ارشيف من :أخبار لبنانية

يد ايران على الزناد لتحويل کل القواعد الأمريكية إلى أشبه ما يكون بيوم القيامة

يد ايران على الزناد لتحويل کل القواعد الأمريكية إلى أشبه ما يكون بيوم القيامة

صحيفة تشرين ـ محمد صادق الحسيني

هي ساعة الصفر التي يخافونها أكثر مما تخافها طهران وهي التي يدها على الزناد لتحويل كل القواعد الأمريكية في المنطقة إلى أشبه ما يكون بيوم القيامة، وساعة المناورتين الضخمتين بهذا الخصوص اقرب ما تكون إليهم من أي وقت مضى للتمرين على إغلاق مضيق هرمز.

هذا ما تؤكده مصادر موثقة، مضيفة: إن ضرب إيران بأسلحة نووية تكتيكية كما هددت واشنطن وتروج له بعض وسائل الإعلام الصديقة لها، سيؤدي في الحد الأدنى إلى إغلاق تام لهذا المضيق الحيوي الآنف الذكر وتعطيل الملاحة في محيطه بشكل كامل وصولا إلى البحر الأحمر من خلال إمطار المنطقة بجميع أنواع الصواريخ الجاهزة للإطلاق وجعل القواعد الأمريكية في المنطقة تعيش جهنماً يصبح معها ما حصل للأمريكيين في كل من أفغانستان والعراق أشبه بألعاب فيديو ليس إلاّ....! ‏

لا في مؤتمر واشنطن تستطيع أمريكا أن تشد عصب المجتمع الدولي ضد طهران، ولا هي قادرة على وقف حرب الاستنزاف التي تحضر طهران لخوضها ضد الأمريكيين وربيبتهم إسرائيل على أكثر من صعيد فيما لو قرر الإسرائيليون ركوب رؤوسهم والإقدام على مقامرة العدوان على إيران!. ‏

إذ إن كتائب القتال القابضة على مقاومتها كالقابض على الجمر تنتظر ساعة الصفر تلك وتشتاق إليها كشوق أحباء الله من الرعيل الأول إلى الشهادة ليلقنوا المعتدين درسا لن ينساه أحفاد أحفادهم هذه المرة!. ‏

وتهديدات أوباما النووية لطهران تكشف ليس فقط عمق جهله بالحالة الإيرانية من جهة وسذاجته في قراءة المشهد الإقليمي المحيط من جهة أخرى بل هي تكشف كذلك مدى تخبطه السياسي والدبلوماسي، وهو يستعد لحشد العالم في إطار مؤتمر دولي تحت عنوان الأمن النووي!. ‏

من جهة أخرى فإنه يكفي الآن ما سيطالب به الطيب رجب أردوغان عن ترسانة إسرائيل النووية فقط في هذا المؤتمر، ليفضح تلك الخديعة العالمية التي يتستر بها الإسرائيليون ومن معهم في طروحاتهم المخاتلة حول منع انتشار السلاح النووي وخطر وقوعه بأيدي مجموعات إرهابية!. ‏

وهل هناك إرهاب منظم إن على مستوى الدولة أو على مستوى العصابات أو على مستوى المنظمات الأمنية المنتشرة في إقليمنا العربي والإسلامي من القدس الشريف مروراً ببغداد الرشيد وصولا إلى بلاد نورستان الافغانية وعبوراً إلى ـ البلاد الطاهرة ـ أي الباكستان غيرهم هم أي جماعات الأنجلو ساكسون من ذوي العيون الزرقاء الذين وصفوا العالم بأنه ليس سوى طبق من اللحم الشهي نستطيع أن نحتسي منه بقدر ما نريد كما يفضحهم العالم السوري الكبير منير العكش في كتبه الثلاثة التي يفضح فيها خطر (الواسب) الصهاينة على مستقبل البشرية؟!. ‏

أما على صعيد الحشد الدولي ضد طهران، فإن المراقبين والمحللين المطلعين على بعض خفايا الأمور يكادون يجزمون بأنه ليس سوى إعلام وحرب نفسية مراوغة!. ‏

فالأمريكيون ومعهم اعلامهم الامبراطوري يكذبون، بالتهويل علينا بأنهم نجحوا في تطويق إيران أكثر فأكثر وأنهم كسبوا كلاً من روسيا والصين إلى جانبهم بشكل نهائي، وان طهران باتت في عين العاصفة النووية، ولم يبق أمام الأخيرة سوى التسليم بما بات يطلق عليه الإجماع الدولي ضدها!. ‏

