ارشيف من :خاص
الحرب الوقائية الإسرائيلية لم تعد خيارا مجديا ومنتجا
كتب المحرر العبري
بالرغم من تعدد التقديرات الإسرائيلية حول ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في المنطقة، رجح المعلق الأمني في صحيفة "يديعوت احرونوت"، "رونين بيرغمن"، إمكانية نشوب مواجهة عسكرية مع حزب الله و/أو سوريا مستخدما التعبير التالي "على الأغلب، الشر سيأتي بالذات من الشمال".
ولفت بيرغمان إلى انه في ظل هذا الواقع أجرى الجيش مناورة قيادية "حجارة نارية 12"، لكنه امتنع عن استدعاء الاحتياط، ـ في إطار المناورة ـ، خوفا من تقدير سوري بأن الأمر يتعلق بحرب حقيقية تعد لها "إسرائيل"، فتقرر شن حرب وقائية.
ورأى بيرغمان انه بعدما كان السيناريو المرجح، قبل وقت غير بعيد، هو مبادرة "إسرائيل" إلى قصف مواقع نووية إيرانية تؤدي إلى ردود متبادلة في المنطقة تشمل سوريا وحزب الله، إلا انه عاد واستبعد هذا الأمر في المدى المنظور. لكنه بنى تقديره على أساس أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو استجاب للطلب الأميركي وأعطى البيت الأبيض وقتا وإمكانية فرض "عقوبات تشل" إيران لتحقيق هدفها.
في مقابل هذا الاستبعاد رأى بيرغمان أن هناك إمكانية أخرى وهي أن يبادر حزب الله إلى الرد على اغتيال الحاج عماد مغنية عبر تفجير إحدى السفارات الإسرائيلية أو استهداف سياح إسرائيليين في صحراء سيناء أو خطف رجال أعمال إسرائيليين في أفريقيا... وهو ما قد يؤدي إلى رد فعل إسرائيلي شديد للغاية ضد حزب الله ولبنان.
الإمكانية الأخرى التي رأها بيرغمان، وتملك أرجحية اكبر بنظره، هو شن "إسرائيل" حرب وقائية على خلفية تزويد حزب الله بصواريخ يتم تطويرها في إيران وإجراء تجارب عليها هناك، على أن يتم الإنتاج في سوريا ومن هناك يتم نقلها إلى لبنان والى قطاع غزة. وأضاف بيرغمان أن الخوف الأكبر لدى "إسرائيل" في هذا السياق هو تزود حزب الله بـ "سلاح خارق للتوازن"، وهو ما قد يشكل تهديدا حقيقيا لإسرائيل. وانه على خلفية هذه المخاوف استدعت وزارة الخارجية الأميركية السفير السوري في واشنطن، عماد مصطفى، تطلب منه وقف عملية تسليح حزب الله، محذرة من أن هذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى اشتعال حرب في المنطقة. وان الخوف الأميركي هو أن يستخدم حزب الله هذه الأسلحة ردا على عمليات يقوم بها الموساد ضدها ا وان تخشى "إسرائيل" من السلاح الـ "خارق للتوازن" فتنطلق إلى عملية وقائية.
في مقابل ما تقدم، تنبغي الإشارة إلى ان توصيف بعض الأسلحة بـ"الخارقة للتوازن"، لا تنطبق فقط على الصواريخ المتطورة المضادة للطائرات، بل إن الصواريخ التي هدد بها الأمين لعام لحزب الله باستهداف المنشآت الاستراتيجية ومطار بن غوريون ردا على أي استهداف لمنشآت الدولة اللبنانية، فرضت توازنا حقيقيا، بل خرقا للتوازن الذي كان قائما. لكن لما أصبح هذا الأمر واقعا ولم يعد بوسع "إسرائيل" أن تغير شيئا في المعادلة وتراجعت عن تناوله في تهديداتها بعدما كان وزير الحرب ايهود باراك حذر من امتلاك حزب الله صواريخ خارقة للتوازن في الجو والبر، في إشارة إلى هذا النوع من الصواريخ المدمرة والبعيدة المدى والدقيقة الإصابة. خاصة وان أي حرب وقائية قد تكون مجدية، فقط في حال تمت قبل امتلاك حزب الله لهذه الأسلحة، وليس بعد، لأن الخوف الإسرائيلي هو من مفاعيل امتلاك واستخدام قدراته الصاروخية الخارقة للتوازن، وبالتالي فإن أي حرب تشنها "إسرائيل" ستؤدي إلى الوقوع فيما تخشاه.
أما بخصوص امتلاك حزب الله لصواريخ متطورة مضادة للطائرات فهذا ما لا يمكن الغوص فيه خاصة وان حزب الله لم يعلن أي معلومات دقيقة عن هذا الأمر، مع الإشارة إلى أن التجارب السابقة أثبتت بأن حزب الله عادة ما يحتفظ بالكثير من الأوراق من اجل مفاجأة العدو.
وعليه فإن التهديد بشن حرب وقائية لم يعد خيارا مجديا ومنتجا بعدما تمكن حزب الله من توفير جهوزية كاملة في مواجهة شن أي حرب محدودة او شاملة على لبنان وفي المنطقة.