ارشيف من :ترجمات ودراسات
محمود عباس من "شريك"!!.. إلى شاهد زور
لؤي حسن (*)
ماذا يفعل السيد أبو مازن!، سوى أنه يدير هزيمة موصوفة من التنازلات، وشاهد على المزيد من قضم أراضي الضفة الغربية، هذا بالنظر إلى الأمر من زاوية وصفية بحتة، أما إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية غياب أي رد فعل ضد الاحتلال فإن محمود عباس يقوم وربما من حيث لا يدري بأخطر دور، وهو دور الحارس لهذا الانتهاك الاسرائيلي، عندما يقف وأجهزة سلطته في وجه أي رد بذات المستوى يتولاه الشعب الفلسطيني بداعي ان "الانتفاضة المسلحة ستجلب المزيد من الدمار لشعبنا"، على حد وصفه!.
ما هي الآفاق أمام أبو مازن؟!، بعد هذا المزيد والمزيد من التسويف الأمريكي، أم تراه يعوّل على ما يصفه الإعلام: "تدهور العلاقات الأمريكية الاسرائيلية "!!، هذه التمثيلية التي ستنتهي بأن تغسل أمريكا يديها من أي التزام أدبي بوصفها (راعي السلام)، إذ من الغباء بمكان التعويل على أي ضغط أمريكي، ليس لأن لاسرائيل مكان الصدارة في سياستها الشرق أوسطية وحسب، بل لأن مصالحها مع الجانب العربي بألف خير!!، لا بل الأكثر من هذا حيث العديد من العرب (طبع علاقاته) مع اسرائيل، إن لم يكن علناً فعلى الأقل من تحت الطاولة، وهذا ما يعرفه جيداً السيد أبو مازن!!!.
وليست الإدارة الأمريكية مضطرة لمجرد مراعاة المشاعر طالما أن الأمر وصل إلى المقدسات مع مصادرة الحرم الابراهيمي في ظل صمت عربي واسلامي مريب، الأمر الذي شجع وسيشجع الصهاينة على التمادي في كل ما يريدون ويطمحون إليه وصولاً لوضع يدهم على المسجد الأقصى المهدد أصلاً بالتداعي جراء الحفريات أسفله!.
من الصحيح أن القضية الفلسطينية شكلت في أغلب الأحيان إحراجاً للعديد من الأنظمة العربية (الصديقة) للولايات المتحدة، وبعضهم كان – وما زال – يعتبرها (عبئاً) ثقيلاً فوق صدره، مع رغبة بإقفال ملفها، تمهيداً للخطوة التالية أي منظومة إقليمية تكون اسرائيل جزءاً منها لمواجهة ما يسمونه "الخطر الإيراني".
غير أن قيادات فلسطينية بارزة سهلت تحرر أولئك من (الالتزام) بالقضية منذ سنوات عدة، ومن المفيد هنا أن نعود إلى الوراء قليلاً لنرى كيف بدأ مسار التنازلات الذي آل إلى هذا المصير.
لا شك بأن شعار "القرار الوطني الفلسطيني المستقل" قد (مهد) لنقل "القضية" وبأيدي أهلها من (التزام) عربي إلى مستوى "مشكلة" فلسطينية على حد تعبير الرئيس مبارك!!، لكن تظل العبرة في ترجمة الشعار، والذي جاء تفرداً في التفاوض المباشر مع الاسرائيليين، متجاوزاً حتى الإطار والصيغة التي طرحتها أمريكا نفسها أي "مؤتمر مدريد"!!، إذ ما زلنا نذكر أنه وبينما كان الحديث جاريا على قدم وساق لتشكيل وفد عربي مشترك آنذاك لما يسمى (دول الطوق) بناءً على اقتراحٍ سوري، بحيث يتم طرح الحقوق في سلة واحدة، كان هنالك وفد فلسطيني يعد طبخة (اوسلو) مع الاسرائيليين!، أي ما جعل الوفد الفلسطيني إلى المؤتمر المذكور مجرد ستارة، الأمر الذي دعا رئيسه المرحوم الدكتور حيدر عبد الشافي إلى تقديم استقالته احتجاجاً.
وحتى في أوسلو وقع المفاوض الفلسطيني في خطأ آخر يتصل بأصول التفاوض أو قواعده، حيث بدأ بثمن بخس ومن حساب ما حصّله فيما أُسمي "غزة أولاً"، مذكرين بأن قادة اسرائيل طرحوا مسبقاً وقبل المفاوضات الانسحاب من القطاع، أو "الجحيم" على حد تعبيرهم تحت ضغط الانتفاضة.
