ارشيف من : 2005-2008
كلام مقصود
مجرد اقتباس في مكان ما من المحاضرة وانتهى الأمر، مع أننا سمعنا من العديد من المراقبين أن هذا الاقتباس لم يكن في السياق الطبيعي للمحاضرة.
فعدا عن كون الذي أطلق هذا الكلام شخصية عالمية يستمع إليها نحو نصف العالم عندما يتحدث، ويضاف إليهم نحو مليار آخرين عندما يكون الحديث عن الإسلام، ما يرتب عليه مسؤولية جدية وكبيرة في كيفية اختيار التعابير ونطقها لا يمكن لنا أن نستكين إلى التبرير الذي ساقه الفاتيكان حول الاقتباس والاستشهاد به، وأن المراد كان هو الحث على منع استخدام الدين كوسيلة للعنف في التحاور مع الآخرين.
إذ أننا لو افترضنا جدلا أن الإسلام يحث على هذه المزاعم ـ وكل العارفين والراسخين في العلم يدركون جوهر التسامح والتراحم واحترام الإنسان كقيمة إنسانية الذي تقوم عليه الديانة الإسلامية ـ لو افترضنا أن ذلك كان قصد البابا من استشهاده، عندها لا بد بنا من التساؤل لماذا تم اختيار الاقتباس عن الإسلام فقط، ومن عصور الجهل الأوروبي، ودم شهدائنا في لبنان لم يجف بعد جراء الوحشية الإسرائيلية، وصور الصلوات الصهيونية التي كان يؤديها جنود العدو وحاخاماته لكل قذيفة وصاروخ ومدفع ودبابة وطائرة شاركت في العدوان علينا، أم أنهم لا يعرفون حيثيات نشوء كيان اغتصب أرض شعب بحجة وشعارات دينية، ثم ماذا عن الحروب الصليبية التي شنتها أوروبا على منطقتنا في تلك العصور المظلمة، ألم تكن باسم الدين؟
ولماذا الذهاب بعيداً في التاريخ، ألم يعلن الرئيس الأميركي جورج بوش حربه على "الإرهاب" من منطلق بأنه مختار من قبل الله عز وجل، فقتل شعوبا ودمر بلادا بدعوى محاربة الشر.
كل ذلك يقودنا إلى أن ما صدر من كلام كان مقصودا، وكان حلقة في تلك الحرب التي أعلنها بوش على الإسلام والمسلمين.
محمد يونس
الانتقاد/ العدد 1181 ـ 23 أيلول/ سبتمبر 2006