ارشيف من : 2005-2008

الرؤساء الحص وميقاتي والصلح وكرامي والحافظ وقعوا على مذكرة تفاهم مشتركة

الرؤساء الحص وميقاتي والصلح وكرامي والحافظ وقعوا على مذكرة تفاهم مشتركة

الرئيس سليم الحص اليوم ، وانتهوا الى توقيع "مذكرة تفاهم" جاء فيها :‏

"بلغ السجال السياسي في البلاد من الحدة ما لم يعد يحتمل. واستمرار السجال على هذا النحو لن يكون من شأنه سوى التسبب بمزيد من التوتر في الأجواء السياسية وتعميق الانقسامات الفئوية على حساب وحدة الإرادة الوطنية في مواجهة أخطر الظروف التي تجتازها البلاد في ظل خلافات مستحكمة بعضها موروث من حقبة ما قبل الحرب الأخيرة على لبنان وبعضها تولد عن الحرب وتداعياتها.‏

إن الدعوة إلى التعقل والانفتاح والاعتدال واعتماد الحوار سبيلا لحل المشاكل والقضايا العالقة والتشبث بمقتضيات الوحدة الوطنية أمر طبيعي وحيوي ولكنه لا يكفي لإنقاذ المجتمع مما يتعرض له من أخطار وتحديات. لا بد من التلاقي حول ثوابت وطنية في التصدي لهذا الواقع. ونحن نرى:‏

أولا: أن لا بد من الالتقاء حول مفاهيم مشتركة حيال ما حل بلبنان وشعبه من جراء الحرب. من أسباب التوتر أن فريقا من اللبنانيين ينحي باللائمة على حزب الله بافتعال الحرب أو التسبب بها أو توفير ذرائع للعدو الإسرائيلي لتنفيذها.‏

فلنتفق على الحقائق التالية: صحيح أن حزب الله خرق الخط الأزرق واختطف جنديين إسرائيليين. إلا أن إسرائيل كانت عبر أشهر وسنوات خلت تخترق الخط الأزرق وكل الخطوط الحمر في اعتداءاتها شبه اليومية على الأجواء والمياه الإقليمية اللبنانية وأحيانا في قصف أهداف برية. ثم إن خطف الجنديين تم صراحة من أجل مبادلتهما بأسرى لبنانيين في السجون الإسرائيلية ولو استجابت إسرائيل فقامت بالمبادلة لما كانت الحرب. وإسرائيل لها تاريخ طويل بتبادل الأسرى بأسرى والأسرى بجثث. وكانت آخر عملية تبادل مع لبنان في كانون الثاني 2004 بوساطة ألمانية. وكانت عمليات تبادل لا تحصى مع تنظيمات فلسطينية عبر سنوات طويلة من الصراع. وكانت عملية تبادل مع مصر وأخرى مع سوريا.‏

هذا الواقع يستثير سؤالا وجيها" : "لماذا رفضت إسرائيل هذه المرة ما كانت تقبل به دوما ؟.‏

الجواب هو أن الحرب على لبنان كانت مدبرة, وكانت إسرائيل تتحين ذريعة لإطلاقها. ولو لم تكن ذريعة الأسيرين لاختلقت سواها ولو بعد حين. تدمير لبنان كان مطلوبا. وهناك شبه إجماع دولي على أن ردة الفعل الإسرائيلية كانت غير متكافئة مع الفعل بل تجاوزته على وجه فاضح. الحرب كانت مكتوبة على لبنان فلا نجعلن منها مادة للنزاع المدمر فيما بيننا.‏

هناك جدال عقيم يدور حول نتائج الحرب: بين من يجزم بأنها انتهت بانتصار المقاومة وبين من يزعم هزيمتها ، مستشهدا بحجم الخسائر البشرية والمادية التي ترتبت عليها .‏

في نظرنا كان انتصار المقاومة مبينا ، بمعنى أن إسرائيل لم تستطع أن تحقق أيا من أهدافها، فلا هي استطاعت أن تقضي على المقاومة أو أن تتقدم داخل العمق اللبناني أو أن تفجر الفتن بين اللبنانيين . ثم إن الحرب انتهت حيث بدأت ، إذ كان القتال يدور في اليوم الأخير من الحرب على تخوم قرى وبلدات حدودية . فالإنتصار كان في صمود حزب في بلد صغير في مواجهة أعتى قوة في الشرق الأوسط ومن ورائها أعظم قوة في العالم. صحيح أن الثمن كان غاليا جدا، ولكن تداعيات هذه الحصيلة على مسار الصراع العربي الإسرائيلي لا تقدر بثمن. فلقد قضت الحرب على أسطورة إسرائيل القوة لا تقهر ، وقضت على نظرة المراهنين على دور إسرائيل الأمني في المنطقة، وسيكون لها آثار مهمة على تنمية ثقافة المقاومة في العالم العربي أجمع ، وكان موقف الشارع العربي مشرفا إذ تجرأ فخالف مواقف بعض الحكام العرب، وقد تكون الحرب اللبنانية قد فتحت كوة للتسويات العادلة في المنطقة. كما يمكن أن تكون قد قضت على المشروع الأميركي الإسرائيلي المدمر، والمعروف بمشروع الشرق الأوسط الجديد، وكذلك على السبيل المعتمد للوصول إليه وهو ما يسمى الفوضى الخلاقة. إننا نرى أن من مقتضيات استعادة الوحدة الوطنية الاعتراف بكل هذه الحقائق. وأعداء لبنان يرون في الوحدة الوطنية حصن لبنان المنيع ، لذا كانت المحاولات اللئيمة لإشعال الفتن المذهبية والطائفية التي يقتضي أن تكون من المحظورات في كل الأحوال.‏

