ارشيف من : 2005-2008
رمضان التحرري
الصفحة لنقرأ في ثنايا الشهر الفضيل ما يصقل الروح ويهذّب النفس، ويترافق مع متعة روحية خالصة يغيب خلالها الإنسان في السماء الإيمانية.
هكذا تتوالى الأيام، تصحح اللاحقة منها السالفة، وتستبدل الشك باليقين، ويغدو شهر رمضان مدخلاً واسعاً للإيمان بالله، و يغدو هذا الإيمان أشبه باكتشاف, اكتشاف يتضمن بعداً شاعرياً ينطوي على تأويل ومتخيّل خصيب يسرد فيه الإنسان على نفسه حكاية الإيمان وغايته والفطرة البريئة التي تدفع به ليجوع ويعطش ليرضى ربه عنه، فيعيد صراع الخير والشر إلى بداياته، معيداً بذلك صناعة الملاحم الأسطورية، ولكن ليس بين الإنسان والقوى الخارقة التي نسجتها الأمم الخالية، وهي تتدرج في المدارج الأولى للعقل البشري، وإنما تحكي ملحمته الحياتية والمعيشية وصراعه مع شروط تحققه في واقع صعب يفترض الكثير من الصراعات المنظورة وغير المنظورة, المعلنة والمسكوت عنها.
شهر رمضان بهذا المعنى أشبه بنهر يستحم فيه المؤمنون مرةً واحدة في العام. مرةً بثلاثين شوطاً, في كل شوط من هذه الأشواط يبيع المؤمن نفسه لله, ويسلم قياده لرب العالمين، فيتحرر من سلطان الأرض ليلتصق بسلطان السماء.
إننا إزاء فعل تحرري بامتياز، تحرر من الموروث الاجتماعي والثقافي...
من الناحية الاجتماعية يمكن للإنسان بشيء من الصبر أن يتحرر من عاداته الاجتماعية السلبية.
أما من الناحية الثقافية فهل يمكن للمثقف أن يتخلص في قراءته النقدية للنص من الموروث الثقيل؟
هل يمكنه أن يتحرر من الماضي الذي أنتج هذا الموروث لكي تغدو القراءة قراءات كل منها بصيغة المفرد كي تغني وتضيف بدل أن يبقى كلامنا هكذا يراوح مكانه؟
حسن نعيم
العهد الثقافي/ العدد 1182ـ 29 أيلول/ سبتمبر 2006