ارشيف من :ترجمات ودراسات
أخبار العدو: المطلوب رؤية سياسيّة
سيستغرق الأمر أسابيع، وربما أشهراً، كي يكون ممكناً القول كم أن هذه الأزمة أزمة ثقة شخصية ونهج سياسي أو أزمة أعمق تهدد طبيعة العلاقات الأميركية ــ الإسرائيلية
"معاريف" ـ ألون بنكاس
في العقود الأربعة الأخيرة، تبلور حلف أميركي ـ إسرائيلي. ورغم أنه جاء في سياق الحرب الباردة والعلاقات التي بنتها القوتان العظميان مع الدول الصغيرة التابعة لهما في الشرق الأوسط، فإن أسسه ليست فقط استراتيجية، بل ناجمة أيضاً عن قيم وأفكار. التطور الأخير لا يغير العلاقة التبادلية بين دولتين غير متماثلتين في كل بعد: مجال المناورة ودائرة المصالح الإسرائيلية محتوى دوماً في داخل دائرة المصالح الأميركية. عندما تحتك الدائرة الإسرائيلية بالأميركية، تتقلص حرية العمل الإسرائيلية. هكذا كان الأمر عندما أعادت الولايات المتحدة «النظر» في العلاقات على خلفية مفاوضات فك الاشتباك بين مصر وإسرائيل في 1975، وكذلك في حرب الخليج عام 1991 وبعدها، قبيل مؤتمر مدريد، كما في السياق الإيراني. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يكتشف الآن أن المسار السياسي الإسرائيلي ـ الفلسطيني لا ينطوي على تماثل للمصالح. الولايات المتحدة تعارض البناء الاستيطاني الذي تتحمل مسؤوليته الحكومات المتعاقبة منذ عام 1967. من هذه الناحية، نتنياهو اختير فقط كي يدفع ثمن انعدام الصبر وانعدام التسامح الأميركي، على خلفية التعب والملل العالمي من الانهماك بالنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. كل أربع سنوات يحدث مؤتمر و/ أو مواجهة.
يجدر بنتنياهو أن يبدأ بالقلق من الولايات المتحدة لا من ائتلافه
نتنياهو بدأ ولايته بعجز في الثقة مع الإدارة الأميركية، وفعل القليل جداً للتكيف معها. أميركا الجديدة تختلف سياسياً، اقتصادياً وديموغرافياً عن أميركا التي اعتقد أنه عرفها في ولايته الأولى. إدارة أوباما غير معفاة من الأخطاء، لكن القول إنها معادية لنتنياهو من اليوم الأول هو عذر غير جدي لا يعفي قائله من المسؤولية. في كل الأحوال... إسرائيل ترى ـ عن حق ـ في العلاقات الخاصة عمود خيمة أمنها القومي. الأزمة الحالية قد تكون مرتبطة بانعدام الثقة بين الإدارة ونتنياهو، لكن جذورها أعمق وتتعلق بالمصالح الأوسع للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. من ناحية سياسية، إسرائيل تقف ضد الموقف الأميركي منذ سنوات. الفارق هو أن حكومات إسرائيلية سابقة ـ حكومات رابين وبيريز وباراك وشارون وأولمرت ـ أدارت مسيرة سياسية حتى لو لم تنضج أو كانت أسسها موضع خلاف. عندما كانت ثمة مسيرة سياسية، كان مريحاً تجاهل الخلافات، لأن الفرضية كانت أنه في التسوية الدائمة سيبحث كل شيء على أي حال. هنا الخطأ الاستراتيجي الأكبر لنتنياهو، ليس «توقيت» بيان لجنة البناء اللوائية، بل انعدام الرؤية السياسية والمسيرة السياسية. مارتين إنديك، السفير الأميركي السابق في إسرائيل، اقتبس في مقالة له أمس عبارة لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة، مادلين أولبرايت، قالت فيها: «يجدر بنتنياهو أن يبدأ بالقلق من الولايات المتحدة، لا من ائتلافه».