ويكذب الأمريكيون كذلك إذا ما أرادوا أن يسوقوا اتفاق ستارت الجديد مع غريمهم ومنافسهم الروسي على انه نوع من الانتصار الكاسح للسياسة الأمريكية ضد كل من يغرد خارج سرب المحور الأمريكي - الإسرائيلي!. ‏

فكما تؤكد الأحداث والوقائع الكبرى المتلاحقة فإن النفوذ الأمريكي يتراجع وان نجم واشنطن الامبراطوري يأفل، رغم كل استعراضات التظهير الإعلامي لقوة أسلحتها الاستراتيجية المنتشرة حول العالم، بما فيها تلك الإيحاءات المضللة التي أرادت واشنطن تمريرها في سياق توقيعها لمعاهدة ستارت الجديدة مع موسكو في العاصمة التشيكية براغ!. ‏

ولنبدأ من براغ باعتباره الحدث الأبرز كما تحرص امبراطورية الإعلام الأمريكي وتوابعها أن تسوقه للعالم، لنسأل عن المغزى الأساسي في السياسة لهذا الحدث أولاً ؟ وهل صحيح أن أمريكا صادقة في نيتها في التخلص من أسلحة الدمار الشامل ؟ ومن ثم هل هي المنتصرة هنا فعلاً وإنها هي من أتت بروسيا إلى مربعها أم العكس؟. ‏

أولاً: يكفي على انعدام صدقية الجبارين في مجال نزع سلاحهما النووي التنبيه إلى أن ما احتفظا به من مخزون غير منتشر هو كاف وحده لتدمير الكرة الأرضية عدة مرات وان ما اتفقا عليه إنما يقع رغماً عنهما وذلك للاتفاق على قواعد الردع النووي المتقابل بينهما لا أكثر! ‏

ثانياً: من ناحية ثانية فإن ثمة من يعتقد بقوة أن روسيا هي من أكرهت أمريكا على التوافق المذكور وانها تاليا هي من ارادت تقييدها في هذا الاتفاق، سواء فيما يخص مشروع درعها الصاروخي الشهير او من حيث ربط طرق واشنطن اللوجستية إلى افغانستان بإرادة العاصمة موسكو، او من حيث إبعاد الأمريكيين عن ساحة أوروبا وإبقائهم غارقين في أوحالهم العراقية والافغانية والشرق أوسطية عموماً!. ‏

ثالثاً: وإذا ما أضفنا إلى ذلك أن هذا الحدث التوافقي بين القوة الأعظم والقوة الصاعدة إنما جاء مترافقا مع دخول قوى للثانية على الحديقة الخلفية للأولى في كل من فنزويلا وبوليفيا في إطار عقود تسلحية واستراتيجية ضخمة من جهة وانفراط عقد سلسلة مواقع النفوذ التابعة للثانية في الحديقة الخلفية التابعة للأولى من جهة أخرى والتي بدأت بأوزبكستان ومرت بأوكرانيا وتوجت مؤخراً بقرغيزستان، فان ما يمكن استنتاجه في الواقع ببساطة هو أن واشنطن هي القوة المتراجعة هنا أمام ما بات يطلق عليه صحوة الدب الروسي!. ‏

رابعاً: إن اتفاق ستارت الجديد يعني في السياسة كما في العسكر أن الرأي العالمي الذي يضغط على نزع التسلح النووي وعدم إشاعته فضلا عن منع استخدامه حتى كسلاح ردعي في العلاقات الدولية، هو الذي نجح في هذه الاتفاقية على حساب منهج الأمريكي الذي طالما لوح به خلال عصر الحرب الباردة وما بعدها ولا يزال!. ‏

أما فيما يخص التوافق المزعوم حول ملف إيران النووي، فلمن لم ينتبه او يتنبه نسجل له ما يلي: ‏

