ارشيف من : 2005-2008
مأزق الكنيسة
كان همها الأول سحق الشيوعية, فإن انتقال أولويات العداء الأميركي من الشيوعية إلى الإسلام نقل معه أولويات العداء البابوي إلى الإسلام.
وما تصريحات البابا بنديكتوس السادس عشر الأخيرة إلاّ مصداق من مصاديق هذا التماهي بين رأس السلطة الدينية الغربية ورأس حربتها السياسية.
ولا عجب، فبوش يعتقد أنه يقوم بواجب إلهي يملي عليه سحق أهل الدين الإسلامي الذي "يدعو إلى العنف والإرهاب و...".
يأخذنا القول الآنف مباشرة إلى موقف السلطة السياسية من الدين والعكس، ويطرح إشكالية أولوية المصالح السلطوية على التعاليم الدينية, بل أولوية هذه المصالح على ما عداها.
إننا إزاء ثقافة سياسية جديدة تطيح مقولات ومزاعم من مثل علمانية مزعومة في الغرب, وحرية التعبير والفكر والإعلام هناك، فالوقائع تثبت أن كل ما عدا السلطة هو امتداد لها واستطالة لرغباتها، وهذا ما تدل عليه عناوين الصحف ومقالاتها وعناوين الكتب وأسماء البرامج التلفزيونية، وما إلى ذلك من أدوات إعلامية وفكرية ودينية.
الكثيرون من المفكرين يردون سلوكيات البشر وتصرفاتهم السياسية إلى مرجعياتهم الفكرية التي تغتذي من المنابع الدينية شاؤوا أم أبوا.
وعليه فإن أي قرار سياسي لن يتخذ ولن يأخذ طريقه إلى التنفيذ ما لم يجد بيئته الأيديولوجية الحاضنة، وعليه فالبعد الأيديولوجي لم ينتهِ ولن ينتهي في الغرب، وإن ما نشهده من تبعية الديني للسياسي في الغرب لا يعني موت الديني في الغرب، وإنما يبدو أن الكنيسة الكاثوليكية في مأزق علينا مساعدتها على الخروج منه، لأن ما جاء على لسان البابا في الواقع لا يستحق الرد.
وربما كان من المفيد أكثر من الرد على تصريحاته العدائية رصد واستشراف أعداء أميركا المستقبليين، حتى نقرأ اليوم البيانات والتصريحات البابوية الآتية.
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد 1181 ـ 23 أيلول/سبتمبر2006