ارشيف من :خاص
"الانتقاد" تكشف فضيحة عميل "الموساد" الذي يرافع عنه الآذاريون
إلياس لطف الله طانيوس: أحكام قضائية بحقه.. وسجن بقرار المحكمة العسكرية
علي الموسوي
لم تجد قوى 14 آذار وأوساط " القوّات اللبنانية" سوى عميل سابق لجهاز " الموساد" الإسرائيلي وميليشيا العميل أنطوان لحد، لكي تطالب عبره بتوقيف ضبّاط سوريين فضحوا أعماله واعتقلوه وتمّت محاكمته أمام القضاء السوري، ثمّ القضاء اللبناني، بالتهمة نفسها، وصدر في الحالين ضدّه، حكم بالإدانة والتجريم.
فقد هلّلت وسائل إعلام قوى 14 آذار ولا سيّما المواقع الإلكترونية منها والصحف الخليجية إيّاها التي شاركت في تسويق "فبركة" شهود الزور في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لهذا النبأ العظيم، من دون أن تحكي حقيقة هذا العميل وتسرد قصّته، فاكتفت باتّباع أسلوب التضليل الإعلامي وهي الغارقة في بحر الغشاوة التي تكحّل عيونها.
وتقصّد المهللون تضخيم الشكوى المباشرة التي قدّمها إلياس لطف الله طانيوس، وهو رقيب سابق في قوى الأمن الداخلي، أمام قاضي التحقيق الأوّل في بيروت غسّان عويدات ضدّ أربعة ضبّاط سوريين هم: جامع جامع، وكمال يوسف، وديب زيتوني، وبركات العش، والسوري المجنّس لبنانياً غسّان علوش، وذلك بجرم "الخطف والتعذيب وحجز الحرّيّة"، ولكنّها أخفت حقيقة صاحب الشكوى والمتوّجة بحكمين قضائيين سوري ولبناني، صدرا في سنتين مختلفتين.
والغريب أنّ تهليل وسائل إعلام 14 آذار لهذه الشكوى جاء عبر ربطها بمعاملات التبليغ الصادرة عن القضاء السوري لوزراء ونوّاب وأمنيين وقضاة وإعلاميين من فريق 14 آذار في الدعوى المقامة من اللواء الركن جميل السيّد ضدّهم بجرائم الافتراء الجنائي وتضليل التحقيق واعتقاله تعسفياً، وكمن يقول: "واحدة بواحدة"، ولكنّ الفارق بين الدعويين شاسع وكبير، وما تبنّي عميل سابق سوى تعبير عن أزمة حقيقية يعيشها فريق 14 آذار إزاء معاملات التبليغ بموعد جلسة تحقيق، ولم تصل بعد، إلى مذكّرات توقيف غيابية، وهو مصيرها في نهاية المطاف في حال عدم المثول أمام قاضي التحقيق في دمشق، وتبيان الدفاع أمامه عن التهم الموجّهة من السيّد إلى هؤلاء المدعى عليهم.
ويطرح تبنّي "القوّات اللبنانية" لهذا العميل من خلال تولّي رئيس دائرتها القانونية المحامي سليمان لبوس الدفاع عنه، جملة أسئلة، فهل تعرف أنّه محكوم سابقاً من القضاء العسكري اللبناني بتهمة العمالة للعدوّ الإسرائيلي؟ وهل تعي بأنّه كان موقوفاً في سوريا بجرم التعامل وتجنيد سوريين للعمل لمصلحة ميليشيا العميل أنطوان لحد وجهاز " الموساد"؟ وهل أخبرها كيف التقى بالضابط الإسرائيلي "سيمون"؟ وكم قبض منه لقاء تجنيد مواطن سوري للعمل لمصلحته؟، وهل تعرف بأنّ القضاء العسكري اللبناني حكم عليه أيضاً على فرض عدم اقتناعها بالحكم الصادر عن القضاء السوري، مع العلم أنّ القضاء العسكري اللبناني نفسه وفي عهد رئيس المحكمة العسكرية الدائمة العميد الركن ماهر صفي الدين، سبق له أن أسقط جرم كتم معلومات عن نائبها إيلي كيروز بسبب مرور الزمن الثلاثي خلال محاكمة متعاملين مع العدوّ الإسرائيلي؟.
فمن هو هذا العميل الذي روّجت له وسائل إعلام 14 آذار وبانحياز تام غير مسبوق في التعامل مع قضية مثل هذا النوع، فقط لأنّ كاشفي تورّط هذا العميل مع " الموساد"، هم سوريون؟.
موقع "الانتقاد" ينشر قصّة عميل أراد الآذاريون تحويله إلى "بطل قومي"، لقيامه بالادعاء على ضبّاط سوريين، وذلك بالاستناد إلى اعترافاته الصريحة والواضحة كما سبق له أن أدلى بها أمام المحكمة العسكرية الدائمة ونشرتها الصحف اللبنانية، وبينها " السفير" في العدد الرقم 8874، الصادر يوم الأربعاء الواقع فيه 11 نيسان 2001 بقلم كاتب هذا الموضوع.
عقدت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن ماهر صفي الدين وعضوية المستشار المدني القاضي فايز مطر وحضور معاون مفوّض الحكومة لديها القاضي ميسّر شكر جلسة بتاريخ 10 نيسان/ أبريل من العام 2001 لمحاكمة إلياس لطف الله طانيوس بتهمة التعامل مع العدوّ الإسرائيلي بعدما استلمته السلطات القضائية اللبنانية من السلطات السورية يوم الاثنين الواقع فيه 11 كانون الأوّل/ ديسمبر من العام 2000، ضمن مجموعة من اللبنانيين الذين كانوا يمضون في السجون السورية أحكاماً وجاهية صادرة بحقّهم عن القضاء السوري بتهم متنوّعة.