ثانيا: إننا نرحب بالقوات الدولية (اليونيفيل) العاملة جنوبي الليطاني وندعو إلى الحرص على التزام مهمتها المحددة في القرار 1701، وهي مؤازرة الجيش اللبناني في مهامه في منطقة عملياته في الجنوب ، وليس خارج الجنوب. أما انتشار الأساطيل في المياه الإقليمية اللبنانية فلا داعي له ما دام الشاطئ اللبناني تحت السيطرة الأمنية اللبنانية الكاملة. وكان الإعلان الألماني أن مهمة الأسطول حماية أمن إسرائيل مستغربا. فلبنان هو الذي يحتاج إلى الحماية.‏

ثالثا: إننا نخالف رأي الذين يقولون إن سلاح المقاومة وجد ليبقى. فالمقاومة اقترن وجودها باعتبارات معينة. فإذا تمت معالجة هذه الإعتبارات فلن يعود هناك موجب لاستمرار المقاومة المسلحة. من ذلك وجود أرض لبنانية تحت الاحتلال، هي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ووجود محتجزين لبنانيين في السجون الإسرائيلية، وانكشاف لبنان على اعتداءات شبه يومية جوا وبحرا وبرا. ومن المفترض أن تعالج هذه الاعتبارات في معرض تطبيق القرار 1701، فلا يعود ثمة موجب لاستمرار وجود السلاح في غير يد الدولة . وهذا ينسجم مع الموقف الذي أعلنه أمين عام حزب الله في احتفال النصر مساء 22/9/2006.‏

رابعا: من الخلافات الموروثة موضوع رئاسة الجمهورية. سلم الجميع في مؤتمر الحوار الوطني أن الاتفاق حول هذا الموضوع متعذر ، وهذا يعني بقاء الرئيس حتى نهاية ولايته الممددة، والحل لهذه المسألة يقتضي عمليا النظر في أطروحتين : الأولى هي استصدار قانون انتخاب جديد وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، ومطالبة المجلس الجديد بانتخاب رئيس للجمهورية بتقديم موعد الانتخابات الرئاسية كما كان عام 1976 ، فيكون إلى جانب رئيس الجمهورية رئيس منتخب يساعد وجوده على ملء الفراغ وتهدئة الأجواء. والأطروحة الثانية، انتظار موعد الإنتخاب الرئاسي على أن يتم الإنتخاب في حينه بالتوافق على شخص الرئيس العتيد سلفا. ذلك لأن التحدي بانتخاب رئيس من طرف معين سيؤدي إلى شرخ جديد بحيث يبدأ الرئيس العتيد عهده كما انتهى الرئيس المغادر، أي بمقاطعة من فريق وازن من اللبنانيين.‏

خامسا: مع التمسك بنظام الديموقراطية التوافقية، لا بد من إرساء قواعد الإصلاح الشامل المنشود، والمدخل إليه هو إصلاح سياسي يرمي إلى تعزيز الممارسة الديمقراطية المبنية على الفصل بين السلطات وتفعيل آليات المساءلة والمحاسبة وتأمين مقومات التمثيل الشعبي الصحيح. أما مفتاح الإصلاح السياسي فقانون انتخاب عادل يعتمد النسبية، وضوابط للعملية الانتخابية بما في ذلك تحديد سقف للانفاق الانتخابي ورسم ضوابط للاعلام والإعلان الإنتخابيين. ومطلب الإصلاح بات ملحا بعد أن فقدت الدولة اللبنانية صدقيتها باستشراء الطائفية واستفحال آفة الفساد وغياب آليات المساءلة والمحاسبة وطغيان أساليب التسلط والهيمنة والإرتهان إلى قوى خارجية في قرارات المصير وسيطرة العقم على أداء الطبقة السياسية والإدارة. والإصلاح يفترض وضع المادة 95 من دستور الطائف موضع التنفيذ بإنشاء الهيئة العليا لتجاوز الحالة الطائفية واستكمال تطبيق اتفاق الطائف.‏

سادسا: التسليم بعروبة لبنان ، وقد قضى اتفاق الطائف بعروبة لبنان انتماء وهوية. ولا بد في هذا الإطار من تصحيح العلاقة مع الشقيقة سوريا والإرتقاء بها إلى مستوى التميز على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة . ولبنان ممتن لأشقائه العرب الذين سارعوا إلى نجدته بالعون الإغاثي والإعماري السخي خلال الحرب وبعدها.‏

