ارشيف من :أخبار لبنانية

مفاوضات «قواتيي الأمس» مجدداً بلا نتيجة

مفاوضات «قواتيي الأمس» مجدداً بلا نتيجة

مارون ناصيف ـ السفير

منذ «انتفاضة 12 آذار 1985» التي أخرجت الدكتور فؤاد أبو ناضر ومعه الغالبية الساحقة من «البشيريين»، من القيادة القوّاتية، لمصلحة رئيس جهاز الأمن إيلي حبيقة ومسؤول منطقة الشمال سمير جعجع، والتباينات القواتية تظهر يوماً بعد يوم على خلفيات سلوك القيادة الجديدة. ولعل أجيال «القوّات اللبنانيّة» المتعاقبة منذ بشير الجميّل المؤسس حتى سمير جعجع، القائد الحالي، خير دليل على حال الخروج على المسارات التي طبعت كل مرحلة من تلك المراحل.

شعار «الأمر لي» الذي رفعه جعجع، نجح حتى اللحظة في تحقيق هدفه القائم على تفريق «البشيريين»، وإبعادهم قدر الإمكان عن مراكز القرار في مؤسستهم الأمّ، ولكن على الرغم مما يسمونه «الإضطهاد الذي مارسه «الحكيم» بحقنا»، لم يجتمعوا يوماً في تنظيم سياسي واحد، ولم يتفقوا حتى على طروحات واضحة، فبدأت تظهر تباعاً التجمعات السياسية القواتية المعارضة مثل «الإتحاد من أجل لبنان» (أمينه العام عباد زوين)، «هيئة قدامى القوات اللبنانية» (رئيسها جو إده وأمينها العام جوزيف الزايك) و«جبهة الحرية» (منسقّها فؤاد أبو ناضر)، بالإضافة الى تجمع قواتي رابع لا صلة له بالمؤسس هو «رابطة سيدة إيليج» التي تضمّ مجموعة من الضباط والمقاتلين «القواتيين» الذين حاربوا مع جعجع (أبرزهم فادي الشاماتي وسعود بو شبل) وهم على خلاف اليوم مع زوجته النائبة ستريدا جعجع.

وبينما يصر هؤلاء على أن «القوات» فقدت «الشرعية التمثيلية» بعد خروجهم منها، وبعدما هجرها أيضا أركان الحلقة الضيقة التي إنطلق منها جعجع في الشمال، وأبرزهم النائب أميل رحمه، والنائب السابق نادر سكر إضافة إلى جورج أنطون وغيرهم، تبرز نية دائمة لدى البعض منهم، ما عدا «رابطة سيدة ايليج»، بالتلاقي والتجمع في هيكلية سياسية واحدة تستطيع أن تشكل القوة الضاغطة المطلوبة بوجه قائد «القوات»، لكن أي ترجمة عملية ناجحة لهذه النية لم تنجح يوماً على الأرض، بغض النظر عن محاولتين إثنتين باءتا بالفشل.

منذ حوالى أربع سنوات، خرجت الى العلن للمرة الأولى فكرة دمج هذه التجمعات تحت لواء جبهة الحرية، ويروي قواتي سابق أن اجتماعاً ضمّ لهذه الغاية، في المكتب الجديد للجبهة في منطقة الكرنتينا ممثلين عن «الاتحاد» و«الجبهة» و«هيئة القدامى»، ولكن من دون أن يأتي بأي نتيجة. ويتابع «بعدما صوّر البعض أن الفشل ناتج عن تمسك ممثلي هيئة قدامى القوات بآرائهم بعيداً من منطق الحوار وتقديم التنازلات لما في ذلك مصلحة للجميع، تبين لاحقاً أن سبب الخلاف سياسي بامتياز ويرتبط جوهرياً بموقف أبو ناضر الداعي الى دفع هذا التجمع باتجاه ما سمّاه بـ«الخط الثالث» الذي قد يشكل جسر التلاقي بين كافة الأفرقاء ومنهم القوات والكتائب اللبنانية.

إتهم أبو ناضر يومها رفاقه بحلفاء العماد ميشال عون في السياسة، الأمر الذي أثار حفيظة عدد لا يستهان به من مناصري «الجبهة»، فتركوه لينتقل بعض منهم الى صفوف «هيئة القدامى» وبعض آخر إلى اعتزال العمل السياسي.

أما اليوم فتشير مصادر مواكبة إلى عودة مياه المفاوضات مجدداً إلى مجاريها، وتكشف عن اجتماعات عقدت منذ حوالى الشهر في مكتب الاتحاد من أجل لبنان في الأشرفية برعاية مسعود الأشقر، وحضور ممثلين عن الأطراف الثلاثة، لكن القنبلة التي فجّرت الخلاف هذه المرة، تمثلت بالمداخلة التي قدمها ممثل أبو ناضر في الاجتماع إذ قال «لا يجب أن ننغلق على ذاتنا ونجعل من جعجع خصماً دائماً في السياسة، فلماذا لا نلتقي معه حين نشعر أن مواقفه صحيحة وتفيدنا، كما أننا في الوقت عينه ننتقده لحظة يخطئ؟».

على عكس «الجبهويين» و«الإيليجيين»، فقواتيو «القدامى» و«الاتحاد» يرفضون بشكل قاطع أي تعاون مع سمير جعجع، ويذكّر أحدهم كيف نزع «الحكيم» صور بشير الجميل من الثكنات العسكرية بعد انتفاضة آذار 1985، ويسأل «لماذا لا يأتي قائد القوات على ذكر بشير في خطاباته إلا في الأوقات الحرجة وعشية الاستحقاقات الانتخابية البحتة؟ وأين كان بشير في احتفال البيال الأخير؟».

في المقابل، يصف قواتي سابق فضّل وسط النزاعات القائمة عدم التدخل لا مع القيادة الحالية ولا مع المعترضين «الاتحاد من أجل لبنان» بـ «تجمع المفكرين» بينما يرى أن «رابطة سيدة ايليج» هي مجموعة تعود الى انتمائها القواتي فور صدور القرار من معراب. أما جبهة الحرية فهي، بنظر هذا القواتي، تتأثر بالرابط العائلي بين منسقها أبو ناضر ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل. أخيراً، يعتبر القواتي السابق أن هيئة قدامى القوات قريبة جداً من مواقف قوى المعارضة، وتتمسك وبتحجّر بمواقف بشير الجميل.

2010-04-14