ومثل إلياس لطف الله طانيوس (والدته نمنم هيدموس، مواليد بيروت في العام 1963، رقم سجّل نفوسه 5 وادي الليمون) أمام هيئة المحكمة العسكرية مخفوراً من دون قيد، وأدلى خلال استجوابه العلني بطريقة تعامله على الشكل التالي:
قصد في أوائل العام 1990 بلدة القليعة عبر معبر باتر ـ جزين لحضور زفاف إلياس رشيد، حيث التقى صديقه ميشال ناصيف المعروف باسم ميشال عرموني الذي اصطحبه إلى منزله في بلدة مرجعيون وعرّفه إلى زوج والدته المسؤول الأمني في ميليشيا أنطوان لحد العميل ألبير حدّاد الذي طلب منه التعامل معه لمصلحة المخابرات الإسرائيلية مقابل الأموال، فوافق، وطلب منه تجنيد أحد الجنود السوريين، فأبلغه بعدم معرفته بأحد منهم، وتدخّل ناصيف مشيراً عليه بتجنيد السوري غسّان علوش الذي يعرفه، فوافق، وحدّد له العميل حدّاد موعداً للاتصال به هاتفياً على هاتف منزله.
وبعد ثلاثة أيّام، غادر إلياس طانيوس منطقة "الشريط الحدودي المحتل"، والتقى السوري علوش في محلّة تلّة الخيّاط في بيروت، وفاتحه بفكرة الذهاب إلى مرجعيون، فأدرك الأخير المغزى من ذلك، وهو التعامل مع العدوّ الإسرائيلي فوافق، وعندما اتصل ميشال ناصيف في الموعد المحدّد، أبلغه إلياس طانيوس بنجاحه في تجنيد علوش، وحدّد له موعداً لملاقاته مع علوش بعد شهر على معبر باتر ـ جزين، وهو ما حصل فعلاً، حيث كان بانتظارهما العميل ألبير حدّاد الذي نقلهما بسيّارته باتجاه بلدة الخيام، وطلب منهما في الطريق أن يضعا نظّارات شمسية لئلا يتعرّف إليهما أحد.
وبوصولهم إلى المكان المقصود، استقبلهم الضابط الإسرائيلي "سيمون" مرحباً، وانفرد بعلوش نحو ساعة، ثمّ أعادهما حدّاد إلى معبر باتر، ونقد إلياس طانيوس مبلغ مائتي دولار أميركي بموجب إيصال بالاستلام، على أن يلتقيهما بعد شهر واحد على المعبر نفسه.
وفي الموعد المحدّد في المرّة الثانية، اصطحب إلياس طانيوس صديقه علوش إلى حدّاد الذي نقلهما كما في المرّة السابقة، إلى الضابط "سيمون" الذي انفرد بعلوش لمدّة ساعتين، ثمّ أعادهما حدّاد إلى المعبر، ونقد إلياس طانيوس مبلغ مائتين وخمسين دولاراً أميركياً تشجيعاً له على مساندته له بتأمين علوش، وطلب ناصيف منه أن يبقى على علاقة وثيقة بعلوش حتّى يتمّ استدعاؤه مرّة ثالثة، غير أنّ ذلك لم يحصل، لأنّ المخابرات السورية اعتقلت إلياس طانيوس بتاريخ 15 كانون الأوّل/ديسمبر من العام 1992 في محلّة تلّة الخيّاط واقتادته إلى سوريا، حيث تمّت محاكمته ونال عقوبة الأشغال الشاقة مدّة عشر سنوات، وأمضى منها ثماني سنوات فقط، بعدما أفرجت عنه السلطات السورية بتاريخ 11 كانون الأوّل/ديسمبر من العام 2000.
وأصدرت المحكمة العسكرية الدائمة حكمها على الرقيب أوّل في قوى الأمن الداخلي في وحدة الإدارة المركزية مصلحة الآليات، إلياس طانيوس، وقضى بوضعه في الأشغال الشاقة مدّة سبع سنوات ونصف السنة.
وبعدما أمضى محكوميته أعيد إلى سلك قوى الأمن الداخلي، فخدم عاماً واحداً فقط على ما قال وكيله لبوس لـ" الانتقاد".
وبعد، ألم تشبع قوى 14 آذار من شهود الزور من صنف محمّد زهير الصدّيق، وأكرم شكيب مراد، وإبراهيم ميشال جرجورة، وعبد الباسط بني عودة، حتّى تأتي بعميل سابق لتشويه الصورة الحقيقية لضبّاط سوريين كشفوا عمالته وأوقفوه قبل تماديه في الاتصال بالعدوّ وعملائه اللحديين، ولتزييف الوقائع وقلب المشهد وجعله مظلوماً؟، وهل صار العملاء مصدر ثقة هذه القوى، حتّى تقتات من موائدهم الدسمة؟ أم أنّه سيناريو لاستكمال التلاعب بمصير البلاد والعباد وفق خطّة مدروسة كما في قضيّة توقيف الضبّاط الأربعة تعسّفياً وزوراً؟.
وعلى طريقة المثل اللبناني نقول لهؤلاء: "خيّطوا بغير هالمسلّة".