سابعا: الاتفاق على صيغة فاعلة للمحكمة ذات الطابع الدولي التي ستنظر في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مع الحرص على أن تكون منسجمة مع متطلبات السيادة اللبنانية ومع القانون اللبناني.‏

ثامنا: الحوار الوطني المرتجى مفتقد كليا. فقد ظهر جليا أن لا مجلس الوزراء ولا مجلس النواب يشكل ذلك المنبر الصالح للحوار الفعال. فإذا لم يكن بالإمكان إحياء مؤتمر الحوار الوطني وربما توسيع إطاره، فقد يكون ضروريا قيام حكومة اتحاد وطني موسعة تكون بمثابة المؤتمر الدائم للحوار الوطني، بحيث تبقى الخلافات مطروحة للحل على طاولة مجلس الوزراء فلا تتسرب إلى الشارع. ومباشرة عملية الإصلاح تكون من مهام هذه الحكومة. وتأليف مثل هذه الحكومة لن يكون إلا تتويجا لعملية توافقية جامعة.‏

الرئيس الحص‏

بعد اللقاء قال الرئيس الحص:" كان هذا اللقاء بين رؤساء الوزراء السابقين للمصادقة على النص النهائي لما سمي "مذكرة تفاهم" بين رؤساء الوزراء السابقين بعد ان تم تعديل النص الذي كان قد عرض في جلسة سابقة، فصدق رؤساء الوزراء السابقون على النص النهائي لمذكرة التفاهم, وهي عبارة عن اتفاق حول ثوابت وطنية يجب ان تجمع بين اللبنانيين في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان التي تعصف بها الانقسامات والخلافات والشجارات بين مختلف الاطراف اللبنانيين، شئنا ان يكون هناك مذكرة تفاهم تضم جملة ثوابت وطنية سوف نعمل على جذب قوى سياسية اخرى الى الموافقة عليها والانضمام اليها، فاذا ما تم ذلك ، فاننا نكون قد بدأنا مسيرة جديدة لتوطيد الوحدة الوطنية في البلاد، سيكون بين رؤساء الوزراء السابقين اجتماع اخر الثلاثاء المقبل في نفس الوقت للتداول في ما نكون قد قمنا به من نشاط على هذا الصعيد وما يمكن ان نقوم به من عمل من اجل توطيد اركان الوحدة الوطنية كما يرى اللبنانيون جميعا".‏

الوثيقة‏

سئل: هل يمكن ان تكون "وثيقة التفاهم" ارضية لجذب مختلف القوى على الساحة السياسية وتكون تباشير خير للبنان من اجل الكف عن الاتهامات المتبادلة؟‏

اجاب:" صحيح، هذا ما نريده وننشده والان نحن عممنا النص لنترك مجالا لمختلف القوى السياسية للنظر مليا في مضمونه، عسى ولعل ان يكون هناك مجال للاتفاق حول هذا النص مع سائر القوى السياسية في لبنان، ستكون هذه الوثيقة عند ذاك منطلقا لارساء قواعد جديدة لوحدة وطنية متجددة، البلد يفتقر الى الوحدة الوطنية في هذا الظرف، وانا اعتقد بالمناسبة ان الامر لا يتعلق بثوابت او مبادىء سياسية معينة بقدر ما يتعلق بالمنطلقات الوطنية، نحن مختلفون مع الاسف الشديد في هذه المرحلة حول هوية من هو الصديق ومن هو العدو، من هنا نبدأ اذا كنا مختلفين من هو عدونا، فكيف على الدستور والاصلاحات والوفاق الوطني وعلى مستقبل لبنان، نحن على خلاف في المنطلقات الوطنية ولا بد من توحيد الموقف من هذا الموضوع بالذات، وان المنطلق هو للاتفاق على تقييم واحد لما حصل عبر 33 يوما من الحرب الضارية وثلاثة اسابيع من الحصار القائم، اي حصيلة هذه المحنة التي مر بها لبنان، ان يكون هناك تقييم واحد بين اللبنانيين هو المنطلق الوطني لتوطيد تبيان الوحدة الوطنية التي لا قيامة للبنان من دونها".‏

حوار الساحات‏

سئل: كيف تنظرون اليوم الى حوار الساحات والمهرجانات والردود المتبادلة بين الاطراف؟‏

اجاب:" هذه ظاهرة مؤسفة ومؤلمة جدا، ما سمعناه في الايام الاخيرة، يدعو الى القرف ولا نستغرب ظاهرة الهجرة التي تحصل بين الشباب هذه الايام، الشباب يكاد ان يمقت من مستقبل هذا البلد مع الاسف الشديد امام هذه المشاحنات وهذه الملاسنات وهذه الحملات التي تتعدى حدود التهديد في مرات كبيرة".‏

2006-09-26