ثم إذا جاز (جدلاً) تجاوز حقوق الفلسطينيين للوصول مرحلياً إلى خطوة تحرير أراضي 67، فإن الخطأ الاستراتيجي هو الهدايا المجانية لاسرائيل، من الاعتراف بها واسقاط الخيار المسلح دون مقابل ملموس أو معطيات صلبة تلزم الاحتلال بالانسحاب، مع الإبقاء على حق العودة معلقاً من باب ربط الصراع للأجيال القادمة،
لعل هذا التنازل قد أفسح المجال لتنازلات أخرى، فمن الانسحاب و(تفكيك) المستوطنات، أصبح الحديث الآن عن تجميد الاستيطان لأشهر!!، ومع ذلك فإن اسرائيل لم تقف عند هذا السقف مواصلةً ضم المزيد والمزيد من الأراضي وآخرها بناء عشرات الآلاف من الوحدات السكنية في محيط بيت لحم، هذا غير تهويد القدس الجاري على قدمٍ وساق!!!.
ماذا ينتظر ابو مازن؟!!، وكيف يقبل على نفسه وعلى تاريخه وعلى شرفه أن يقول: "غير مسموح بأي عمل مسلح".
برغم بعض المآخذ على الرئيس ياسر عرفات فإننا نسجل له بأنه أدرك فيما بعد بأن التنازلات لعبة بلا قعر ولا تنتهي إلا بالتفريط وتصفية القضية فسقط دونها شهيداً.
إننا من الواقعية بما لا تسمح لنا أن نتوقع من أبو مازن أن يتقفى طريق الشهادة ذاتها!، عملاً بالآية الكريمة "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.."، ولكن هل يستصعب الاستقالة!، أو على الأقل الانسحاب إلى خارج الأرض المحتلة – طلباً للسلامة! – وبوصفه رئيساً للشعب الفلسطيني في منفى يختاره، تاركاً لهذا الاخير أن يتدبر أمره، وعلى طريقته كما فعل أهل غزة الذين لم يخشوا الدمار، فالشعب هنا وهناك واحد شجاعةً وبذلاً وخبرةً نضالية في مقارعة الاحتلال.
وبعيداً عن منطق التخوين، فان أقل ما يقال في سلطة أبو مازن انها مخترقة حتى نخاع العظم!!، مع ما يجري من تنسيق بين أمنيين فلسطينيين واسرائيليين في تعقب المناضلين من حماس او الجهاد، وقبلهما من فتح!، ما يجعل وظيفة هذه السلطة حارساً للاحتلال لتمكينه من الأرض واغتصاب الحقوق.
لقد ضاقت الخيارات أمام محمود عباس، والاسرائيليون ما عادوا يرضون به إلا شاهد زور وليس شريكاً، فماذا ترك للتاريخ ليكتب عنه!!!.
(*) كاتب من لبنان
ماذا يفعل السيد أبو مازن!، سوى أنه يدير هزيمة موصوفة من التنازلات، وشاهد على المزيد من قضم أراضي الضفة الغربية، هذا بالنظر إلى الأمر من زاوية وصفية بحتة، أما إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية غياب أي رد فعل ضد الاحتلال فإن محمود عباس يقوم وربما من حيث لا يدري بأخطر دور، وهو دور الحارس لهذا الانتهاك الاسرائيلي، عندما يقف وأجهزة سلطته في وجه أي رد بذات المستوى يتولاه الشعب الفلسطيني بداعي ان "الانتفاضة المسلحة ستجلب المزيد من الدمار لشعبنا"، على حد وصفه!.
ما هي الآفاق أمام أبو مازن؟!، بعد هذا المزيد والمزيد من التسويف الأمريكي، أم تراه يعوّل على ما يصفه الإعلام: "تدهور العلاقات الأمريكية الاسرائيلية "!!، هذه التمثيلية التي ستنتهي بأن تغسل أمريكا يديها من أي التزام أدبي بوصفها (راعي السلام)، إذ من الغباء بمكان التعويل على أي ضغط أمريكي، ليس لأن لاسرائيل مكان الصدارة في سياستها الشرق أوسطية وحسب، بل لأن مصالحها مع الجانب العربي بألف خير!!، لا بل الأكثر من هذا حيث العديد من العرب (طبع علاقاته) مع اسرائيل، إن لم يكن علناً فعلى الأقل من تحت الطاولة، وهذا ما يعرفه جيداً السيد أبو مازن!!!.
وليست الإدارة الأمريكية مضطرة لمجرد مراعاة المشاعر طالما أن الأمر وصل إلى المقدسات مع مصادرة الحرم الابراهيمي في ظل صمت عربي واسلامي مريب، الأمر الذي شجع وسيشجع الصهاينة على التمادي في كل ما يريدون ويطمحون إليه وصولاً لوضع يدهم على المسجد الأقصى المهدد أصلاً بالتداعي جراء الحفريات أسفله!.
من الصحيح أن القضية الفلسطينية شكلت في أغلب الأحيان إحراجاً للعديد من الأنظمة العربية (الصديقة) للولايات المتحدة، وبعضهم كان – وما زال – يعتبرها (عبئاً) ثقيلاً فوق صدره، مع رغبة بإقفال ملفها، تمهيداً للخطوة التالية أي منظومة إقليمية تكون اسرائيل جزءاً منها لمواجهة ما يسمونه "الخطر الإيراني".