أولاً: لقد كان الرئيس الروسي واضحاً عندما وضع مسافة بينه وبين زميله الأمريكي بالقول إنه يختلف معه حول الهدف من مبدأ العقوبات والتي ينبغي أن تكون هادفة إلى (ايقاظ) إيران وجلبها للتعاون وليس إجراء العقوبات من اجل الانتقام، ومن ثم في نوع العقوبات والتي قال إنها ينبغي أن تكون (ذكية) ولا تضر بالشعب الإيراني، والاهم من ذلك كله إشارته بالقول إلى أن بلاده تتعاطى مع هذا الملف من زاوية الأمن القومي الروسي وهنا بيت القصيد في الخلاف الروسي ـ الأمريكي حول إيران، ذلك أن روسيا المحاطة من كل مكان بالأخطار الجيو استراتيجية ومنها ذلك المحيط المختزن للإرهاب في آسيا الوسطى والقوقاز يكفيه عاملان فقط لإشاعة الفوضى في كل روسيا: أن ترخي إيران حدودها مع تلك الديار أو أن تتقدم واشنطن خطوة نوعية باتجاه زعزعة استقرار إيران وهذا ما لن تجازف به موسكو بسهولة!. ‏

ثانياً: واستنادا إلى النقطة الأخيرة فان هذا يعني أن روسيا لن تسمح مطلقا للأمريكيين بتمرير عقوبات قد تؤدي إلى شل الاقتصاد الإيراني مطلقا، ليس حباً بإيران بالطبع ولكن حفاظاً ودفاعاً عن سياقات الأمن القومي الروسي، وهو ما تعرفه وتدركه إيران جيداً وتضعه في الميزان! ‏

ثالثاً: إن روسيا ورغم كل ما يقال عن مواكبتها للأمريكيين في تشديد الحصار على إيران، فإنها تقوم حاليا بتدريب الخبراء الإيرانيين على منظومة الدفاع الجوي الروسية س 300 في مقدمة لتحويلها للجانب الإيراني قريبا حسب الاتفاق المبرم، وهي كذلك ملتزمة بإطلاق العمل في محطة بوشهر النووية في الصيف القادم حسب المواعيد المعلنة!. ‏

رابعاً: إن موسكو وبكين تمتلكان رؤية استراتيجية للعالم مختلفة تماما عن واشنطن عبّرا عنها من خلال مبادرات دولية عديدة في مجال الطاقة والأمن والتعاون الدولي في طليعتها مبادرة مؤتمر شنغهاي للأمن والتعاون، وهي منظمة تضم إلى جانب دولتيهما، عدداً من دول آسيا الوسطى والقوقاز وهما تعملان على ارتقاء كل من الهند والباكستان وإيران إلى هذه المنظمة من صفة الناظر إلى مرتبة العضوية الكاملة فيها، على طريق جعل هذه المنظمة أداة موازية في الأهمية إن لم تكن البديلة للأمم المتحدة كما يتداول الروس والصينيون ذلك في الأروقة الخلفية في إطار طموحهما إلى إعادة صياغة معادلة جديدة للعالم! ‏

من جهة أخرى ولما كانت إيران قد وطنت نفسها على التعامل مع العقوبات الاقتصادية من جهة، ولما كانت الدول التي تفرض العقوبات هي أول من يخرقها كما أعلن أردوغان أخيراً، لحاجتها الماسة إلى السوق الإيرانية مطلقاً وليس حباً بإيران بالطبع، فان روسيا في موقفها المعلن من العقوبات إنما تبيع أمريكا عملياً عصافير في الهواء، بينما هي تكبل أمريكا بسلسلة من القيود التي تجعل كل طرق امداداتها واحتياجاتها في الشرق الأوسط الموسع أمريكياً تمر عبر موسكو أو حلفاء موسكو!. ‏

نعرف أن ثمة من سيقول: إن موازين القوى هذه متغيرة وهي لن تبقى دوما لمصلحة إيران وانه لا وجود لصداقات دائمة في العالم، وان المصالح قد تتغير، وهو ما تعرفه إيران جيداً، لكن ما نهدف إليه هنا هو فضح المخطط الإعلامي الذي تسعى من ورائه واشنطن إلى تصوير نفسها فيه وكأنها المالكة لرقاب العالم، وأنها القوة الزاحفة، وأن الدول الأخرى تتداعى أمامها الواحدة بعد الاخرى، وتاليا فان (حبل المشنقة) يضيق على إيران يوماً بعد يوم، وانه لم يبق امام طهران سوى التسليم بالشروط الأمريكية بعد أن تخلى العالم كله عنها! ‏

2010-04-14