ارشيف من :ترجمات ودراسات
"ساعة بلا كهرباء": الحضارة الصناعية تأكل فلذات أكبادها!
عقيل الشيخ حسين
هنالك العناصر الأربعة، الماء والهواء والتراب والنار، التي ابتدأ من التأمل فيها مسار الفكر الإغريقي الذي قام عليه البناء الفكري الغربي والذي أصبح عالمياً إلى أبعد الحدود. والملاحظ اليوم، بعد أن أصبحت جميع مرافق الحياة خاضعة لتكنولوجيا التي تولدت عن ذلك الفكر، أن الفساد والتلف قد ضرب العناصر الثلاثة الأولى... وأن العنصر الرابع قد أصبح سيد الساحة... وعلا علواً كبيراً.
بكلام آخر، العالم يعيش الآن، بعد كل مسيرة التطور، في عصر الكارثة البيئية والمناخية. تلوث، انحباس حراري، تصحر، فيضانات، أعاصير، زلازل، براكين وقارات متجمدة يذوب جليدها، وسماء يُُكشطُ ما في طبقاتها من أوزون. وبالتالي، توشك الحياة على الأرض أن تلفظ أنفاسها الأخيرة. وبكلام أكثر وضوحاً : الإنسان مهدد بالانقراض الوشيك... احتراقاً بالحرارة (أي النار) المنبعثة من آلاته وتجهيزاته.
وبالطبع، فإن الإنسان لا يقف مكتوف الأيدي : هنالك كلام كثير عن البيئة ومبادرات لا تحصى لحماية البيئة. حملات نظافة وتشجير وتدوير للنفايات وقوانين تمنع تدخين التبغ وسيارات كهربائية وطاقة شمسية ومحاولات لاستبدال أكياس التسوق البلاستيكية بأكياس من الورق. وأخيراً وليس آخراً "يوم بلا سيارات: و"ساعة بلا كهرباء".
وبالطبع، وراء هذه المبادرات نفوس خيرة غيرى ونوايا طيبة من النوع الذي تعبد فيها الطرقات إلى الجحيم. فالمسالة شبيهة بمصلوب علق على خشبة ودقت في جسده مئات المسامير ثم يأتي فريزي متجلبب بجلباب الورع والتقوى والشهامة فينزع من جسد المصلوب واحداً من المسامير ويذرف دمعة تكفي لحمل الجماهير ـ المحتشدة للاستمتاع بمشهد الصلب ـ على البكاء والعويل تأثراً بتلك الدمعة. ثم يحملون الفريزي ذا القلب الرحيم على الأكتاف ويذهبون به إلى مواطن الرفعة، تاركين الصلوب معلقاً بمساميره فوق خشبته.
لنتوقف عند قضية "ساعة بلا كهرباء". انطلقت المبادرة من سيدني في أوستراليا قبل ثلاثة أعوام. بهدف توعية الناس على الخطر المحدق بالبيئة. وهي عبارة عن دعوة لإطفاء المصابيح الكهربائية لمدة ساعة كاملة بين الثامنة والنصف والتاسعة والنصف مساءً في السابع والعشرين من آذار/ مارس. ولقيت الفكرة تجاوباً. وفي العام 2010، كانت الفكرة قد وصلت إلى 92 بلداً، وأطفات الأضواء في الكثير من المباني المرموقة وغير المرموقة في حوالي 2500 مدينة في العالم. أما تعداد المستجيبين للدعوة من الأفراد فكان بالملايين.
معنى الكلام ـ ومن غير الممكن أن يكون للكلام معنى آخر ـ أن ملايين الأشخاص باتوا على وعي بأن الكهرباء تدمر البيئة. أليس الهدف من إطفاء المصابيح الكهربائية هو رفع مستوى الوعي البيئي على طريق حماية البيئة ؟
ولا شك بأن الذين أطفأوا المصابيح قد شعروا، شأن الجماهير التي حملت الفريزي على الأكتاف، بأنهم أدوا قسطهم للعلى. ولا شك بأن أرباب الفكرة قد بلغوا، شأن الفريزي، مأربهم غير الإنساني.