غير أن قيادات فلسطينية بارزة سهلت تحرر أولئك من (الالتزام) بالقضية منذ سنوات عدة، ومن المفيد هنا أن نعود إلى الوراء قليلاً لنرى كيف بدأ مسار التنازلات الذي آل إلى هذا المصير.
لا شك بأن شعار "القرار الوطني الفلسطيني المستقل" قد (مهد) لنقل "القضية" وبأيدي أهلها من (التزام) عربي إلى مستوى "مشكلة" فلسطينية على حد تعبير الرئيس مبارك!!، لكن تظل العبرة في ترجمة الشعار، والذي جاء تفرداً في التفاوض المباشر مع الاسرائيليين، متجاوزاً حتى الإطار والصيغة التي طرحتها أمريكا نفسها أي "مؤتمر مدريد"!!، إذ ما زلنا نذكر أنه وبينما كان الحديث جاريا على قدم وساق لتشكيل وفد عربي مشترك آنذاك لما يسمى (دول الطوق) بناءً على اقتراحٍ سوري، بحيث يتم طرح الحقوق في سلة واحدة، كان هنالك وفد فلسطيني يعد طبخة (اوسلو) مع الاسرائيليين!، أي ما جعل الوفد الفلسطيني إلى المؤتمر المذكور مجرد ستارة، الأمر الذي دعا رئيسه المرحوم الدكتور حيدر عبد الشافي إلى تقديم استقالته احتجاجاً.
وحتى في أوسلو وقع المفاوض الفلسطيني في خطأ آخر يتصل بأصول التفاوض أو قواعده، حيث بدأ بثمن بخس ومن حساب ما حصّله فيما أُسمي "غزة أولاً"، مذكرين بأن قادة اسرائيل طرحوا مسبقاً وقبل المفاوضات الانسحاب من القطاع، أو "الجحيم" على حد تعبيرهم تحت ضغط الانتفاضة.
ثم إذا جاز (جدلاً) تجاوز حقوق الفلسطينيين للوصول مرحلياً إلى خطوة تحرير أراضي 67، فإن الخطأ الاستراتيجي هو الهدايا المجانية لاسرائيل، من الاعتراف بها واسقاط الخيار المسلح دون مقابل ملموس أو معطيات صلبة تلزم الاحتلال بالانسحاب، مع الإبقاء على حق العودة معلقاً من باب ربط الصراع للأجيال القادمة،
لعل هذا التنازل قد أفسح المجال لتنازلات أخرى، فمن الانسحاب و(تفكيك) المستوطنات، أصبح الحديث الآن عن تجميد الاستيطان لأشهر!!، ومع ذلك فإن اسرائيل لم تقف عند هذا السقف مواصلةً ضم المزيد والمزيد من الأراضي وآخرها بناء عشرات الآلاف من الوحدات السكنية في محيط بيت لحم، هذا غير تهويد القدس الجاري على قدمٍ وساق!!!.
ماذا ينتظر ابو مازن؟!!، وكيف يقبل على نفسه وعلى تاريخه وعلى شرفه أن يقول: "غير مسموح بأي عمل مسلح".
برغم بعض المآخذ على الرئيس ياسر عرفات فإننا نسجل له بأنه أدرك فيما بعد بأن التنازلات لعبة بلا قعر ولا تنتهي إلا بالتفريط وتصفية القضية فسقط دونها شهيداً.
إننا من الواقعية بما لا تسمح لنا أن نتوقع من أبو مازن أن يتقفى طريق الشهادة ذاتها!، عملاً بالآية الكريمة "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.."، ولكن هل يستصعب الاستقالة!، أو على الأقل الانسحاب إلى خارج الأرض المحتلة – طلباً للسلامة! – وبوصفه رئيساً للشعب الفلسطيني في منفى يختاره، تاركاً لهذا الاخير أن يتدبر أمره، وعلى طريقته كما فعل أهل غزة الذين لم يخشوا الدمار، فالشعب هنا وهناك واحد شجاعةً وبذلاً وخبرةً نضالية في مقارعة الاحتلال.
وبعيداً عن منطق التخوين، فان أقل ما يقال في سلطة أبو مازن انها مخترقة حتى نخاع العظم!!، مع ما يجري من تنسيق بين أمنيين فلسطينيين واسرائيليين في تعقب المناضلين من حماس او الجهاد، وقبلهما من فتح!، ما يجعل وظيفة هذه السلطة حارساً للاحتلال لتمكينه من الأرض واغتصاب الحقوق.
لقد ضاقت الخيارات أمام محمود عباس، والاسرائيليون ما عادوا يرضون به إلا شاهد زور وليس شريكاً، فماذا ترك للتاريخ ليكتب عنه!!!.
(*) كاتب من لبنان