ارشيف من : 2005-2008

بعد حرب لبنان: تسونامي في الطريق

بعد حرب لبنان: تسونامي في الطريق

تشهد جميع المؤشرات على أن رئيس الاركان الفريق دان حلوتس يوشك أن يغرق في الطوفان. في واقع الأمر، حلوتس آخذ في فقدان السيطرة على الجيش الاسرائيلي. هيئة القيادة العامة توشك أن تظل في القريب من غير اثنين من قادة أهم المناطق. لكن حقيقة أن حلوتس بُشر أمس في الصباح فوق صفحات "معاريف" بترك قائد المنطقة الشمالية، وتلقى بعد ذلك فقط رسالة الاستقالة، وكل ذلك بعد ايام معدودة من طلب قائد المنطقة الوسطى يئير نفيه ايضا أن يُسرح الى الحياة المدنية، ليست المشكلة الكبرى من ناحيته. الأخطر هو حقيقة أنه لا ينجح في اعادة بناء ثقة القادة من جميع المستويات بالجهاز العسكري عامة، وبه ايضا خاصة.‏

في نظرة الى الوراء، كانت رسائل الاستقالة التي سلمها آدم الى وزير الدفاع ورئيس الاركان محتومة بقدر كبير. لقد عُزل آدم في واقع الأمر عن عمله في أوج الحرب، عندما أهبط حلوتس من فوقه نائبه، اللواء موشيه كابلنسكي، لهذا كان ذلك مسألة وقت فقط الى أن يمضي الى البيت رسميا. آدم، وكذلك ايضا قائد الفرقة 91، غال هيرش، الذي منع آدم عزل حلوتس إياه في اثناء الحرب، التقيا مع حلوتس في الاسبوع الماضي واتفقا معه على استمرار العمل في الفترة القريبة على الأقل، ولكن بمقابل ذلك استمر آدم في التخطيط لتركه المدوّي.‏

حتى هذا الاسبوع، أصاب الشلل الجيش الاسرائيلي. لم يكن حلوتس يستطيع إقالة آدم، وهيرش أو أي ضابط آخر. من جهة ثانية، لا يستطيع رئيس الحكومة ووزير الدفاع ايضا اتخاذ أي خطوات نحو حلوتس نفسه أو مسؤولين كبار آخرين من المستوى العسكري من غير أن تتفشى النار التي أشعلاها نحوهما فورا.‏

وهكذا، بدل استنتاج نتائج حقيقية والبدء بالاستعداد للحرب القآدمة، أصبح الجيش الاسرائيلي جيشا مُطفَئا صدمته المعركة. يخصص قادة كبار زمنا طويلا لجمع مادة من ايام الحرب واعداد ملفات سيدافعون بها عن انفسهم أمام كل لجنة تحقيق ممكنة. الرياح السيئة التي تهب على الجيش الاسرائيلي زرعت الريبة في كل مكان، حتى في الفضاء الضيق، وهو في الجملة بضع عشرات من الأمتار، الذي يفصل بين مكتب رئيس الاركان حلوتس وبين مكتب نائبه كابلنسكي.‏

إن محاولة حلوتس كفّ موجة النقد الطاغية في الجيش الاسرائيلي، بتهديده الألوية بأن يفحص مكالماتهم الهاتفية ليعلم هل يتحدثون الى الصحفيين، فشلت فشلا يشهد بالفوضى فقط.‏

الحقيقة أن حلوتس تلقى الأنماط التي أرادها، لكنه لا يستطيع في الأصل أن يأخذ بخطوات نحو ضباط في جميع المستويات، يُسقطونه ويوجهون التقريع الشديد اليه. إنه ضعيف جدا في هذه اللحظة.‏

...استقالة آدم هي التي بشرت بوصول موجة تسونامي حقيقية الى الشاطئ. كان واضحا قبل الاستقالة أن أول من سيستنتج استنتاجات شخصية سيحظى بفيض من المدائح الاعلامية عن "الشجاعة" و"المثال الشخصي". في الحقيقة أن آدم تمتع بهذا الفضل، لكن في الأمد البعيد لن تشفي هذه الإطراءات الشعور بالفشل والمهانة اللاذعة. ولن يُغير هذا ايضا حقيقة أن له نصيبا في الفشل، حتى لو كان نصيب حلوتس أكبر.‏

على نحو مُفارق، الخطأ الأكبر الذي قام به حلوتس عندما أهبط كابلنسكي فوق آدم يرتد عليه مثل عصا مرتدة. لم يحرز حلوتس بهذا العمل شيئا، لأن كابلنسكي لم يسيطر في الحقيقة على ما كان يجري في القيادة الشمالية في مراحل الحرب الأخيرة، لكن ثمن العزل دُفع كاملا. لقد تبلور في وعي الجمهور أن الحرب اخفاق، وإلا لما استبدلوا قائد المنطقة، أليس كذلك؟ وفوق ذلك، أثار العزل سؤالاً: اذا كان آدم مذنبا، فلماذا لا يكون حلوتس ومسؤولون كبار آخرون كذلك، ولن نتحدث عن رئيس الحكومة ووزير الدفاع؟‏

البئر التي دُفع اليها حلوتس على إثر مبادرة آدم يمكن أن تكون على نحو غير متوقع ايضا طوق النجاة لوزير الدفاع عمير بيرتس، الذي لا يقل وضعه اعوجاجا.‏

حلوتس، الذي قام الى الآن بإجراءات جعلت بيرتس قزما، سيضطر في القريب الى الحصول على اجازته لتعيين قادة مناطق جدد. لكن بيرتس قد يريد تعيين ضباط استقالوا من الجيش الاسرائيلي أو يوشكون على الاستقالة، بشرط ألا يكونوا مقاربين بنحو ما لإخفاقات الحرب. على أية حال، لن يسارع بيرتس الى اجازة أي اسم يأتي به اليه حلوتس. في ظرف ما سيضطر حلوتس الى أن يُدفع جانباً حتى يستقيل، اذا لم يتوصل قبل ذلك وحده الى استنتاج أنه لا يملك مفراً.‏

على أية حال، اذا تجاوزنا قضية مستقبل رئيس الاركان الشخصي، الشيء المصيري في هذه المرحلة هو استغلال التسونامي لتنبيه الجيش الاسرائيلي من الصدمة، ولإدخال بريق جديد في عيون رجاله وإنشاء جو فِعل بدل البكاء المخجل.‏

الانتقاد/ العدد 1181 ـ 23 أيلول/سبتمبر2006‏

المصدر:معاريف/ عمير ربابورت/ 14/9/2006‏

2006-09-27