كالمسمار الذي نُزع من جسد المصلوب الذي ظل معلقاً على الخشبة بمئات المسامير، هو إطفاء المصابيح خلال ساعة واحدة في السنة. أي خلال ساعة واحدة من أصل 8760 ساعة هو مجموع ساعات السنة. أي أن المشفقين على البيئة واصلوا تدير البيئة خلال 8759 ساعة هي مجموع الساعات في السنة إلا ساعة واحدة.
إنه مثال صارخ على النفاق الذي ينجح في تنصيب نفسه، في ظل غياب الوعي الجماهيري، وأيضاً في ظل التواطؤ الجماهيري، مدافعاً أول عن الحقيقة والفضيلة.
كما هو الشأن في ملفات الحرية، كغطاء للاستعباد الحديث، وحقوق الإنسان كغطاء لأغراض الهيمنة، والديموقراطية كغطاء للدكتاتورية العضوض، ومكافحة الفقر كغطاء لإفقار الشعوب بالطرق المنهجية، والتعليم كغطاء للنيوجاهلية، والصحة كغطاء لنشر الأمراض خدمة لأغراض قوارين الطب وشركات الأدوية.
كيف توفقون، يا أيها السادة، مثلاً، بين التهمة التي توجهونها إلى الكهرباء، وأنتم محقون في هذه التهمة، وبين كل ما تكيلونه من مدائح للسارة العاملة على البطارية الكهربائية ؟!!!
ويا أيها السادة، أثبتوا أنكم صادقون، أي غير كاذبين، وأكملوا دعوتكم بالدعوة لإطفاء الكهرباء خلال 8760 ساعة في السنة. أليس أن الكهرباء تدمر البيئة، وأن البيئة هي شرط الحياة ؟
المضحك، وهنا نلمس مدى استخفاف أرباب المبادرة بوعي الناس، أن ما لا يحصى من المطاعم والملاهي ومصانع الشموع، لا البيئة، هي من استفاد من المبادرة. لأن الذين أطفأوا المصابيح خرجوا خلال تلك الساعة المشهودة إلى المطاعم والملاهي حيث استمتعوا بوقتهم ... على ضوء الشموع.
ترى كم هو عدد الشموع التي أحرقت خلال تلك الساعة المشهودة في أربع اقطار العالم. وما هي كمية الغازات الملوثة للبيئة التي انبعث من إحتراق تلك الشموع. وإلى أي مدى أسهمت تلك الشموع في دعم الانحباس الحراري.
هنالك العناصر الأربعة، الماء والهواء والتراب والنار، التي ابتدأ من التأمل فيها مسار الفكر الإغريقي الذي قام عليه البناء الفكري الغربي والذي أصبح عالمياً إلى أبعد الحدود. والملاحظ اليوم، بعد أن أصبحت جميع مرافق الحياة خاضعة لتكنولوجيا التي تولدت عن ذلك الفكر، أن الفساد والتلف قد ضرب العناصر الثلاثة الأولى... وأن العنصر الرابع قد أصبح سيد الساحة... وعلا علواً كبيراً.
بكلام آخر، العالم يعيش الآن، بعد كل مسيرة التطور، في عصر الكارثة البيئية والمناخية. تلوث، انحباس حراري، تصحر، فيضانات، أعاصير، زلازل، براكين وقارات متجمدة يذوب جليدها، وسماء يُُكشطُ ما في طبقاتها من أوزون. وبالتالي، توشك الحياة على الأرض أن تلفظ أنفاسها الأخيرة. وبكلام أكثر وضوحاً : الإنسان مهدد بالانقراض الوشيك... احتراقاً بالحرارة (أي النار) المنبعثة من آلاته وتجهيزاته.
وبالطبع، فإن الإنسان لا يقف مكتوف الأيدي : هنالك كلام كثير عن البيئة ومبادرات لا تحصى لحماية البيئة. حملات نظافة وتشجير وتدوير للنفايات وقوانين تمنع تدخين التبغ وسيارات كهربائية وطاقة شمسية ومحاولات لاستبدال أكياس التسوق البلاستيكية بأكياس من الورق. وأخيراً وليس آخراً "يوم بلا سيارات: و"ساعة بلا كهرباء".
