ارشيف من : 2005-2008
ملايين الكتب ذابت في الركام:"خذ الكتاب بقوة"
على أي كتاب حقوق التلف والحرق لمن، ومن المؤكد أنها فكرة ليست في الوارد، وإذا كانت فهي ليست للصهيوني الذي رمى أطنان حقده على كل شيء صامت وصارخ، وبالطبع لم ينس الكتاب الذي يحضر في كل بيت ومكان.
مكتبات منزلية
قبل أن أسأله عن منزله المدمر باغتني بالقول: "لقد خسرت المكتبة"، انه عصام الذي درس في الخارج فنون الإخراج والتصميم الصحافي والذي جمع كتباً قيمة ونادرة عن الفنون وغيرها.
وأيضاً قبل أن أسأله عن منزله المدمر باغتني مصطفى بالقول: "لقد نجت مكتبتي"، فبرغم التلف القليل في بعض الكتب إلا أن طريقة وضعهم في الخزانة المعدنية حمتهم.. والحمد لله".
سلوى صعب تقول ان كتباً نجت من مكتبتها، انما الأسف كل الأسف هو على المراجع التي كانت قد كدستها في مكان واحد تحضيراً للبدء بكتابة رسالة الماجستير. أما عدنان فقد خسر كتباً عزيزة عليه، منها ما هو موقع من أصحابها، وهم أصدقاء له.
بعد استفهامنا عن سبب الضمادات في كفيه قال الباحث في مركز للدراسات انه هذه المرة يبحث بين دمار منزله عما يمكن أن يعثر عليه من كتب وأوراق وأقراص ممغنطة، بعضها يحتوي على مؤلفات له.
أما الفنان عبد الحميد بعلبكي فقد تعرضت مكتبته في قرية العديسة للنهب والتخريب بعد ان احتلت ثلة من الجنود الصهاينة منزله، فكانت النتيجة فقدان مجموعة من الوثائق التاريخية النادرة وبعض الكتب التي يعود تاريخها الى بدايات القرن الثامن عشر، إضافة الى مخطوطة قديمة من العصر المملوكي. علماً بأن أضراراً جسيمة قد لحقت بمحترف الفنان بعلبكي في منطقة حارة حريك، اذ حطمت القنابل الإسرائيلية فيه مجموعة من المقتنيات الثقافية النادرة، كما أصابت الشظايا جداريته "الحرب الأهلية اللبنانية".
ضمن هذا الإطار ثمة حكايات لا تنتهي عن مكتبات دمرت أو احترقت، أو عن رسائل ماجستير ودكتوراه فقدت، أو حتى عن كتب كانت على وشك الطبع، فأصبحت أثراً بعد عين، والمفارقة ان أعمالاً كهذه كانت موجودة بنسختين ومكانين "احتياطاً"، فتشاء الصدف ان يدمر المكانان.
دور النشر
تسعون داراً للنشر تحتضنها الضاحية الجنوبية كان الضرر من نصيب ثلثها على الأقل، وهنا المشهد يتداخل بين مكان الدار والمطبعة ومكان التخزين، كما هو حال "دار المحجة البيضاء" التي خسرت أيضاً صالة عرض خاصة بالدار تبلغ مساحتها 550 متراً، ويقول صاحب الدار الحاج احمد الخرسا انه "لا يوجد في لبنان والعالم العربي صالة مثلها لأنها لم تكن تضم فقط إصداراتنا، بل كانت تضم أيضاً آخر اصدارات الكتب المغربية والجزائرية والاردنية والفرنسية والايرانية، وما الى هنالك من كتب أخرى".
كما يعد الحاج أحمد الخرسا بإعادة تجميع وبناء وطباعة كل ما دمر، بل في بعض الأماكن سيكون التطوير نحو الأحسن.
من ناحيته يقول صاحب "دار الأمير" محمد حسن بزي إن مستودعات الدار قد دمرت وفيها ما يقارب الثلاثة آلاف عنوان من إصدارات دار الأمير، بينها 27 جزءاًَ من مؤلفات الدكتور علي شريعتي، هذا وتحضر الدار لموسوعة من 1800 صفحة عن حرب تموز، بدأ الاعداد لها منذ انطلاقة العدوان.
يقدر ابو هشام فولادكار صاحب "دار إحياء التراث العربي" خسائره بـ20 مليون دولار بعد تدمير تسعة آلاف متر مربع هي مساحة ثلاث مؤسسات تابعة للدار، بالإضافة الى المطبعة، أما أحمد قصيباتي صاحب "دار ابن حزم" فيقدر خسائره بمليوني دولار، فيما يقدر صاحب "دار الهادي" الحاج صلاح عز الدين خسائره بستمئة ألف دولار بعد سقوط المبنى الذي فيه المكاتب والمستودع.
من ناحيته يقول الحاج أحمد مغنية صاحب "دار ومكتبة الهلال" و"دار البحار" انه استمر طيلة فترة الحرب بالمجيء الى المستودعات ونقل ما تيسر من كتب، علماً أن مجموعة من الأبنية التي تحيط بالدار والمستودع قد سقطت بشكل كامل، ما أدى الى ضرر كبير في الأثاث والكمبيوترات وبعض الكتب والمجلدات، وهناك أقراص ممغنطة قد تلفت، سواء في مقر الدار او حتى في مؤسسات للتنضيد أو الاخراج الفني، يتعامل معها الدار، مع ذلك يقول الحاج احمد مغنية ان الدار في صدد "إصدار" عن حرب تموز 2006 فيه الاعترافات والشهادات الصهيونية بالهزيمة، كما بإعلان انتصار المقاومة.
اذاً هي ملايين الكتب التي أحرقت ودمرت، مع ذلك تشير ردود الأفعال والتحضيرات الميدانية بأن هذه الدور ستقوم بإطلاق معجزة النشر بعد أن قام رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين بإعلان "معجزة الإعمار" حيث سنرى الضاحية قريباً في طبعة جديدة ومنقحة.
عبد الحليم حمود
الانتقاد/ العدد 1181 ـ 23 أيلول/سبتمبر2006