فرضها على العالم، فإن تلك الدول تمارس الغدر بتلك العقائد عبر إجراءات كإجبار البلدان الفقيرة على فتح حدودها وتخفيض تعرفاتها الجمركية على البضائع والسلع الوافدة، فيما تلجأ من جهتها إلى إقفال حدودها وتطبيق الحمائية أمام منتجات البلدان الفقيرة.
وفي الإطار نفسه، تقوم البلدان الغنية بتقديم مساعدات ضخمة لمزارعيها بهدف تمكينهم من طرح منتجاتهم في الأسواق بأسعار متدنية، ما يؤدي إلى عجز المنتجات القادمة من البلدان الفقيرة عن المنافسة، وبالتالي إلى كساد هذه المنتجات، وإلى دمار اقتصاديات المنتجين الذين يتردون نتيجة لذلك في مهاوي الفقر.
ويأتي إنتاج القطن، والقطن الإفريقي بوجه خاص، في طليعة ضحايا هذه السياسة التي يتم بموجبها تدمير عشرات الملايين من المزارعين الأفارقة لمصلحة بضعة آلاف من المزارعين الأميركيين والأوروبيين.
وما يقال عن القطن يقال عن غيره من المنتجات الزراعية كالقمح والذرة والفاكهة والمواشي المنتجة للحوم والألبان. كما يقال أيضاً عن المواد الأولية التي تصادرها الشركات العابرة للقارات من البلدان الفقيرة بأبخس الأثمان لتعيدها إليها على شكل منتجات مصنعة بأثمان فاحشة.
وهو يقال أيضاً عن النووي السلمي الذي تسعى دول الهيمنة إلى احتكاره وتجنيده في حرب الطاقة التي بات من المعروف أنها تتحكم إلى حد بعيد بمستقبل العالم وحاضره وتشكل رافعة أساسية من روافع الاستقلال والسيادة.
والحقيقة أن السياسات الاقتصادية التي فرضتها قوى الهيمنة من خلال البنكين الدوليين ومنظمة التجارة العالمية والمؤسسات المالية الكبرى، والأنظمة المتواطئة في البلدان الفقيرة، عبر المديونيات وإعادة الهيكلة والخصخصة وما إلى ذلك، هي المسؤولة عن الداء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي الذي يضرب العالم الثالث.
وعن الواقع المتمثل بكون عشرة بالمئة من سكان الكوكب يستأثرون بتسعين بالمئة من مقدرات الكوكب، مقابل تسعين بالمئة يتعيشون على عشرة بالمئة من الموارد.
وتشكل الخطوة البرازيلية في فرض العقوبات على استيراد السلع المستوردة من الولايات المتحدة خطوة رائدة في الرد "الثوري" على هذا الواقع المفروض على العالم.
فهي قد أجبرت الأميركيين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات في محاولة منهم لدرء العقوبات التي ستكلفهم ما يقرب من 800 مليون دولار سنوياً في حال دخولها حيز التنفيذ بعد انتهاء المهلة التي حددها البرازيليون بشهر واحد.
كما ستكلفها ارتفاعاً في أرقام البطالة، وتفاقماً إضافياً في أزمتها المالية والاقتصادية والاجتماعية. وتراجعاً على مستوى حروبها وعدوانيتها.
إما أن يتراجع الأميركيون وإما أن تفرض عليهم العقوبات. وأياً كان خيارهم، فإنهم خاسرون في هذه الحرب الكبرى التي فتحوها بأنفسهم والتي يتنعمون بأسلابها وغنائمها منذ عقود. في هذه الحرب الكبرى التي ينبغي للدول والشعوب الفقيرة أن تقوم بفتحها على جبهات كثيرة. وخصوصاً أن نتائجها الإيجابية مضمونة لمصلحة من يتعرضون للقهر والذين لم يعد لديهم ما يخسرونه غير القهر.
من مفارقات التاريخ أن البرازيل التي لم تبلغ معاناتها واحداً بالألف، قياساً إلى معاناة العرب من أميركا و" إسرائيل"، تقدم على هذه الخطوة الرائدة، فتفرض عقوبات ورسوماً جمركية ضخمة مفتوحة على المقاطعة الشاملة، بينما عرب كثيرون لا يُعرضون فقط عن المقاطعة، بل يقدمون الغاز والنفط لأميركا و"إسرائيل" بأسعار رمزية أو بالمجان، ويقومون بإعفاء آلاف السلع التي يشترونها من "إسرائيل" من الرسوم الجمركية!