وبالطبع، وراء هذه المبادرات نفوس خيرة غيرى ونوايا طيبة من النوع الذي تعبد فيها الطرقات إلى الجحيم. فالمسالة شبيهة بمصلوب علق على خشبة ودقت في جسده مئات المسامير ثم يأتي فريزي متجلبب بجلباب الورع والتقوى والشهامة فينزع من جسد المصلوب واحداً من المسامير ويذرف دمعة تكفي لحمل الجماهير ـ المحتشدة للاستمتاع بمشهد الصلب ـ على البكاء والعويل تأثراً بتلك الدمعة. ثم يحملون الفريزي ذا القلب الرحيم على الأكتاف ويذهبون به إلى مواطن الرفعة، تاركين الصلوب معلقاً بمساميره فوق خشبته.
لنتوقف عند قضية "ساعة بلا كهرباء". انطلقت المبادرة من سيدني في أوستراليا قبل ثلاثة أعوام. بهدف توعية الناس على الخطر المحدق بالبيئة. وهي عبارة عن دعوة لإطفاء المصابيح الكهربائية لمدة ساعة كاملة بين الثامنة والنصف والتاسعة والنصف مساءً في السابع والعشرين من آذار/ مارس. ولقيت الفكرة تجاوباً. وفي العام 2010، كانت الفكرة قد وصلت إلى 92 بلداً، وأطفات الأضواء في الكثير من المباني المرموقة وغير المرموقة في حوالي 2500 مدينة في العالم. أما تعداد المستجيبين للدعوة من الأفراد فكان بالملايين.
معنى الكلام ـ ومن غير الممكن أن يكون للكلام معنى آخر ـ أن ملايين الأشخاص باتوا على وعي بأن الكهرباء تدمر البيئة. أليس الهدف من إطفاء المصابيح الكهربائية هو رفع مستوى الوعي البيئي على طريق حماية البيئة ؟
ولا شك بأن الذين أطفأوا المصابيح قد شعروا، شأن الجماهير التي حملت الفريزي على الأكتاف، بأنهم أدوا قسطهم للعلى. ولا شك بأن أرباب الفكرة قد بلغوا، شأن الفريزي، مأربهم غير الإنساني.
كالمسمار الذي نُزع من جسد المصلوب الذي ظل معلقاً على الخشبة بمئات المسامير، هو إطفاء المصابيح خلال ساعة واحدة في السنة. أي خلال ساعة واحدة من أصل 8760 ساعة هو مجموع ساعات السنة. أي أن المشفقين على البيئة واصلوا تدير البيئة خلال 8759 ساعة هي مجموع الساعات في السنة إلا ساعة واحدة.
إنه مثال صارخ على النفاق الذي ينجح في تنصيب نفسه، في ظل غياب الوعي الجماهيري، وأيضاً في ظل التواطؤ الجماهيري، مدافعاً أول عن الحقيقة والفضيلة.
كما هو الشأن في ملفات الحرية، كغطاء للاستعباد الحديث، وحقوق الإنسان كغطاء لأغراض الهيمنة، والديموقراطية كغطاء للدكتاتورية العضوض، ومكافحة الفقر كغطاء لإفقار الشعوب بالطرق المنهجية، والتعليم كغطاء للنيوجاهلية، والصحة كغطاء لنشر الأمراض خدمة لأغراض قوارين الطب وشركات الأدوية.
كيف توفقون، يا أيها السادة، مثلاً، بين التهمة التي توجهونها إلى الكهرباء، وأنتم محقون في هذه التهمة، وبين كل ما تكيلونه من مدائح للسارة العاملة على البطارية الكهربائية ؟!!!
ويا أيها السادة، أثبتوا أنكم صادقون، أي غير كاذبين، وأكملوا دعوتكم بالدعوة لإطفاء الكهرباء خلال 8760 ساعة في السنة. أليس أن الكهرباء تدمر البيئة، وأن البيئة هي شرط الحياة ؟
المضحك، وهنا نلمس مدى استخفاف أرباب المبادرة بوعي الناس، أن ما لا يحصى من المطاعم والملاهي ومصانع الشموع، لا البيئة، هي من استفاد من المبادرة. لأن الذين أطفأوا المصابيح خرجوا خلال تلك الساعة المشهودة إلى المطاعم والملاهي حيث استمتعوا بوقتهم ... على ضوء الشموع.
ترى كم هو عدد الشموع التي أحرقت خلال تلك الساعة المشهودة في أربع اقطار العالم. وما هي كمية الغازات الملوثة للبيئة التي انبعث من إحتراق تلك الشموع. وإلى أي مدى أسهمت تلك الشموع في دعم الانحباس الحراري.